الهوس الاكتئابي هو المصطلح الأقدم لحالة أصبحت تُسمى حديثًا اضطراب ثنائي القطب. وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، يشير مصطلح اضطراب ثنائي القطب إلى تأرجح حالة المريض بين قطبي المرض الهوسي والاكتئابي.
عام 1980، استُبدل بمصطلح الهوس الاكتئابي مصطلح اضطراب ثنائي القطب، بالتزامن مع إضافة أعراض واستبعاد أعراض أخرى للحالة، وتخفيف الوصمة المرافقة لهذا الاضطراب.
اضطراب ثنائي القطب:
اضطراب ثنائي القطب هو مجموعة من الاضطرابات التي تتسم باضطرابات دورية في المزاج والأفكار والسلوك، وتتألف من فترات متناوبة من مزاجات عالية وواسعة أو سريعة الانفعال تُسمى نوبات هوسية، وفترات من الشعور بانعدام القيمة ونقص التركيز والتعب، ما يُسمى نوبات اكتئابية، وتختلف الاضطرابات في شدة هاتين الحالتين.
ثنائي القطب النوع الأول:
هو التشخيص للأشخاص الذين قد عانوا نوبة هوسية واحدة على الأقل أو نوبات مختلطة، أي ظهور كلا العرضين الاكتئابي والهوسي في الفترة الزمنية ذاتها.
وفقًا للدليل التشخيصي، فإن الشخص المصاب بالهوس يجب أن يكون مبتهج المزاج أو سريع الانفعال أو كلا الأمرين، إضافةً إلى زيادة النشاط والطاقة.
الانخراط الزائد في الأنشطة، الذي يُعد علامة للنوبة الهوسية، لا يُشترط أن يكون مترافقًا مع المتعة، كما كان في الإصدارات السابقة من معايير التشخيص.
ثنائي القطب النوع الثاني:
هو التشخيص للأشخاص الذين قد عانوا كلًا من ما تحت الهوس -شكل أخف من الهوس- ونوبات اكتئابية كبيرة. لا يتضمن الوصف القديم لمصطلح الهوس الاكتئابي ما تحت الهوس، أو العواقب التي قد تحدث مع وجود نوبة هوسية غير كاملة.
دورية المزاج:
هو التشخيص للأشخاص الذين عانوا تقلبات مزمنة بين ما تحت الهوس والاكتئاب الأقل شدة وتحت السريري عامين على الأقل. تشير معايير الدليل التشخيصي إلى أن الأعراض تحت الهوسية أو الاكتئابية يجب أن تظهر نصف المدة المطلوبة على الأقل، المُقدرة بعامين.
اضطراب ثنائي القطب مقابل الهوس الاكتئابي:
تمثل معرفة أن الشخص قد عانى نوبة هوسية نقطة فارقة في التفريق بين اضطراب ثنائي القطب واضطراب الاكتئاب الكبير، إذ يُشترط لتشخيص الإصابة باضطراب ثنائي القطب أن يكون قد عانى نوبة هوسية استمرت أسبوعًا على الأقل، أو نوبة تحت هوسية استمرت 4 أيام على الأقل.
لماذا تغير المصطلح؟
سابقًا، استُخدم مصطلح الهوس الاكتئابي للإشارة إلى طيف واسع من الأمراض النفسية، لكن أدى ذلك إلى وصم المصاب بالعار. لاحقًا، ازداد تعقيد أنظمة التصنيف، وسمح مصطلح ثنائي القطب بالتوصل إلى تشخيص أدق، دون إلحاق الضرر النفسي بالمريض.
ماذا يعني الهوس؟
يشير الهوس إلى حالة عقلية تتضمن الحماس وحالة النشوة وحالة من ازدياد الطاقة تدوم فترة طويلة. يصاحب ذلك تحولات شديدة في المزاج.
لتشخيص الإصابة باضطراب ثنائي القطب، يجب أن توجد نوبات من الهوس أو تحت الهوس، وهو شكل أقل حدةً من الهوس. لهذه النوبات الهوسية تأثيرات بالغة في حياة الشخص، والقدرة على العمل في بيئات مختلفة مثل المنزل والمدرسة ومكان العمل.
أعراض الهوس:
يُعد الهوس من الأعراض المرافقة لاضطراب ثنائي القطب، ومن أعراضه:
- توهم العظمة.
- صعوبة النوم.
- الكلام المدغم.
- الأفكار المتلاحقة.
- التشتت.
- الطاقة المفرطة.
ممارسات غير منضبطة مثل التبذير أو ممارسة الجنس غير الآمن.
أعراض الاكتئاب الكبير:
الاكتئاب الكبير هو القطب الآخر المقابل للهوس في الطيف ثنائي القطب، وقد يعانيه حتى الأشخاص غير المصابين بثنائي القطب، وتتضمن أعراض الاكتئاب الكبير:
- نقص الطاقة.
