إن التطور العلمي والتكنولوجي في تصاعد مستمر وفي محاولة دائمة لصنع نقلة نوعية على الأصعدة كافة. من منا لم يسمع بالطاقة الخضراء، خاصةً تلك التي مصدرها الشمس؟ اعتاد معظمنا التفكير بهذه الطاقة بأنها تحويل الضوء إلى طاقة والاستفادة منها. استعمل الباحثون حديثًا هذه التكنولوجيا بتوصيل عدد كبير من الخلايا الشمسية لتحقيق اتصال ضوئي لاسلكي تحت الماء يتميز بسرعة عالية لنقل البيانات.
يقول قائد فريق البحث جينغ شو، من جامعة تشيجيانغ الصينية، إن هذه التكنولوجيا ضرورية حاليًا، إذ تزداد الحاجة يومًا بعد يوم إلى اتصالات لاسلكية تحت الماء تنقل البيانات بكفاءة عالية. مثلًا تظهر الحاجة إلى الاتصالات اللاسلكية المائية خلال دراسة الشعاب المرجانية على عمق نحو 50 مترًا، لذا فإن الغواصين بحاجة إلى اتصال لاسلكي فعال لنقل البيانات في أثناء إجرائهم الدراسات تحت سطح الماء.
استعمل جينغ شو وفريقه مجموعة من الخلايا الشمسية لنقل كم كبير من البيانات ضوئيًا تحت الماء. سمحت الخلايا الشمسية التي استعملها الفريق بنقل البيانات بسرعة وكفاءة أعلى مقارنةً بالأجهزة الثنائية الضوئية التي كانت تُستعمل من قبل.
أكد شو أن فريقه تمكن من الحصول على أفضل النتائج باستعمال هذا النوع من الخلايا الشمسية، ما يسمح بتبادل البيانات وتوليد الطاقة بجهاز واحد.
الخلايا الشمسية نظامًا لنقل البيانات:
إن استعمال الضوء لنقل البيانات تحت الماء يتيح سرعة وكفاءة أعلى من استعمال الراديو وغيره من أنظمة التواصل البياني، لكن مشكلة اعتماد الضوء ناقلًا للبيانات هي كون هذه الأنظمة تتطلب العديد من الشروط لنجاحها، مثلًا، على المصدر والمتلقي أن يكونا في حالة توافق تام كي تصل الإشارة الضوئية.
باستخدام الخلايا الشمسية، يمكن تحويل الإشارة الضوئية إلى كهربائية، ما يسهل انتقالها، مع الحفاظ على سرعتها وكفاءتها.
يشرح جينغ: «إن اعتماد خلايا السيليكون الشمسية نظامًا للتواصل اللاسلكي يتطلب كمًّا هائلًا من الخوارزميات والبرمجة، ما يزيد الحاجة إلى كم هائل من الطاقة أيضًا. لكن المحاكاة التي أجريناها، والتي أوضحت الطريقة المُثلى لتوصيل الخلايا الشمسية معًا، ساهمت في التوصل إلى نتائج أفضل».
اختبار نظام التواصل اللاسلكي الجديد:
في محاولة لتأكيد نتائجهم، والحصول على دليل تجريبي عن نجاح هذه التكنولوجيا، استعمل الباحثون نظامًا شمسيًا يتألف من تسع خلايا شمسية، ويمتاز بمساحة تسمح بتلقي الإشارات الضوئية بكفاءة عالية. وضع الباحثون هذا النظام في خزان مياه بعمق 7 أمتار. أضاف الباحثون عددًا من المرايا لزيادة المسافة التي سيقطعها الضوء خلال مروره نحو الخلايا الشمسية. أظهرت النتائج أن هذا النظام الضوئي اللاسلكي يمتاز بالسرعة والكفاءة مقارنةً بالنظام اللاسلكي المعتاد. وأظهرت الدراسة أيضًا أن ازدياد مساحة الخلايا الشمسية يساهم في توسعة النطاق، أي السعة القصوى للبيانات التي يسمح النظام بنقلها.
هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها، إذ ساهمت العديد من الدراسات سابقًا بتطوير هذه التكنولوجيا، لكن ما ميز دراسة فريق جينغ هو اتساع النطاق مقارنةً بالدراسات السابقة، نتيجةً للتعديلات التي أضافها الفريق على النظام الشمسي، مثلًا، أجريت العديد من التعديلات على الدارة الكهربائية الخاصة بالنظام اللاسلكي الضوئي، ما ساهم في توسعة النطاق، ومن ثم زيادة البيانات المنقولة لاسلكيًا إلى 150 ميغابايت في الثانية.
قال جينغ إن ما يميز الخلايا الشمسية هو كونها تُصنع بكميات كبيرة، ما يسمح بتطوير هذه التكنولوجيا بسرعةٍ أكبر. وأضاف: «يمكن تطوير هذه التكنولوجيا لاستعمالها في مجالات أوسع. مثلًا، يمكن استعمالها في التواصل اللاسلكي للضوء المرئي، وهو نوع من التواصل اللاسلكي المعتمد على موجات الضوء المرئية لنقل البيانات».
يهدف الباحثون إلى تطوير هذه التكنولوجيا وتحسينها من شتى النواحي، بدراسة الإشارات الضوئية الضعيفة، مما يساهم في توضيح بعض التفاصيل عن تأثير الوسط الذي ينتقل فيه الضوء، ويطمحون أيضًا إلى تحسين العديد من الخصائص التي تميز الخلايا الشمسية.
مقالات ذات صلة:
لماذا تُصنع الألواح الشمسية التابعة لمحطة الفضاء العالمية من الذهب؟
توقع حدوث نقص في أشباه الموصلات مع غزو روسيا لأوكرانيا
ترجمة: محمد مسلماني
تدقيق: طارق طويل