اضطراب القلق المعمم أو GAD هو حالة مزمنة من القلق والتوتر عادةً ما تكون دون أي مثيرات خارجية. يستبق المصابون بهذا الاضطراب الحوادث وكثيرًا ما يقلقون بشكل مفرط على صحتهم أو مالهم أو عائلاتهم أو عملهم. مجرد عيش يوم في الحياة يجلب لهم التوتر. يعاني المصابون ب اضطراب القلق المعمم أو ما يعرف ب GAD (Generalized Anxiety Disorder – اضطراب القلق المعمم) من قلق حاد بشكل مستمر ويترافق عادةً بأعراض جسدية وقد يعانون من الاكتئاب .
لا يستطيع المصابون بهذا الاضطراب تجاوز قلقهم رغم أنهم عادةً ما يدركون أن معظم توترهم غير مبرر. قد لا يستطيع المصابون بهذا الاضطراب الاسترخاء، وكثيرًا ما يعانون من مشاكل في القدرة على النوم أو الاستمرار في النوم. يترافق قلقهم بأعراض جسدية كالارتجاف والارتعاش وتوتر عضلي وصداع في الرأس والتهيج أو الانفعال الشديد والتعرق وهبات ساخنة -وهي إحساس مفاجئ بحرارة عالية تنتشر في أنحاء الجسم وتستمر لمدة تتراوح ما بين 30 ثانيةً لعدة دقائق- وإحساس بالدوار أو بضيق في التنفس.
يفزع المصابون باضطراب القلق المعمم بسهولة. يميل المصابون بهذا الاضطراب للشعور بالتعب والصعوبة في التركيز، وقد يعانون من الكآبة. قد يسبب اضطراب القلق المعمم الغثيان والحاجة لاستخدام الحمام بشكل متكرر أو الإحساس بوجود تكتل في الحنجرة.
عندما يكون معدل التوتر معتدلًا لدى المصابين بهذا الاضطراب يستطيعون تأدية أعمالهم والقيام بنشاطاتهم الاجتماعية، إلا أنهم قد يعانون من صعوبة في إنجاز مهمات حياتية بسيطة جدًا إذا كانت درجة توترهم حادة.
يؤثر اضطراب القلق المعمم بما يقارب 6.8 مليون بالغ في الولايات المتحدة، إذ إن نسبة إصابة النساء بهذا الاضطراب يعادل ضعفي نسبة إصابة الرجال به. قد يبدأ الاضطراب بالظهور في أي مرحلة من مراحل حياة الشخص، لكن عادةً ما يتطور الاضطراب ما بين مرحلتي الطفولة ومنتصف العمر. يبلغ عدد الحالات المسجلة لهذا الاضطراب أعلاه في حالات منتصف العمر وتتناقص أعدادها مع تزايد الأعمار.
اضطرابات التوتر الأخرى كالكآبة أو اضطراب تعاطي المخدرات عادةً ما ترافق اضطراب القلق المعمم. يعالج اضطراب القلق المعمم عادةً بالأدوية أو بالعلاج السلوكي المعرفي، لكن الحالات المصاحبة أو المتزامنة يجب معالجتها بجلسات العلاج المناسبة.
الأعراض:
وصِف اضطراب القلق المعمم من قبل DSM-5 (The Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders- الكتيب التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية) على أنه مدة تتكون من ستة أشهر أو أكثر من القلق والتوتر المزمن والمفرط الذي يعتبر أكثر حدةً من التوتر العادي الذي يختبره الناس بشكل عام. يعاني المصابون بهذا الاضطراب عادةً من أعراض تتضمن:
● عدم القدرة على التحكم بالقلق المفرط.
● صعوبة في النوم أو الاستمرار بالنوم.
● التهيج أو الانفعال.
● سهولة الإصابة بالفزع والخوف.
● صعوبة في التركيز أو توقف سلسلة الأفكار.
الأعراض الجسدية الشائعة تتضمن:
● صداع في الرأس وإرهاق.
● شد أو توتر عضلي وآلام.
● صعوبة في البلع.
● ارتجاف أو ارتعاش.
● تعرق.
● انتفاضات.
● تسارع ضربات القلب.
● غثيان.
● دوار في الرأس وتنميل في أطراف الجسم.
● إحساس بضيق في التنفس.
● الحاجة لاستخدام الحمام بشكل متكرر.
● هبات ساخنة.
ترتبط أحاسيس التوتر والقلق عادةً بالأداء أو الكفاءة في المدرسة والفعاليات الرياضية لدى الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب القلق المعمم. إضافةً لذلك، قد تتضمن أحاسيس القلق الانضباط ومحاولة الانسجام مع الآخرين والكمالية (عقدة المثالية).
الأسباب:
اضطرابات التوتر معقدة للغاية وتنتج عن مجموعة من المؤثرات الوراثية والسلوكية والتنموية وعدد من المؤثرات الأخرى. يتضمن عامل الخطر الخاص باضطراب القلق المعمم وجود التوتر في تاريخ العائلة وفترات غير مسبوقة أو طويلة من التوتر. يعرف عن دارات الدماغ المرتبطة بالخوف والتوتر أنها تلعب دورًا في اضطراب القلق المعمم، رغم أن الآليات المسؤولة عن تفعيل هذا الاضطراب غير معروفة.
تقترح دراسات أجريت على توائم وعائلات أن الجينات تلعب دورًا في مصدر تكوين اضطرابات التوتر. الصعوبات في مرحلة الطفولة والحماية الزائدة من جهة الأهل كلاهما يرتبطان لاحقًا بتطور اضطراب القلق المعمم. من المهم أيضًا استبعاد الأسباب الطبية للتوتر كاضطرابات الغدة الدرقية قبل القيام بتشخيص الحالة.
العلاج:
العلاج بالأدوية والعلاج السلوكي المعرفي أو ما يعرف ب CBT (Cognitive Behavioral Therapy- العلاج السلوكي المعرفي) هو أكثر أنواع العلاج شيوعًا لمعالجة هذا الاضطراب.
مضادات الاكتئاب:
أُثبِت أن عددًا من الأدوية التي تعالج الاكتئاب فعالة أيضًا في معالجة اضطرابات التوتر. يجب أخذ هذه الأدوية لعدة أسابيع قبل أن تبدأ الأعراض بالتلاشي، لذا من المهم ألا يحس المريض بالإحباط ويستمر في أخذ هذه الأدوية؛ يجب أن يعطي هذه الأدوية فرصةً لتأخذ مفعولها.
تؤثر مضادات الاكتئاب -أو ما يعرف ب SSRIs (Selective Serotonin Reuptake Inhibitors – مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية- في ناقل كيميائي في الدماغ يدعى السيروتونين، وعادةً ما توصف للمصابين باضطراب القلق المعمم. الفينلافاكسين -وهو مثبط لإعادة امتصاص السيروتونين وإبينيفرين، أو ما يعرف ب SNRI Serotonin norepinephrine reuptake inhibitor مثبط لإعادة امتصاص السيروتونين وإبينفرين- يعتبر أيضًا الخيار الأول في معالجة هذا الاضطراب.
صنف قديم من مضادات الاكتئاب يعرف بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic antidepressants) يفيد أيضًا في معالجة الاضطراب، لكن العديد من المعالجين والمرضى يفضلون الأدوية الحديثة لأن مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات قد تسبب الدوار والنعاس وجفاف الفم واكتساب الوزن. إيميبرامين وهو دواء يوصف لاضطراب الهلع واضطراب القلق المعمم أيضًا يشابه تأثير مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
الأدوية المضادة للتوتر:
البنزوديازيبينات عالية الفعالية تخفف من وطأة الأعراض بسرعة وتسبب عددًا من الأعراض الجانبية، بالإضافة إلى أن النعاس قد يشكل مشكلةً. توصف البنزوديازيبينات لفترات قصيرة من الزمن لأن الناس قد يعتادون الدواء أو يقاومونه، ما يدفع الناس لأخذ جرعات متزايدة بشكل مستمر للحصول على نفس التأثير. لا يُعتبر المدمنون على الكحول أو المخدرات أناسًا مناسبين لأخذ هذه الأدوية لأنهم قد يصبحون مدمنين عليها.
يعاني بعض الناس من أعراض الامتناع عندما يتوقفون عن أخذ البنزوديازيبينات بشكل مفاجئ عوضًا عن تخفيف الاضطراب، إذ يمكن أن يعود التوتر عند التوقف عن أخذ الدواء. المشاكل المحتملة عند أخذ البنزوديازيبينات تسببت في ابتعاد عدد من المعالجين عن استخدام هذا النوع من الأدوية، أو استخدامها في جرعات صغيرة غير كافية حتى في حال كان استخدام هذه الأدوية ذا فائدة محتملة للمريض. الألبرازولام هو بنزوديازيبين يساعد في اضطراب الهلع واضطراب القلق المعمم. يستخدم الكلونازيبام (كلونوبين) في حالات الرهاب الاجتماعي واضطراب القلق المعمم.
البوسبيرون وهو دواء من صنف الازيبيرونات -صنف من الأدوية يستخدم كمكملات لمضادات الاكتئاب والتوتر- يعد دواءً مضادًا للتوتر يستخدم في معالجة اضطراب القلق المعمم. التأثيرات الجانبية للدواء تتضمن الدوار والصداع والغثيان. على عكس البنزوديازيبينات، يجب أخذ البوسبيرون بشكل مستمر لمدة أسبوعين ليأخذ مفعوله في معالجة التوتر.
أدوية أخرى:
مُحصرات البيتا كالبروبرانولول -دواء محصر للبيتا- عادةً ما تُستخدم لمعالجة المشاكل القلبية لكنها تساعد في بعض اضطرابات التوتر، خصوصًا الرهاب الاجتماعي. عندما تعلم أنك ستمر بموقف صعب أو مثير للتوتر بعد فترة ما، كتأدية عرض تقديمي شفهيًا، قد يقوم طبيبك بوصف مُحصرات بيتا لتمنع تسرع ضربات قلبك ورجفان يديك، وللمحافظة على الأعراض الجسدية للتوتر تحت السيطرة.
العلاج النفسي:
العلاج النفسي يتضمن التحدث مع معالج نفسي متخصص، كطبيب نفسي أو عالم نفس أو عامل اجتماعي أو مستشار نفسي؛ لتعلم كيفية التعامل مع مشاكل كاضطرابات التوتر.
العلاج السلوكي المعرفي:
العلاج السلوكي المعرفي مفيد جدًا في معالجة اضطرابات التوتر. المجال أو البعد المعرفي يساعد الناس على تغيير أنماط التفكير التي تدعم مخاوفهم، والمجال أو البعد السلوكي يساعد الناس على تغيير الطريقة التي يستجيبون بها للمواقف المثيرة للتوتر.
قد يُمارس العلاج السلوكي المعرفي ضمن مجموعة، فيكون للأشخاص ضمن المجموعة مشاكل كبيرة متشابهة. العلاج الجماعي يكون فعالًا خاصًة للناس المصابين بالرهاب الاجتماعي. يكون “الواجب المنزلي أو الوظيفة” عادةً في هذا النوع من العلاج مصممًا ليتم بين المشاركين ضمن هذه الجلسات.
العلاج الأمثل للعديد من الناس هو العلاج بالأدوية مقرونًا بالعلاج النفسي.
اقرأ أيضًا:
- سام هاريس .. عن القلق و التأمل
- ما علاقة القلق الاجتماعي ب الاكتئاب ؟
- قد تؤثر الإضافات الغذائية الشائعة على فلورا الأمعاء وتسبب زيادة معدلات القلق !
ترجمة: إيلي عساف
تدقيق: أحلام مرشد