- اليأس.
- الهلاوس أو الأوهام.
- سرعة الانفعال.
- بكاء خارج عن السيطرة.
- انسحاب شديد من النشاطات الطبيعية.
- أفكار أو محاولات انتحار.
- نقص أو زيادة وزن.
اضطراب ثنائي القطب مقابل الاكتئاب الكبير:
قد يُشخص الشخص في البداية بالاكتئاب، ثم يُشخص لاحقًا باضطراب ثنائي القطب، ما يُعد أمرًا مربكًا. العلامة المميزة لاضطراب ثنائي القطب هي وجود نوبات من الهوس أو تحت الهوس، وذلك غير موجود في الاكتئاب الكبير.
إذن هل قد يتحول الاكتئاب إلى اضطراب ثنائي القطب؟ الإجابة هي لا، لكن المصاب باضطراب ثنائي القطب قد يُشخص خطأً بالاكتئاب، نتيجة فحصه في أثناء النوبة الاكتئابية.
قد لا يتذكر الشخص أو قد لا يُسأل عن أعراض الهوس أو تحت الهوس التي تقود إلى تشخيص ثنائي القطب. يتضح تشخيص اضطراب ثنائي القطب فيما بعد بالسؤال الدقيق أو مع حدوث نوبة هوسية أو تحت هوسية.
أسباب اضطراب ثنائي القطب:
قد يؤدي عديد من العوامل إلى ظهور الحالة، مثل:
الوراثة: تقترح الدراسات أن اضطراب ثنائي القطب يميل إلى التأثر بالوراثة، ووجدت الدراسات أن وجود فرد من العائلة مصاب باضطراب ثنائي القطب يزيد من احتمالية إصابة الشخص به.
وظيفة الدماغ: يمكن للاختلافات في كيمياء وبنية الدماغ أن تؤدي دورًا أيضًا، إذ تزيد الاضطراب في النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين والنورإبنفرين من خطر الإصابة.
عوامل بيئية: قد تسهم عوامل بيئية معينة -مثل التوتر في نوبات المزاج- في اضطراب ثنائي القطب، لكن سبب حدوث هذا الأمر غير معروف، وتُعد اضطرابات النوم والأذية وتعاطي بعض المواد من المحفزات البيئية الأُخرى.
التشخيص:
قد تكون أعراض اضطراب ثنائي القطب معقدة فعلًا، ومختلفة من شخص إلى آخر. يطرح الطبيب النفسي أو المعالج النفسي أسئلة لاستيضاح الأعراض التي يعانيها الشخص، وصحته النفسية عمومًا، وغالبًا ما تركز الأسئلة على نوعية الأعراض، ومدة حدوثها، ووجود سوابق عائلية متعلقة بالحالات النفسية.
يستبعد الطبيب الحالات الطبية والنفسية الأُخرى التي قد تسبب هذه الأعراض، مثل قصور الدرق والكحول أو تعاطي بعض المواد، واضطراب الشخصية الحديّة واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطراب الهلع والفصام، وغيرها.
التعامل مع اضطراب ثنائي القطب:
قد يشكل اضطراب ثنائي القطب تحديًا في حياة المريض، لكن قد تساعد بعض الخطوات –مع الإشراف الطبي- على التأقلم وتدبير الحالة بفعالية. من هذه الإجراءات:
تتبع الحالة المزاجية: أي الاحتفاظ بمذكرة تتبع للحالة المزاجية، والعوامل التي تميل إلى التأثير في شعور المريض، وقد يشمل ذلك عادات النوم والأدوية والمواقف المجهدة ومحفزات أخرى.
ممارسة عادات نوم جيدة: الحصول على قسط كافٍ من الراحة أمر ضروري للصحة النفسية، وخصوصًا إذا كان المريض يعاني اضطراب ثنائي القطب، إذ لابد من تصميم بيئة نوم مريحة والحرص على تنظيم مواعيد النوم.
السيطرة على التوتر: السيطرة على مستويات التوتر وخفضها أمر ضروري، إذ يحفز التوتر النوبات المزاجية، إضافةً إلى إجراء تعديلات تساعد على خفض التوتر في حياة المريض، مثل ممارسة أساليب الاسترخاء.
التمرين المنتظم: قد يفيد التمرين بعض المصابين باضطراب ثنائي القطب، مع أنه قد يفاقم الأعراض الهوسية لدى البعض، لذلك يجب الحرص، والعمل تحت إشراف الطبيب.
اقرأ أيضًا:
ما الفرق بين اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول والنوع الثاني؟
اضطراب ثنائي القطب: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: طارق أبو لبن
تدقيق: نور حمود