اكتشاف جسم غير متوقع يدور حول مجرتنا! فما هو؟
اكتشف العلماء مجرَّةً قزمةً مختفيةً تدور حول مجرة درب التبانة ـ وقد يغير هذا الاكتشاف فهمنا لكيفية حفاظ المادة المظلمة على المجرَّات مع بعضِها.
وسببُ بقاءِ هذه المجرة مختفيةً هو أنها ضعيفةٌ وباهتةٌ بشكلٍ لا يُصدَّق ـ في الواقع، إنها أضعفُ مجرَّةٍ تابعة تم رصدها حتى الآن. وهذا الاكتشاف يوحي بوجود العديد من المجرات المظلمة كامنةً في الفضاء.
وبمعرفة المزيد عن المجرات التابعة لمجرتنا يمكن أن نفهم أخيرًا كيفية تَشكُّل المجرات، والدور الغامض الذي تلعبه المادة المظلمة في ربط كل شيءٍ معًا.
وتوجد بالفعل نحو 50 مجرةً نعرفها تدور حول مجرتنا، ومن بينهم 40 مجرةً خافتة، الشيء الذي يضعهم في فئةٍ تسمى المجرات الكروية القزمة (dwarf spheroidal galaxies). وقد يبدو هذا العدد (50 مجرة) كبيرًا، لكن المشكلة هي أن فهمنا الحالي للمادة المظلمة وكيفية مساعدتها في تشكّل المجرات يوحي بأنه ينبغي أن تكون المئات من المجرات تدور حول مجرتنا.
وهذا ما يُعرَف بمشكلة التوابع المفقودة missing satellite proble، وحتى الآن، لم يستطع علماء الفلك معرفة ما يحدث ـ قد يكون فهمنا للمادة المظلمة خاطئًا، أو قد تكون مجموعةٌ كبيرةٌ من هذه المجرات التابعة مختبئة. وتشير الأبحاث الآن إلى أنَّ الاحتمال الثاني متوقَّعٌ بشكلٍ أكبر.
وحتى وقتٍ قريب، لم تكن لدينا القدرة على الكشف عن أية مجراتٍ بقدرها المطلق (absolute magnitude) أقلَّ خفوتًا من -8. “القدر المطلق هو سطوع جسم سماوي كما لو تتم رؤيته على بعد 10 فراسخ فلكية (10 parsecs (أي 32.6 سنة ضوئية”
على سبيل المقارنة، القدر المطلق في نطاق الموجات البصري (نطاق الموجات الذي يمكننا رؤيته) في مجرة الأندروميدا أو المرأة المسلسلة هو -21.77، وفي سحابة ماجلان هو -18.35.
وحيث أن -8 خافتٌ جدًّا، فهذه المجرة التابعة التي تم اكتشافها حديثًا مظلمةٌ أكثر من ذلك، حيث يبلغ قدرها المطلق -0.8، مما يجعلها أكثر مجرةً خافتةً تم اكتشافها حتى الآن.
وقد أُطلق على هذه المجرة التابعة اسم “فيرغو 1 VIRGO 1” أي العذارء 1 لأنها تقع في اتجاه كوكبة العذراء في سَمَاءِنا ليلًا.
وتم اكتشاف فيرغو 1 باستعمال تلسكوب سوبارو (Subaru Telescope) في هاواي، وبفضل فتحته الكبيرة، بإمكانه أن يأخذ ضوءً أكثر من التلسكوبات الأخرى.
وكان تلسكوب سوبارو قادرًا على مسح نطاقٍ واسع من السماء ليلًا باستخدام أداةٍ تسمى الكاميرا العملاقةHyper Suprime-Cam (HSC)، والبحث عن مناطقَ أكثر كثافةً بالنجوم. وبذلك كان قادرًا على فحص تلك المناطق بعنايةٍ للبحث عن أدلةٍ على مجرَّاتٍ خافتةٍ جدًّا.
وبناءً على هذه البيانات، تمكَّن من عزل هذه المجرة القزمة الخافتة “فيرغو 1″، والتي يبلغ قطرها 248 سنةً ضوئية، وتبعد عن الشمس ب 280.000 سنةً ضوئية.
” لقد درسنا بعنايةٍ بيانات المسح الاستراتيجي لتلسكوب سوبارو بالكاميرا العملاقة HSC، ووجدنا كثافةً زائدةً للنجوم في فيرغو1 بشكلٍ واضحٍ مع دلالةٍ إحصائيةٍ مهمة، مُبَيِّنًا نموذجًا مميزًا لنظامٍ نجميٍّ قديم في مخطط هرتزبرونج –راسل (مخطط يبين العلاقة بين القدر المطلق و لون النجوم )”، يقول دايسوكي هوما، أحد الباحثين من جامعة طوهوكو باليابان.
بشكلٍ مفاجئ، يعتبر هذا من أكثر التوابع خفوتًا، حيث يبلغ قدره المطلق -0.8 في نطاق الموجات البصري. و هذا التابع هو عبارةٌ عن مجرَّةٍ، لأنَّ نصف قطره يساوي 124 سنة ضوئية ـ أكبر من عنقود كروي (globular cluster) له لمعانٌ مماثل”.
والمثير في الأمر، أننا الآن نعرف كيفية رصد هذه المجرات الخافتة جدًّا، وقد نكون على وشك اكتشاف المزيد منها. وهذا قد يُظهِر أنَّ فهمنا للمادة المظلمة وتطور المجرات كان صحيحًا بعد كل شيء.
“هذا الاكتشاف يعني أن مئات المجرات القزمة الخافتة تنتظر أن يتم اكتشافها في هالة مجرة درب التبانة”، يقول رئيس الباحثين ماساشي شيبا.
“ما هو عدد التوابع الموجودة هناك في الواقع وما هي خصائصها؟ هذا سوف يعطينا فكرةً كبيرةً عن كيفية تشكُّل مجرة درب التبانة وكيف ساهمت المادة المظلمة في ذلك”
هذا الاكتشاف الوحيد ليس كافيًا لمعرفة ما الذي يحدث في الواقع، لكنَّ الفريق سيستمر في استخدام تلسكوب سوبارو من أجل البحث عن المزيد من التوابع الخافتة.
على كل حال، نحن نتطلع إلى معرفة ما الذي يختبئ هناك في الظلام، و يدور حول مجرتنا.
البحث تم نشره في مجلة Astrophysical Journal ويمكنكم قراءته بالكامل هنا
ترجمة: محمد أمين امكرود
تدقيق بدر الفراك