استصلاح الشمس لاننا لن نجد وجهة افضل
في قائمة الأفكار الإفتراضية المجنونة، استصلاحُ الشمس قد يكون في لائحة العشرة الأوائل. إذن كيف سيقوم شخص ما باستصلاح شمسنا، إنّها نجم بالفعل، إذا أراد أن يجرّبَ ذلك على كل حال؟
في سلسلتنا تعرّضنا إلى استصلاح العوالم الأخرى. وقُمنا بتغطية المرّيخ، الزّهرة، القمر و المُشتري. وبما أننا نملكُ بالفعل طُرقًا واقتراحات من أجل استصلاح الوحش الغازيّ كوكب المُشتري (شُكرًا للعلم)، إذا أردتم نقلَ الأمور إلى مستوى آخر، مثل إمكانية استصلاح الشّمس. حقًّا، الشمس؟ حسنًا.. لنتحدّث علمًا.
لنرى ماذا لدينا هُنا للعمل عليه. إنّها كُرة ضخمة من البلازما، تحتوي على كُتلة أكبر بـ 333.000 من كُتلة الأرض. مكوّنة من الهيدروجين 74% و الهيليوم 25% مع نسب صغيرة من مواد أخرى. لا وجُود لسطح صُلب للوقوف عليه، لذلك وجبَ علينا إصلاحُ ذلك.
متوسّط درجات الحرارة على سطح الشّمس يبلغُ 5500 درجة مئويّة، بينما يصلُ متوسّط درجات الحرارة على الأرض إلى 15 درجة مئويّة فقط. الحديد يغلي عندَ الوصول إلى 2800 درجة فقط، إذن… إنّ ذلك أكثر سخونة من المتوقع ربما. يجبُ علينا تبريد الشّمس.
الجاذبيّة على سطح الشّمس تصلُ إلى 28 مرّة أكثرُ منها على الأرض. إذا كان بإمكانك الوقوف على سطح الشّمس، ولن يكون بإمكانك ذلك، سيتمّ سحقك. حسنًا، سنقوم بإضافة ضرورة خفض الجاذبيّة.
لا وُجود لغلاف جويّ قابل للتنفس، لا وجود لسطح صُلب، تقوم الشّمس بـتوليد أشعّة سينية قاتلة كذلك. وطبعًا، كدنا أن ننسى حروق الشّمس القاسية التي ستتسببُ بها الأشعة مافوق البنفسجيّة.
بخصوص الغازات، اقترحَ العُلماء بالفعل طريقةً من أجل استخراجِ الهيدروجين و الهيليوم من نجمٍ كالشّمس، ويُعرفُ ذلك بـ ” stellar lifting “. هناك بعضُ الطرق الذي ستمكنك من فعل ذلك. تستطيعُ إطلاق ليزر قوّي للغاية نحو سطحِ الشّمس، مما سيتسببُ في رفع سرعة الرياح الشمسيّة بتلكَ المنطقة، مُجبرةً الشمس على التخلص من كُتلتها نحو الفضاء.
والطريقة الأخرى تكمن في خلق حقل مغناطيسي قويّ حول أقطاب الشّمس، ليتجّهَ الهيدروجين بعد ذلك نحو الفضاء الخارجيّ كنفاثات. لا أدري صراحةً طريقة وضع تلك الحقول المغناطيسيّة، لكن هذا الإشكال لا يخصّنا.
بمجرّد إنتهائك من ذلك، لقد قُمت بنسفِ كل من الهيدروجين و الهيليوم الخاصيّن بالشّمس. ماذا تبقّى لك؟ مواد بكُتلة تصل إلى 5600 مرّة كُتلة الأرض، وتتمثل في عناصرَ أثقل بكثير، مثل الأكسجين، السيليكون، الذهب… إلخ. رائع ! تبدُو الأمور واعدة حقًا.
بغض النظر عن رقم الـ 5600 الذي يبدُو كبيرًا للغاية. كُتلة المُشتري أكبر بـ 316 مرّة كتلة الأرض فقط. إذن نحنُ هنا بصدد الحديث عن تحويل “كوكب” أكبر كُتلة من المُشتري بعشرِ مرّات. وليس هذا فقط، من أجل إتمام نحنُ بحاجة لقتلِ الشّمس. أيّها الوُحوش !
إنّها فكرة في غاية السُّوء. ماذا سنفعلُ أيضًا؟ إذا كُنت من متابعي الخيال العلمي، ستكون قد التقيت بمُصطلح “كرة دايسون”. وقد تمّ اقتراحها من طرف فريمان دايسون (Freeman Dyson). سيكون عليك تغطية الشمس بأكملها داخل كرة معدنية. وبدل استغلال كميّات الطاقة الصغيرة التي تنزلُ نحو الأرض فقط، هذا سيمكّنكَ من التقاط كل الطاقة التي تُنتجها الشّمس : 384 yottawatts.
وتِبَعًا لدايسون، بإمكاننا تفكيك كلّ الكواكب في النظام الشمسيّ لبناء مجال بإمكانهِ منح سطح يصلُ إلى 550 مليون مرّة مساحة الأرض. وتبدُو هذه الفكرة بعيدة عن المنال بشكل كبير، لأنّ مساحة كهذه ستكون غير مستقرة دون شك لتنهارَ بعد ذلك. سيكون من الأفضل بناءَ سربٍ من الأقمار الصناعيّة حول الشّمس لامتصاص طاقتها.
لقد انتهينا من استصلاحِ الشّمس ! هل بقيَ لنا مرحلة تالية للعبُور من خلالها؟ شيءٌ أكثر جنون من فكرة استصلاح الشّمس؟ فكرة كتلك قد تكون موجودة حقًا.