اعتقد العلماء سابقًا أن 99.8% من النيازك التي اصطدمت بكوكب الأرض مصدرها اضطرابات في حزام الكويكبات الذي يقع في المنطقة بين المريخ والمشتري، لكن في دراسة جديدة تضمنت تحليل 8.484 كيلوجرام من الصخور الرسوبية المستخرجة من قاع المحيطات والبحار، وجدوا أن الاصطدامات التي تحصل داخل الحزام لا تؤثر في كمية النيازك التي تضرب الأرض.
البحث في أصل النيازك وأنواعها
لا يُعد تعقب النيازك ودراسة تاريخها أمرًا سهلًا بسبب ندرة حوادث اصطدام الأجسام الضخمة التي تُخلف فوهات وحفرًا كبيرة، إذ تتحطم معظم الصخور الفضائية عند اصطدامها بالغلاف الجوي الأرضي وتسقط أجزاء الحطام الصغيرة على سطح الأرض.
شكّل هذا الحطام -وهو شظايا صغيرة لأحجار نيزكية دقيقة محفوظة في الطبقات الرسوبية للقشرة الأرضية- هدفًا لعالم الجيولوجيا بيرجير شميتز وزملاءه، فاستخرجوا آلاف الكيلوجرامات من الأحجار الكلسية من قيعان البحار في الصين وروسيا والسويد التي يُفترض أنها تحوي ذلك الحطام.
جدير بالذكر أن الأحجار الكلسية التي استُخرجت تُمثل 15 حقبةً زمنية منذ بدء الحياة الظاهرة، أي منذ ظهور الكائنات الحية المركبة لأول مرة.
المرحلة الثانية بعد استخراج تلك الأحجار هي إذابتها في حمض، وذلك لاستخراج كروم الإسبينل الذي يتكون من جزيئات صغيرة من أكسيد الكروم وهو المعدن المقاوم للتحلل والموجود في النيازك.
يقول بيرجير شميتز عن ذلك: «استخرجنا أكسيد الكروم من نحو 10000 نيزك مختلف، وعبر التحليل الكيميائي استطعنا تحديد أنواع تلك النيازك».
نتائج البحث
كانت نتائج البحث مذهلةً، إذ أظهرت أن النيازك تدفقت بثبات مشابه لتدفقها في عصرنا الحاضر، ولم تنتج عن اضطرابات مفاجئة. وأظهرت أيضًا أن النيازك المتدفقة معظمها من النيازك الكوندريتية -نيازك حجرية لا معدنية- وفوجئ العلماء بزيادة في كمية هذا النوع من النيازك.
يرتبط تشكل النيازك الكوندريتية بتفكك نيزك ضخم يُعرف بالجسم الأم إل-كوندريت قبل نحو 466 مليون سنة، وهو نيزك يحتوي على نسبة حديد منخفضة.
في أثناء ذلك، وبعد تفكك النيزك الضخم، ازداد تدفق النيازك بنسبة أكبر وكانت نسبة 99% من جزيئات أكسيد الكروم التي درسها العلماء تعود إلى ذلك النيزك الأم، إضافةً إلى أن ثلث النيازك التي تنهمر على كوكبنا في الوقت الحاضر تعود إليه أيضًا.
عقّب العالم بيرجير شميتز على نتائج البحث بقوله: «لقد ذُهلنا جدًا بعد معرفة أن واحدًا فقط من أصل 70 تصادمًا بين الكويكبات منذ 500 مليون عامًا كان السبب في زيادة تدفق النيازك نحو كوكبنا».
الخلاصة
توجد 190 مليون سنة بين العصر الكربوني وبداية العصر الجوراسي، ولا توجد بيانات متوفرة عن إسبنيل الكروم، ونعلم أيضًا عن تأثر الأرض بتحطم أحد الكويكبات في تلك الفترة.
أما العينات التي حصل عليها الفريق المشارك في الدراسة فإن معظمها يعود إلى العصر الطباشيري ولم تظهر زيادة في تدفق هذا النوع من النيازك.
في النهاية، نحن بحاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم التناقضات المرتبطة بتدفق النيازك نحو كوكبنا، وتمثل الأبحاث الحالية أسلوبًا جديدًا لفهم تاريخ اصطدام النيازك بالأرض وتوقع النيازك التي سوف ترتطم بها مستقبلًا.
ويختم شميتز: «توفر هذه الدراسة شرحًا هامًا نستطيع استغلاله لحماية كوكب الأرض، إذ يمكن في المستقبل أن يمتد تأثير اصطدام كويكب صغير في البحر قرب منطقة مأهولة إلى نتائج كارثية».
اقرأ أيضًا:
ماذا لو أن مركز مجرتنا لا يحتوي على ثقب أسود كما نظن؟
دليل على نشاط البراكين في كوكب المريخ يعزز صلاحيته للسكن
ترجمة: ربيع شحود
تدقيق: لبنى حمزة