يقترب العلماء من اكتشاف إشعاع هوكينج، وهو إشعاع حراري محيّر يُعتقد أنه ينشأ من أفق حدث الثقب الأسود. يُعد استيعاب مفهوم هذا الإشعاع أمرًا صعبًا، ناهيك بإيجاده.
يشير اقتراح جديد إلى إنشاء نوع خاص من الدائرة الكمومية لتؤدي دور «ليزر الثقب الأسود»، وتحاكي بعض خصائص الثقب الأسود أساسًا. مثل دراسات سابقة، فإن الهدف من ذلك هو إمكانية مراقبة إشعاع هوكينج ودراسته دون الحاجة إلى دراسة ثقب أسود حقيقي.
المبدأ الأساسي بسيط نسبيًا، فالثقوب السوداء هي أجسام تشوه الزمكان بشدة لدرجة أنها لا تسمح لأي موجة ضوء بالإفلات منها. إذا استبدلنا بالزمكان مادة أُخرى مثل الماء وجعلناها تتدفق بسرعة كافية لتصبح الأمواج التي تعبر من خلالها أبطأ من أن تفلت، فبهذا نكون قد حصلنا تقريبًا على نموذج بدائي لثقب أسود.
قد تتضمن الأمثلة نوعًا من الثقب الأسود العكسي يُسمى «الثقب الأبيض»، حيث يمكن الأمواج الإفلات، لكنها لا تستطيع الدخول.
اقترح الباحثون في أحدث محاولة لتصميمه استخدام مادة ذات تركيب غير متوفر في الطبيعة، مُعدلة لتسمح للجسيمات داخله بالحركة أسرع من الضوء الذي يمر عبره.
قال عالم الفيزياء من جامعة هيروشيما هارونا كاتاياما: «تتيح المادة الفائقة لإشعاع هوكينج السفر ذهابًا وإيابًا بين الآفاق».
يهدف ذلك إلى تضخيم إشعاع هوكينج بما يكفي لقياسه. استخدم كاتاياما ما يُسمى تأثير جوزفين لتحقيق ذلك، وهو ظاهرة ينشأ فيها تدفق مستمر للتيار لا يتطلب أي جهد.
يعِد هذا الاقتراح بالتفوق على المحاولات السابقة لوضع نظرية عن الشكل الذي قد يبدو عليه ليزر الثقب الأسود، باستخدام الطاقة الفائقة وبمساعدة تأثير جوزفين، وإن لم يتحقق ذلك بعد.
يقترح البحث أن دورة مثل هذه قد تنتج ما يسمى السوليتون، وهو شكل موجي موضعي ذاتي التعزيز قادر على الحفاظ على سرعته وشكله إلى أن يتعطل النظام بفعل عوامل خارجية.
قال كاتاياما: «على عكس ليزر الثقب الأسود المقترح سابقًا، تحتوي نسختنا على تجويف ثقب أسود/أبيض يتشكل داخل سوليتون واحد، حيث ينبعث إشعاع هوكينج خارج السوليتون ليتسنى لنا تقييمه».
سيسمح النظام في النهاية بحدوث ترابط كمّي بين جسيمين، أحدهما خارج أفق الحدث والآخر داخله، يمكن قياسهما رياضيًا دون الحاجة إلى مراقبتها في الآن ذاته.
يُعتقد أن إشعاع هوكينج ينشأ بهذه الطريقة، أي على شكل أزواج من الجسيمات المتشابكة.
يقرّبنا الاكتشاف من التوصل إلى نظرية واحدة لكل شيء، تربط بين ميكانيكا الكم والنسبية العامة.
يظل إنشاء ليزر الثقب الأسود تحديًا، لكن إذا تمكن العلماء من تكوينه بطريقة صحيحة فلن يتيح لنا مراقبة إشعاع هوكينج فقط، بل قد يزودنا بأدوات للتحكم فيه أيضًا، ما يفتح الأبواب أمام عدد كبير من الاحتمالات.
قال كاتاياما: «نود تطوير هذا النظام مستقبلًا لإتاحة تواصل كمّي بين أجزاء مختلفة من الزمكان باستخدام إشعاع هوكينج».
اقرأ أيضًا:
كم يصدر الجسم البشري من إشعاعات؟
اكتشف العلماء أدلة لفيزياء جديدة وغريبة في إشعاع الخلفية الكونية
ترجمة: ربيع شحود
تدقيق: عبد الرحمن داده