في إنجاز يُشبه خيمياء العصور الوسطى، استخدم العلماء شعاعًا من بخار التيتانيوم لابتكار أحد أثقل العناصر على وجه الأرض، قد تمهد هذه الطريقة الجديدة الطريق نحو إنتاج عناصر أثقل.

لأول مرة، نجحت هذه التقنية الحديثة -إذ تُسخن كتلة من النظير النادر تيتانيوم 50 إلى نحو 1650 درجة مئوية، لإطلاق أيونات تُوجَّه نحو عنصر آخر- في إنتاج عنصر فائق الثقل، وهو الليفرموريوم.

صُنع الليفرموريوم أول مرة عام 2000، ولا يُعد أثقل عنصر صنعه البشر، هذا اللقب يخص الأوغانيسون الذي يحمل الرقم الذري .118

إذًا ما الأهمية الكبيرة التي قد يرى المهتمين بالكيمياء أنها مبررة لتوليد ذرات قليلة من الليفرموريوم مؤخرًا في مختبر لورنس بيركلي الوطني؟

يعد الكثيرون الليفرموريوم (موضة الألفية) إذ يمتلك 116 بروتونًا فقط.

مزج شعاع التيتانيوم مع البلوتونيوم لتكوين الليفرموريوم هو تجربة تمهيدية لأهداف أكبر. إذ يأمل العلماء في إنتاج عنصر سيكون الأثقل على الإطلاق، وهو الأنبينيليوم الذي يحوي 120 بروتونًا.

تقول رئيسة البحث، عالمة الكيمياء النووية جاكلين غيتس من مختبر بيركلي: لم يُثبت هذه التفاعل من قبل، وكان من الضروري التيقن من إمكانية تحقيقه قبل الشروع في محاولتنا لصنع العنصر .120

الكالسيوم 48، الذي يحوي 20 بروتونًا، الخيار الأوضح لأشعة الجسيمات، إذ يضم عددًا سحريًا من البروتونات والنيوترونات يمنحه ثباتًا أكبر، ما يسهل عملية اندماجه مع الهدف.

أما التيتانيوم 50، فيضم 22 بروتونًا، تكفي للوصول إلى الأوزان الذرية الأثقل، دون أن يكون ثقيلًا لدرجة تفككه.

تشرح الفيزيائية جينيفر بور من مختبر بيركلي: كانت هذه خطوة أولى مهمة، إذ أردنا تجربة صنع عنصر جديد بطريقة أسهل قليلًا، لاختبار مدى تأثير الانتقال من حزمة كالسيوم إلى حزمة تيتانيوم على معدل إنتاج هذه العناصر. يُثبت إنتاج العنصر 116 باستخدام التيتانيوم نجاح هذه الطريقة، ما يتيح لنا الآن التخطيط للسعي نحو إنتاج العنصر .120

استغرق الفريق 22 يومًا من العمل في السايكلوترون ذي القطر 88 بوصة في مختبر بيركلي، الذي يُسرع الأيونات الثقيلة للتيتانيوم إلى أشعة قوية بما يكفي للاندماج مع الهدف، مع ذلك، كانت النتيجة ذرتين فقط من الليفرموريوم.

إن إنتاج عنصر الأونبينليوم بهذه الطريقة، بتوجيه الحزمة إلى الكاليفورنيوم 249، سيكون أسرع بكثير مما كانت تتيحه المسارات السابقة، لكنه ما زال يتطلب جهدًا مضنيًا.

يقول الفيزيائي النووي راينر كروكن من مختبر بيركلي: نعتقد أن عملية إنتاج العنصر 120 ستستغرق نحو 10 أضعاف الوقت الذي استغرقه إنتاج العنصر 116.

يمثل ذلك عودة مختبر بيركلي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية إلى سباق العناصر فائقة الثقل، وهو المختبر الرائد في اكتشاف العناصر في القرن العشرين.

يسابق العلماء حول العالم منذ عام 2006 على الأقل لإنتاج عنصر الأونبينليوم، إذ قامت مجموعة روسية في معهد البحث النووي المشترك بأول محاولة. وقام العلماء في مركز جيسي هلمهولتز لأبحاث الأيونات الثقيلة في ألمانيا بعدة محاولات بين عامي 2007 و2012، لكنها لم تكلل بالنجاح.

الآن، مع دخول باحثين من الولايات المتحدة والصين وروسيا المنافسة، يتساءل المرء بشأن التطبيقات المستقبلية المحتملة لهذه العناصر.

يقع العنصر 120 بالقرب من (جزيرة الاستقرار النظرية)، وهي بمنزلة جنة للعناصر فائقة الثقل، إذ تعيش هذه العناصر فترات طويلة بفضل الأرقام السحرية من البروتونات والنيوترونات.

من المتوقع أن تتيح هذه العناصر فائقة الثبات للعلماء فرصة لدراسة أقصى حدود السلوك الذري، واختبار نماذج الفيزياء النووية، ورسم حدود النوى الذرية.

اقرأ أيضًا:

ما أثقل عنصر كيميائي في الكون؟

ما الذي سيحدث عندما ينفد مخزون كوكبنا من عنصر الهيليوم؟

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: نور حمود

المصدر