تُعد عملية تراكم اللوبحات (plaque) في شرايين القلب الجزء المؤسف في مرحلة الشيخوخة، ولكن من خلال دراسة التركيب الجيني للأشخاص الذين يحافظون على شرايينهم سليمة في سن الشيخوخة، حدّد الباحثون بقيادة الدكتور جوناثان شيسلر بجامعة نورث كارولينا، الأساس الجيني المُحتمَل لمرض الشريان التاجي، فضلاً عن فرص جديدة محتملة للوقاية.
ووفقًا للبحث الذي نُشر في دورية (American Journal of Pathology)، لاحظ الباحثون وجود البروتين (CXCL5) بمستويات أعلى بكثير في كبار السن الذين يتمتعون بشرايين قلبية أكثر صحة.
يقول دكتور شيسلر الأستاذ المساعد في علم الأدوية: “يبدو أن بروتين (CXCL5) يلعب دورًا هامًا في الوقاية من أمراض الشرايين التاجيّة، وكلما كان لديك المزيد من (CXCL5)، كانت الشرايين التاجية أكثر صحة”.
وتشير نتائج الدراسة إلى أنّه قد يكون هناك أساس وراثي لأمراض الشرايين التاجية، وأن بروتين (CXCL5) قد يمثل فائدةً علاجيةً لمكافحة المرض.
لقد قام شيسلر وزملاؤه بتحليل عينات الدم وفحوص القلب لعدد 143 شخصاً فوق سن الـ 65 عامًا، وتمت إحالتهم إلى مركز جامعة نورث كارولينا الطبي؛ لفحص القلب والأوعية الدموية وكشف التحليل أنّ الأشخاص الذين لديهم شرايين سليمة كانت مستويات بروتين (CXCL5) أعلى لديهم بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى المتغيرات الجينية بالقرب من جين (CXCL5)، وذلك بالمقارنة مع الأشخاص الذين يعانون من انسداد الشرايين التاجية ولديهم المزيد من الترسبات.
أظهرت الدراسة أن المرضى أصحاب الشرايين التاجية السليمة دون أي انسدادٍ، لديهم مستويات أعلى من (CXCL5) (اللون الأزرق)، مقارنة بالمرضى الذين لديهم مستويات معتدلة (اللون الأخضر)، أو مستويات أقل من( CXCL5) (اللون الأصفر) كما هو موضح في الشكل التالي:
ويؤكّد مختبر شيسلر أنّ أمراض الشرايين التاجية هي السبب الأكثر شيوعاً للنوبات القلبية، والسبب الرئيس للوفاة في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من زيادة الوعي بعوامل خطورتها وخيارات العلاج المتاحة، ظلت أمراض الشرايين التاجية تحديًا مستمرًا في مجال الصحة العامة.
وربطت الدراسات السابقة بروتين (CXCL5) بحدوث الالتهاب، مما دفع بعض الباحثين لافتراض أنّ البروتين ضار، ولكن تشير الأبحاث الأخيرة في الفئران إلى أنّ البروتين يمكن أن يساعد على الحد من تراكم اللويحات العصيدية عن طريق تغيير بنية الدهون والكولسترول التي تستقر في شرايين القلب، وتقدم نتائج شيسلر أول دليل على أنّ (CXCL5) يمكن أن تلعب دورًا وقائيًا للعديد من المرضى، على الأقل في سياق الحديث عن أمراض الشرايين التاجية.
وبالإضافة إلى تقديم أدلّة حول كيفية تطوّر أمراض الشرايين التاجية، تفتح الدراسة إمكانيات جديدة للوقاية والعلاج، فعلى سبيل المثال: قد يكون من الممكن تطوير دواءٍ يحاكي تأثير (CXCL5) أو يزيد من إنتاجه الطبيعي بالجسم؛ للمساعدة في منع أمراض الشرايين التاجية لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بها، ويمكن حتى أن يُستفاد من البروتين في وضع منهجية جديدة، غير التدخل الجراحي للمساعدة في علاج انسداد الشرايين.
يقول شيسلر: “هناك تطبيق آخر محتمل لنتائجنا ألا وهو استخدام (CXCL5) بصفة علامة حيوية لتطور أمراض الشرايين التاجية، على الرغم من أنّ هدفنا لم يكن اكتشاف المؤشرات الحيوية التي قد يكون لها تطبيقات من حيث التشخيص أو الإنذار بتطور المرض، إلا أنّه أصبح ممكنًا الآن ويستحق الاستكشاف”.
إنّ أحد قيود الدراسة هو أنّه نظرًا لأن جميع المشاركين أحيلوا إلى فحص القلب، فإنّ الدراسة لم تشمل أشخاصًا أصحاء؛ لذلك هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد دور(CXCL5) في تطوّر أمراض القلب، واكتشاف فرص لتطوير عقاقير العلاج.
وعلى الرغم من أنّه لازالت الأبحاث في مرحلة مبكرة, إلا أنّ اكتشاف دور هذا البروتين يعطي فريق الباحثين الأمل في معركة تستحق القتال من أجل تطوير عقارٍ جديدٍ يعالج أمراض الشرايين التاجية.
ويختتم دكتور شيسلر، قائلًا: ” لقد فقدت جدي وجدتي بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، واحد منهما في وقت مبكر حتى أننّي لا أملك أي ذكريات معه، وكان هذا بمثابة القوة الدافعة بالنسبة لي، ليس فقط لفهم أمراض القلب، ولكن أيضًا للعثور على العلاج الذي يسمح للناس بأن يعيشوا حياة صحية، وحياة أطول”.
- ترجمة: علي أبو الروس
- تدقيق: رجاء العطاونة
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر