تنفجر النجوم الضخمة التي يزيد حجمها على حجم الشمس بنحو ثمانية أضعاف في شكل مستعرات أعظمية في نهاية حياتها. هذه الانفجارات، التي تخلف وراءها ثقبًا أسود أو نجمًا نيوترونيًا، شديدة الطاقة لدرجة أنها قد تفوق المجرات المضيفة لها سطوعًا لعدة أشهر.
يبدو أن علماء الفلك رصدوا نجمًا ضخمًا تخطى الانفجار وتحول مباشرة إلى ثقب أسود.
توازن النجوم بين القوة الخارجية للاندماج والقوة الداخلية لجاذبيتها. عندما يدخل نجم ضخم مراحله التطورية الأخيرة، يبدأ نفاد الهيدروجين، وتضعف قدرته على الاندماج.
لا تستطيع القوة الخارجية الناتجة من اندماجه أن تقاوم جاذبية النجم القوية، فينهار النجم على نفسه. والنتيجة هي انفجار مستعر أعظم، وهو حدث كارثي يدمر النجم ويترك وراءه ثقبًا أسود أو نجمًا نيوترونيًا.
يبدو أن النجوم تفشل أحيانًا في الانفجار مستعرًا أعظم وتتحول بدلًا من ذلك مباشرة إلى ثقوب سوداء.
تُظهر أبحاث جديدة كيف فشل نجم عملاق ضخم نافد الهيدروجين في مجرة أندروميدا (M31) في الانفجار مستعرًا أعظم.
البحث هو حول اختفاء نجم ضخم يشير إلى ولادة ثقب أسود في M31. المؤلف الرئيسي هو كيشالاي دي، باحث ما بعد الدكتوراه في معهد كافلي للفيزياء الفلكية وأبحاث الفضاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
تُسمى هذه الأنواع من المستعرات العظمى: المستعرات العظمى المنهارة، المعروفة أيضًا باسم النوع الثاني. وهي نادرة نسبيًا، إذ يحدث واحد منها كل مائة عام تقريبًا في مجرة درب التبانة.
يهتم العلماء بالمستعرات العظمى لأنها مسؤولة عن تكوين العديد من العناصر الثقيلة، يمكن لموجات الصدمة الخاصة بها أن تؤدي إلى تكوين النجوم. كما أنها تخلق أشعة كونية قد تصل إلى الأرض. يُظهر هذا البحث الجديد أن فهمنا للمستعرات العظمى ليس كاملًا كما كنا نعتقد.
النجم المذكور M31-2014-DS1. لاحظ العلماء سطوعه في الأشعة تحت الحمراء المتوسطة (MIR) عام 2014. وظل سطوعه ثابتًا مدة ألف يوم. ثم خفت سطوعه بدرجة كبيرة مدة ألف يوم أخرى بين عامي 2016 و2019.
إنه نجم متغير، لكن هذا لا يفسر هذه التقلبات. عام 2023، لم يُكتشف في عمليات الرصد البصري العميق والتصوير القريب من الأشعة تحت الحمراء (NIR). يقول الباحثون إن النجم وُلد بكتلة أولية تبلغ نحو 20 كتلة نجمية، ووصل إلى مرحلة الاحتراق النووي النهائية بنحو 6.7 كتلة نجمية. تشير ملاحظاتهم إلى أن النجم محاط بغلاف غبار تكون حديثًا. ما يطابق انفجار مستعر أعظم، لكن دون دليل على انفجار مرئي. كتب المؤلفون: التلاشي الدرامي والمستمر لـ M31-2014-DS1 استثنائي في مشهد التباين في النجوم الضخمة المتطورة.
يشير الانخفاض المفاجئ في سطوع M31-2014-DS1 إلى توقف الحرق النووي مع صدمة لاحقة تفشل في التغلب على المواد المتساقطة. انفجار المستعر الأعظم قوي لدرجة أنه يتغلب تمامًا على المواد المتساقطة. في غياب أي دليل على انفجار مضيء من هذا القرب، فإن ملاحظات M31-2014-DS1 تشير إلى توقيعات مستعر أعظم فاشل يؤدي إلى انهيار قلب النجم. ما الذي قد يجعل النجم يفشل في الانفجار مستعرًا أعظم، وإن كانت كتلته مناسبة للانفجار؟
المستعرات العظمى هي أحداث معقدة. الكثافة داخل النواة المنهارة شديدة للغاية لدرجة أن الإلكترونات تُجبر على الاتحاد مع البروتونات، ما يؤدي إلى تكوين كل من النيوترونات والنيوترينوات. تخلق العملية انفجارًا قويًا من النيوترينوات يحمل نحو 10% من كتلة النجم الباقية وطاقته. ويُطلق على الانفجار صدمة النيوترينو. تحصل النيوترينوات على اسمها من حقيقة أنها محايدة كهربائيًا ونادرًا ما تتفاعل مع المادة العادية. كل ثانية، يمر نحو 400 مليار نيوترينو من شمسنا عبر كل شخص على الأرض.
في قلب نجم كثيف، تكون كثافة النيوترينو شديدة للغاية لدرجة أن بعضها يودع طاقته في المادة النجمية المحيطة. هذا يسخن المادة، ما يولد موجة صدمة. تتوقف صدمة النيوترينو دائمًا، لكنها تنتعش أحيانًا. حينها تؤدي إلى انفجار وتطرد الطبقة الخارجية من المستعر الأعظم. إن لم تنتعش، تفشل موجة الصدمة، وينهار النجم ويشكل ثقبًا أسود.
لا يعد المستعر الأعظم M31-2014-DS1 هو المستعر الأعظم الفاشل الوحيد، أو المستعر الأعظم المرشح الفاشل، الذي اكتشفه علماء الفلك. من الصعب رصده لأنه يتميز بما لا يحدث وليس بما يحدث. من الصعب تفويت المستعر الأعظم لأنه شديد السطوع ويظهر في السماء فجأة. وقد سجل علماء الفلك القدماء العديد منه. عام 2009، اكتشف علماء الفلك المستعر الأعظم الفاشل الوحيد المؤكد الآخر. وكان نجمًا أحمر عملاقًا في NGC 6946، مجرة الألعاب النارية. وقد أطلق عليه اسم N6946-BH1 ويبلغ وزنه نحو 25 كتلة شمسية. وبعد اختفائه عن الأنظار، لم يترك سوى توهج خافت بالأشعة تحت الحمراء. عام 2009، زاد سطوعه إلى مليون ضعف الشمس، ولكن بحلول عام 2015، اختفى في الضوء المرئي.
يراقب مسح باستخدام تلسكوب كبير ثنائي العينية مجرات قريبة، بحثًا عن نجوم ضخمة تختفي. تشير النتائج إلى أنه بين النجوم الضخمة قد تنتهي حياة 20-30% منهم بوصفهم مستعرات عظمى فاشلة. مع ذلك فإن M31-2014-DS1 و N6946-BH1 هما الوحيدان المؤكدان.
اقرأ أيضًا:
يبدو أن البرق يطلق الإلكترونات القاتلة من غلاف الأرض باتجاه الفضاء
شبكة إنترنت جديدة تعتمد على الليزر تستطيع جعل الاتصال من الفضاء إلى الأرض أسرع ألف مرة
ترجمة: شهد حسن
تدقيق: أكرم محيي الدين