مثبطات الشهية ليست جديدةً، وغالبًا ليست آمنةً أيضًا.
أظهرت العديد من الدراسات أنّ الأدوية التي تُثبط شهيتنا لتناول الطعام ليست جيدةً لصحة قلبنا.
ومع ذلك فقد يتغيّر كل هذا، إذ أشار العلماء إلى أوّل دليلٍ سريريٍّ على عقارٍ يحقّق خسارةً في الوزن دون تعريض الجهاز القلبيّ الوعائيّ للخطر.
تقول المُختصة في أمراض القلب الدكتورة إيرين بوهولا من بريغهام ومستشفى أمراض النساء في بوسطن ماساتشوستس: «أوضحت الدراسة للمرّة الأوّلى بطريقةٍ دقيقةٍ أنّ دواء إنقاص الوزن هذا والذي يُساعد الناس على إنقاص وزنهم دون التسبّب في زيادة أيّ اضطرابٍ سلبيٍّ في الجهاز القلبيّ الوعائيّ في مجتمعٍ يتعرض للإصابة بالأزمات القلبيّة والسكتات الدماغيّة بكثرةٍ».
تتحدث بوهولا عن عقار (lorcaserin) -الذي يباع في الولايات المتحدة تحت الاسم التجاريّ (Belviq)- الذي يثبّط الشهيّة من خلال تفعيل مستقبلات السيروتونين في الدماغ والتي تعزّز بدورها الشعور بالشبع.
في حين تمّت الموافقة على عقار (Belviq) كدواءٍ لإنقاص الوزن من قبل إدارة الأغذية والعقاقير في عام 2012، لم يكن هنالك أيّ بيانٍ من قِبَلِهم حول حدوث مضاعفاتٍ لذلك العقار على المدى الطويل، لكونها أحد المشاكل الخطيرة خصوصًا في ظلّ المخاطر الصحية التي عانى منها مرضى فقدان الشهية».
وقالت بوهولا لوكالة أسوشييتد بريس: «إنّ المرضى وأطباءهم كانوا قلقين بشأن استخدام تلك العقاقير لعلاج السمنة، لسببٍ وجيهٍ ألا وهو تاريخ هذه الأدوية السابق في إحداث مضاعفاتٍ خطيرةٍ».
للتأكّد ممّا إذا كان (lorcaserin) سيؤدي إلى المشاكل نفسها كأسلافه، أجرت بوهولا وفريقها تجربةً سريريّةً لسنواتٍ عديدةٍ، فقد أجروا اختبارًا على 12000 مريضٍ يبلغ معدل أعمارهم 64 عامًا ويعانون من السمنة المفرطة أو البدانة، إذ أعطى الفريق نصف المرضى جرعةً من ذلك العقار مرتين يوميًا، وقاموا بإعطاء النصف الآخر جرعةً من دواءٍ وهميٍّ -أي أنّه دواء ليس له أيّ فعاليةٍ أو تأثيرٍ على السمنة-.
في نهاية التجربة التي خضع فيها المشاركون للمراقبة لمدة متوسطها 3.3 سنة، تبين أنّ أولئك الذين أخذوا (lorcaserin) بالإضافة إلى خضوعهم لتعديلاتٍ في نمط حياتهم قد خسروا تقريبًا 4 كيلوغراماتٍ، أي ضعف ما حقّقه الذين تناولوا الدواء الوهميّ.
لكنّنا نعلم بالفعل أنّ (lorcaserin) مثل غيره من مثبطات الشهية الأخرى، فقد نجح في خفض الوزن (بشكلٍ متواضعٍ)، وكانت النتيجة الأهم هي أنّ المشاركين خسروا الوزن بشكلٍ دائميٍّ، في حين أنّه لم يرفع من مخاطر الحوادث القلبيّة الوعائيّة.
وطوال فترة الدراسة واجه 6.1% من المجموعة التي أخذت (lorcaserin) اضطراباتٍ قلبيةً وعائيةً، وتلك النسبة تقارب نسبة الأشخاص الذين عانوا من الاضطرابات ذاتها من مجموعة العلاج الوهميّ.
في حين أنّ لا أحد يقترح تغيير نمط الحياة كطريقة علاجٍ أساسيّةٍ لمعظم المرضى الذين يعانون من زيادةٍ في الوزن، فإنّ عقارًا آمنًا لإنقاص الوزن كهذا يمكن أن يوفر خيارًا ثالثًا ضروريًا بين تعديل النظام الغذائي والتمارين والتدخلات الجراحيّة مثل علاج البدانة بطريقة تكميم المعدة.
وقال رئيس منتدى السمنة الوطنيّ البريطانيّ تام فراي الذي لم يكن مشاركًا في البحث لرابطة الصحافة: «أعتقد أنّه هو الحل الذي يبحث عنه الجميع».
ولا بُدَّ الإشارة إلى أنّ بعض المشاركين الذين تناولوا الدواء أثناء التجربة كانوا يعانون من آثارٍ جانبيّةٍ مزعجةٍ، بما في ذلك الدوار والإرهاق والصداع والغثيان والإسهال.
يزعم البعض أنّنا ما زلنا بحاجةٍ إلى دراساتٍ إضافيّةٍ طويلة الأمد لتأكيد هذه النتائج بعد فترة الدراسة التي دامت 40 شهرًا، وهذه نقطةٌ مهمةٌ يجب علينا أخذها بعين الاعتبار.
ولكن بالنسبة للعديد من المرضى الذين يعانون من زيادة الوزن والبدانة، فإنّ الدواء الذي يُكلِّف ما بين 220 إلى 290 دولارٍ في الولايات المتحدة، يمكن أن يُقدّم في النهاية كدواءٍ يساعد البدناء على إنقاص وزنهم بأمانٍ تامٍ، دون تعريض قلوبهم للخطر.
وقال طبيب القلب ستيفان آخينباخ من جامعة إيرلانغن بألمانيا، والذي لم يكن مشاركًا في البحث: «كنا خائفين للغاية من الأدوية القديمة بسبب أذيتها لصمامات القلب، لذلك نحن نعتبر هذا الدواء دواءً آمنًا».
- ترجمة: كنان مرعي
- تدقيق: رند عصام
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر