المختصر..
قام أحد الباحثين باختراع نموذج إحصائي يستعمل بيانات من الحروب على مرّ التاريخ، ليحاول توقع متى سيحل الصراع الكبير القادم.
من الرائع أن نستطيع معرفة ما سيحلّ في المستقبل، أليس كذلك؟
فمعرفة النزعة الجديدة القادمة في عالم التواصل الاجتماعي سيدفع أعمالنا نحو التقدم والازدهار في سوق ممتلئة..
لكن أقرب شي قد يوصلنا إلى التكهن بالمستقبل هو التعلم من الماضي؛ فعندما ننظر إلى ما نعلم أنه قد حصل فعلًا ونستعمل هذه المعلومات سنتمكن من التخمين بشكل تقديريّ عمّا قد يحصل ومتى.
إنّ التحليل الإحصائي لبيانات بقيمة الكثير الكثير من السنين (عقود؛ إن لم تكن قرونًا من الزمن) يستطيع أن يساعدنا بتوقع كل شيء من (الهاش تاغات- (Hashtags إلى أوقات تفشي الأنفلونزا.
في الحقيقة، استخدم الباحثون (تويتر-(Twitter لمعرفة أوقات نشاط الأنفلونزا.
واستعملوا البيانات التاريخية لتحسين القدرة على التنبؤ بالأحوال الجوية و توقع الكوارث الطبيعية.
الآن، أرون كلاوست، بروفيسور مساعد وعالم حاسوب في جامعة كولورادو، حاول توقع واحد من أكبر الأخطار على الإنسانية: الحرب.
حقبة سلام..
لقد مضت 70 سنة على آخر حرب عالمية كبرى.
وفي الحقيقة، كلتا الحربين العالميتين الأولى والثانية حدثتا خلال فترة 30 سنة فقط.
وعلى الرغم من حدوث بعض النزاعات الداخلية المهمة في العقود الماضية، إلا أننا لم نشهد صراعاً عالمياً منذ ما يقارب قرنًا من الزمن.
بعض المتخصصين يقولون أنها مجرد مسألة وقت.
والبعض يصر على أننا نعيش في حقبة سلام، و أنّ حروبًا بمثل هذا النوع، على الرغم من أنها كانت جزءًا من ماضينا، فإنها لن تكون جزءًا من مستقبلنا.
لكن هل هنالك طريقة لنعلم بكل تأكيد؟ خاصة و أنّ التطورات التكنولوجية الجديدة قد أدت إلى تطور طبيعة و مفهوم الحرب الحديثة؟
في محاولة للإجابة عن هذا السؤال، كلاوست قام بمراجعة بيانات تعود لحروب جرت مابين العامين 1823 و 2003، تم تجميعها من قبل مشروع تأثيرات الحروب، وهو مستودع إلكتروني لقواعد البيانات المتعلقة بالحروب متاحٌ للعامة.
ثم قام بتكوين نماذج حاسوبية (برامج تقوم بمحاكاة الواقع) التي من الممكن أن تساعد بوضع هذه البيانات في السياق.
وحينما قام بمراجعة البيانات، قام كلاوست بالتركيز على ما كان عليه العالم قبل، وأثناء، وبعد الحرب بفترة زمنية طويلة.
لقد أراد بشكل خاصّ اكتشاف تلك الفترات في التاريخ، والتي جاءت ما بعد الحروب وشهد العالم فيها عقودًا من دون حرب كبرى أخرى.
ومن خلال تشخيص هذه الفترات، كان يأمل بمعرفة السبب الذي ساعد بإطالة فترة السبعين عامًا من السلام التي نشهدها.
وكان ما قد توصل إليه، أنّه بينما نشعر بأنّ فترة “السلام” هذه هي أمر عجيب بالنسبة لنا، فإنه على مدى تاريخ البشرية الواسع ليست بالأمر الغريب على الإطلاق.
وبالفعل، لكي تكون حقبة السلام ما بعد الحرب العالمية الثانية ذات أهمية من الناحية الإحصائية، يجب أن تصمد إلى حوالي 100-140 سنة متواصلة.
ونحن لم نتجاوز حتى ثلاثة أرباع هذه المدة.
و كتب كلاوست تحليله في مجلة (تطورات العلم-Science Advances) قائلًا: «هذه النتائج تعني أن هذا السلام هش أكثر مما يعتقده المناصرين (أي أنصار نظرية السلام)»، وبذلك فإنّ تحليل كلاوست يشير إلى أنّ الحرب هي حدث نادر بذاتها.
وقد أكّد أيضًا على أن تقارب الفجوة الزمنية بين الحربين العالميتين، والتي كانت فترة عنيفة جدًّا في تاريخ العالم، كان قد وازنها تباعد الفترات الزمنية بين الحروب التي حدثت منذ ذلك الحين.
كتب كلاوست: « إذا نظرنا للأمور من الناحية الإحصائية فقط، فإنّ فترة السلام الطويلة ببساطة قد وازنت الكفة بالنسبة إلى فترات الحروب الكبيرة»، كما قال: بما أنّ الكفات قد توازنت، فإذا أردنا التنبؤ بمتى ستحدث الحرب عالمية القادمة (ونحن نتكلم من الناحية الإحصائية فقط)، «فإنّ خطر حدوث حرب عالمية سيبقى مستمرًّا».
و توقع كلاوست، أنّ البشرية ستكون ممتنة لمن لديه القدرة على توقع الصراعات المتوسطة إلى الكبيرة التي ستحدث، لكنّ السؤال الأكبر يظل مطروحًا.. كم نبعد عن حدوث حرب كارثية تحرق الأخضر و اليابس وتضع حدًّا لحياة الجنس البشري على الأرض؟
لذا قام كلاوست أيضًا باستعمال نموذجه الإحصائي للتنبؤ بالجدول الزمني لسقوط الإنسانية النهائي.
وبحساب جميع المتغيرات – تغيرات في عدد سكان العالم، والتطورات التكنولوجية، والتحولات في الأقطاب السياسية- فإنّ أفضل تخمين وُضع فيه يوم نهاية العالم، ما بين 383 الى 11489 سنة من الآن، مع متوسط 1339 سنة.
و أعترف أنّ احتمالية حصول مثل هكذا حدث «من المحتمل أن تكون غير معروفة».
لكن كلاوست خلُص إلى أنّه حتى لو كنا لا نعرف بكل تأكيد، فإنّ إمكانية وقوع صراع يؤدي إلى نهاية الحضارات خلال 13 قرون القادمة لا تزال قائمة.
ترجمة: العباس محمد صالح.
تدقيق: سهى يازجي.
تحرير: ندى ياغي.
المصدر