بعدما أُجبر الناس على ارتداء الكمامة في أنحاء الدول الغربية، أيد البعض منهم ارتداءها لأنها تقي من الفيروس، أما البعض الآخر فقد عد ارتداءها انتهاكًا لحقوق الإنسان!
وجد فريق متعدد التخصصات أن وسائل التواصل كان لها تأثير في معتقدات الجمهور البريطاني حول مسألة ارتداء الكمامات، إذ عززت وسائل التواصل هذه الآراء، فظهر انقسام واضح بين فئتين من الجمهور.
تظهر رسائل ارتداء الكمامات في وسائل الإعلام وإعلانات الصحة العامة والتلفزيون، وبالمقابل انتشرت دعوات عدم ارتدائها في مواقع التواصل الاجتماعي.
ربما السبب أن ارتداء الكمامة يرتبط تاريخيًا بسلطة الحكومات. ويُعد هذا الاختلاف في المعتقدات تطورًا جديدًا. في القرن العشرين، كان الناس أكثر تعاونًا عندما طُلِب منهم ارتداء الكمامات بسبب الأوبئة السابقة والمخاطر الصحية.
أظهرت دراسة عام 2021 النسبة الإيجابية لموافقة الناس على ارتداء الكمامات خلال الأوبئة السابقة.
في أثناء تفشي الإنفلونزا عام 1918، وتفشي الضباب الدخاني في بريطانيا عام 1941، لم يوجد خلاف يُذكر حول ارتداء الكمامات مثلما يحدث اليوم، فما سر هذا التغير؟
الأزمات القديمة كانت ملموسة
إن فيروس كورونا لا يُرى بالعين المُجردة، إضافةً إلى أن آثاره السيئة خفيّة أيضًا، فهي تحدث في النزل أو المشافي. في حين كان من الممكن رؤية الدخان والغبار الذي انتشر في الهواء، بعد القصف الألماني والدمار الذي حصل.
ومع أن أعراض الإنفلونزا تشبه أعراض كوفيد-19، فإن الإنفلونزا لها علامات ملموسة، مثل التقيؤ والإسهال.
الرؤية الواضحة للأزمات السابقة جعلها أكثر تهديدًا، ما جعل ارتداء الكمامة ضرورةً.
لجعل كوفيد يبدو أخطر، استخدمت وسائل الإعلام لغة الحرب، واستُخدِمت صور لأشخاص على أجهزة التنفس الاصطناعي. لكن هذه الطرق أدت إلى نقاشات بين المتخصصين في مجال الصحة، إذ كان لها نتائج سيئة، مثل تصوير المصابين بالفيروس بأنهم أعداء يحملون الفيروس وينشرونه.
تنوع وسائل الإعلام
العامل الثاني أن الجهات الإعلامية التي ناقشت موضوع ارتداء الكمامات كانت غالبًا القنوات التي تسيطر عليها الحكومة، وجميعها بينت الجانب الإيجابي للكمامات. أما اليوم فانتشرت قنوات متعددة ضد ارتداء الكمامات.
خلال الأزمات السابقة، روجت وسائل الإعلام ارتداء الكمامات عملًا وطنيًا، وكان نطاق وسائل الإعلام في النصف الأول من القرن العشرين محدودًا مقارنةً باليوم، فاقتصر ترويج ارتداء الكمامات على الملصقات والصحف.
ونظرًا إلى أن انتشار وسائل الإعلام كان محدودًا، كانت الإذاعة والمطبوعات والنشرات الإخبارية هي المصادر الرئيسية للمعلومات. على العكس، سمحت وسائل التواصل للأشخاص بالتعبير عن آرائهم الشخصية، وانتشرت مقاطع الفيديو التي أتاحت الفرصة للأشخاص لمعارضة ارتداء الكمامات.
الضغط لارتداء الكمامة الطبية
تحدثت المعلومات العامة الواردة من المملكة المتحدة عن إمكانية استخدام أي أغطية للوجه، كالملابس القديمة، لكن صُحبت الرسائل بصور للكمامات الطبية، لتأكيد أفضلية تغطية الوجه بهذا النوع من الكمامات.
بالنظر إلى قاعدة البيانات الصحفية البريطانية المتعلقة بالجائحة، أشار الصحفيون إلى «الكمامات» عوضًا عن «أغطية الوجه»، ومع أن التعليمات الطبية تنص على ارتداء كمامات مناسبة للأغراض الطبية، أشارت الأخبار إلى أشكال أخرى غير مقبولة لتغطية الوجه.
أثبتت الكمامات الطبية فعاليتها في تغطية الوجه مقارنةً بالأشكال الأخرى، وهذا يحد من قابلية الناس لارتداء الكمامات، إذ يكونون أكثر قبولًا لفعل شيء إن كان باختيارهم.
لم يكن هذا الضغط موجودًا في الماضي. فخلال انتشار الإنفلونزا والدخان، كان هناك تساهل في ارتداء أغطية الوجه البديلة، ولم تكن الكمامات الطبية متوفرة كثيرًا آنذاك.
اقرأ أيضًا:
هل يجب أن أرتدي كمامة عند الخروج إلى الأماكن العامة؟
ارتداء الكمامة ليس تدبيرا وقائيا ناجعا ضد فيروس كورونا كوفيد-19، فما الحل؟
ترجمة: مارلا خباز
تدقيق: جنى الغضبان