أظهر بحث جديد أنه يمكن للتوتر المرتبط بالقلق أن يغيّر من تركيب الجسيمات الكوندرية في الخلايا. يمكن أن يؤدي التوتر المزمن الناجم عن أحداث هامة في حياتنا كوفاة شخص نحبه أو الطلاق أو البطالة أو الحرب إلى نوبات هلع و اضطرابات القلق.
تختلف اضطرابات القلق عن القلق العرضي العادي، فهي مستمرة ولا تتحسن بمرور الوقت. قد يسبب القلق المفرط أعراضًا جسدية وعاطفية من شأنها أن تؤثر بعلاقاتنا الاجتماعية في العمل أو المدرسة. تتأثر اضطرابات القلق بعامل الوراثة، إضافة للعوامل البيئية المحيطة بما في ذلك التجارب المرهقة أو الصادمة التي حدثت بحياتنا، وذلك وفقًا للمعهد الوطني للصحة العقلية.
لكن ليس كل شخص اختبر إحدى هذه التجارب سيصاب باضطراب القلق، ما دفع بالباحثين وخبراء الصحة العقلية للتساؤل عمّا يجعل بعض الناس أكثر مرونة تجاه الضغوطات من غيرهم.
للمساعدة في الإجابة على هذا السؤال، درس الباحثون فئرانًا طورت أعراض قلق واكتئاب كتجنب التفاعلات الاجتماعية، وذلك بعد التعرض لمستويات عالية من التوتر والإجهاد، ثمّ تعقبوا التغيرات الطارئة على نشاط الجينات وإنتاج البروتينات في منطقة الدماغ المسؤولة عن التوتر والقلق، بما في ذلك القشر الأمام الجبهي والحصين واللوزة والنواة المتكئة، في ما يسمونه نهج التقنيات المتعددة المستخدمة لكشف أدوار الجزيئات عبر الأنواع cross-species multi-omics.
حلل الفريق العلمي الجينات والبروتينات المرتبطة بالجسيمات الكوندرية، ووجدوا العديد من التغيرات في متقدرات الخلايا الدماغية للفئران التي تعرضت للإجهاد مقارنةً بالفئران التي لم تتعرض لذلك. أجرى الباحثون اختبارات على عينات دموية من مرضى مصابين باضطرابات القلق بعد تعرضهم لنوبة هلع، ووجدوا تغيرات مشابهة في المتقدرات.
كشفت التحليلات وجود تقارب ثابت بين المسارات المختلفة المرتبطة بالجسيمات الكوندرية في عينات الدم لدى المصابين باضطرابات هلع بعد تعرضهم لنوبات الهلع، وفقًا للباحثين في PLOS Genetics. أضافوا أيضًا أن أيض الطاقة الخلوية يمكن أن يكون طريقة شائعة تستجيب فيها الحيوانات للتوتر.
تعرف الجسيمات الكوندرية بأنها مصدر الطاقة للخلايا، فهي تقوم بتحويل ما نأكله إلى 90٪ من الطاقة الكيميائية التي يحتاجها الجسم البشري ليبقى على قيد الحياة، ولها دور في موت الخلايا الخبيثة. وفقاً للبحث فإن المستويات العالية من التوتر يمكن لها أن تؤثر على فعالية الجسيمات الكوندرية، ما يؤدي إلى تأثيرات سلبية عديدة على جسم الإنسان وصحته.
صرّح المؤلف إيرسي هوڤاتا من جامعة هلسنكي: «لا نعرف سوى القليل عن كيفية تأثير التوتر المزمن على أيض الطاقة الخلوية، وبالتالي التأثير على أعراض القلق». قد تفتح الآليات الكامنة وراء ذلك مجالاً لعلاجات تداخلية جديدة للأمراض المتعلقة بالإجهاد والتوتر.
يُعتبر فهم التركيب الوراثي لمن يعاني من القلق وتأثيراته على الجسم البشري عاملًا مساعدًا في إغناء الخيارات العلاجية المتوافرة، والتي تقتصر حاليًا على العلاج النفسي ومجموعة من الأدوية، وذلك وفقاً لموقع WebMed.
اقرأ أيضًا:
فهم العلماء أخيرًا كيف نرث القلق من آبائنا
ترجمة: داني قنيزح
تدقيق: غزل الكردي