حقَّق علماء الآثار إنجازًا باهرًا باكتشافهم رسمًا بشريًا يعود إلى 70 ألف سنة، ما يجعله أقدم رسمٍ بشريٍّ مُكتشَفٍ إلى الآن.
نُشرَت النتائج في مجلة Nature، حصل هذا الاكتشاف في كهف Blombos الذي يقع على الساحل الجنوبي لجنوب إفريقيا، قاد هذا البحث البروفيسور (كريستوفر هينشلوود -Christopher Henshilwood) من جامعة بيرجين في النرويج.
يُعتقد أنًّ هذا الكهف سُكِن مؤقتًا من قِبل *«الصيادين الجامعين» لمدة أسبوعٍ أو أسبوعين منذ زمنٍ بعيدٍ جدًّا.
*الصيادون الجامعون: مجموعةٌ من البشر الأوائل الذين اعتمدوا على جمع النباتات وصيد الحيوانات لتأمين طعامهم.
يتألف هذا الرسم من نمط خطوطٍ متقاطعة مؤلفٍ من ستة خطوطٍ تتقاطع مع ثلاثة خطوطٍ على صفيحةٍ رقيقةٍ من الجس، وبهذا وُصِف هذا الشكل بـ «هاشتاغ #» العصر الحجري.
يبدو أنَّ هذا الشكل كان أكبر بالأصل، فالخطوط تنتهي فجأة؛ وربما كان هذا الشكل أكثر تعقيدًا، يعتقد الفريق أنّه صُنع بطباشير *مُغْرَة مُدبّبة برأس بعرض 1-3 ملم.
*مُغْرَة: صباغٌ ترابيّ يحتوي على أكسيد الحديد غالبًا يكون مع الصلصال (الطين)، وله عدة ألوان الأصفر والأحمر والبني والبنفسجي.
قال الدكتور هانشيلوورد: «إنَّه بالتأكيد تصميمٌ تجريديّ، ومن المؤكد تقريبًا أن يكون له معنى بالنسبة لصانعه.
إنَّه أيضًا دليلٌ على قدرة البشر الأوائل على تخزين المعلومات خارج الدماغ البشريّ».
يستضيف هذا الكهف الخاص عددًا من التحف البشرية التي يعود تاريخها إلى ما بين 70 و100 ألف عام، تشمل التحف مجموعة أدواتٍ مع صدفتين مليئتين بالداخل بمادة غنيةٍ بالمغرة، وهي مادةٌ مشابهةٌ للطلاء الأحمر، ما يُثبت أنَّ أسلافنا عرفوا كيفية صنع الطلاء منذ مئة ألف عام.
قال الباحثون: «هذا الاكتشاف يسبق أقدم الرسومات المجردة والرمزية بما لا يقل عن 30 ألف سنة».
وقد استخدموا التحاليل الكيميائية والمجهرية للتأكّد من أنّ هذه الرسومات صنعتها أيادٍ بشرية، ما يدل على أنَّ (الإنسان العاقل – Homo sapiens) في إفريقيا الجنوبية كان متطوِّرًا من الناحية السلوكية.
كتب الباحثون: «يُثبت هذا الاكتشاف أنَّ الرسم كان جزءًا من الذخيرة السلوكية عند السكان الأوائل للإنسان العاقل في جنوب إفريقيا.
إنَّها تُظهر قدرتهم على تطبيق تصاميم صُوَرية على وسائط مختلفة باستخدام تقنياتٍ مختلفة».
وقد أظهرت اكتشافاتٌ أخرى في كهف بلومبوس أنَّ البشر هناك يمكن أن يصنعوا الطلاء (ويستخدموا الفرشاة للطلاء)، وينقشوا تصاميم مجردة، ويصنعوا *خرزات من الأصداف والقواقع.
وُصف هذا الاكتشاف الأخير بـ «القدم الرابعة للطاولة» من قِبل البروفيسور هينشيلوود، فهو يثبت قدرتهم على الرسم، هذه نتيجةٌ مثيرةٌ للغاية، تعطينا فكرة رائعة عن قدرات البشر الأوائل.
قد لا نعرف أبدًا المعنى الدقيق لهذا الرسم، لكن ما نعرفه أنَّ هذا العمل الفني البدائي يعود إلى شخصٍ ما على الأقل.
- ترجمة: محمد حسين
- تدقيق: تسنيم المنجّد
- تحرير: زيد أبو الرب