في السنة الماضية، ارتدى علماء وطلاب جامعة بافالو بدلات وقائية واقتربوا كثيرًا من الحمم البركانية والمواد المنصهرة المنبعثة من بركان ليتلي هرتور في آيسلندا.

قال عالم البراكين ستيفان كولزنبرغ عن تلك التجربة: «يبدو وكأن جرافة من الزجاج المكسر قادمة نحوك».

في أثناء تجنب معظم الناس الاقتراب من البركان كان لدى الفريق سبب مهم ليكون موجودًا هناك وهو تجربة الجهاز الجديد الذي يقيس لزوجة الحمم. وقد نشرت دراسة جديدة مقالًا علميًا في مجلة Review of Scientific Instruments تناقش فيه مقياس الاختراق والبيانات من الاستخدام الأول في هذا المجال ومعلومات لم تجمع من قبل عن طوفان الحمم الهائجة.

حصر الحمم البركانية في المختبر:

تتكون الحمم البركانية من ثلاث مراحل: الذوبان أو الصخور المنصهرة، الفقاعات أو الغازات في الحمم المنصهرة، البلورات أو المواد المبردة والمتحجرة.

لزوجة الحمم البركانية هي الطريق الأفضل لفهم سرعة طوفان هذه الحمم. فالحمم عالية اللزوجة تكون كثيفة ودبقة بينما الحمم منخفضة اللزوجة تتحرك بقوام سائل يطلق عليه اسم نهر النار.

قال عالم البراكين آلان وينتغون الذي لم يكن مشاركًا في الدراسة الحديثة: «إن تركيب الحمم ولزوجتها يتنوعان ليس فقط بين البراكين ولكن أيضًا بين الخصائص المختلفة للبركان الواحد هذا، فعلى سبيل المثال الحمم في العادة تكون سائلة جدًا، وكلما بردت الحمم أصبحت أكثر لزوجة».

بسبب تعقيد هذه الحمم إضافة إلى خطورة الاقتراب بسبب حرارتها التي تتجاوز 1000 درجة مئوية، كانت التجارب لقياس لزوجة الحمم البركانية محدودة، وقد كشفت الدراسات والوسائل السابقة في قياس لزوجة الحمم عن معلومات محدودة فقط بزمان ومكان معينين.

قيست لزوجة الحمم بأبحاث جرت معظمها في المختبر وصنع العلماء فيها الحمم بأنفسهم، ورغم أن هذا النوع من التجارب زوّد مجال الحمم بمعلومات مهمة عن ماهية الحمم في الطبيعة، يظل خاضعًا لسيطرة شديدة.

يشرح كولزنبرغ قائلًا: «يمكننا أن نصهر الصخور التي نجدها ونخفض حرارتها في المختبر، وعندها سوف تتبلور بسبب تأدية هذه التجارب على ضغط الغلاف الجوي، فإن المواد المتطايرة مثل الغازات ستخلق فقاعات ستتطاير، لذلك لا يمكن احتواء المواد المتطايرة في المختبر».

بناء نسخة محسنة من جهاز قياس نفاذية الأشعة:

بسبب محدودية العمل في المختبر وفحص مجموع البيانات، فإن الحمم المولدة بتجارب الذكاء الاصطناعي سابقًا، تحتاج إلى جهاز جديد لقياس لزوجة الحمم في هذا المجال.

عمل الطلاب مع مشغلي الجهاز في جامعة بافالو ليبنوا نموذجًا خاصًا أوليًا. والهدف من هذا النموذج هو بناء جهاز محمول باليد قد يقيس لزوجة المواد الكبيرة نسبيًا، حسب ما أشار إليه مارتن هاريس مرشح الدكتوراه ورئيس مؤلفي الدراسات الحديثة.

اختبروا التصميم الجديد لمقياس نفاذية الأشعة -وهو جهاز مصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ له شكل مقص الأعشاب- على مواد ذات لزوجة متفاوتة مثل معجون سيللي، وقال هاريس عن هذه المادة: «معجون سيللي عبارة عن مادة هلامية يمكن وضع اليد عليها».

يجب أن يكون جهاز قياس النفاذية طويلًا كفاية حتى يستطيع المستخدم أن يبقى قريبًا وآمنًا، ويجب أن يكون قابلًا للحمل ليتمكن الباحثون على تنوع أطوالهم وأحجامهم من التعامل معه، إضافة إلى أنه لا ينصهر عند ملامسة الحمم البركانية.

يقول هاريس: «عندما يقيسون اللزوجة بأنفسهم فإن ذلك لن يستغرق أكثر من 30 ثانية، ويمكن الرجوع خطوة للوراء والاستراحة قليلًا إلى حين العودة إلى العمل، والشخص ليس بحاجة للإمساك بتلك القوة الشديدة مدة 10 دقائق متواصلة».

يعمل مقياس نفاذية الحمم البركانية الجديد على قياس كمية القوة التي تحتاجها الأداة لتندفع ضمن المادة ما دامت بحاجة للاندفاع نحو بعض العمق، والمدة التي تحتاج إليها للوصول إلى عمق محدد.

تحدد خاصيتا القوة والإزاحة اللزوجة المحيطة بالمادة، ويتألف الجهاز من أنبوب طويل يصل إلى مقياس يقيس قوة الضغط، ويوجد في أعلى الأنبوب قضيب معدني ثانٍ على طول المسار باتجاه قياس الإزاحة.

التجربة الميدانية الأولى الناجحة وما بعدها:

أظهرت تجربة القياس في السنة الماضية في آيسلندا تنوعًا واسعًا في الحمم المنصهرة من 300 إلى 34000 باسكال ثانية هذا يعني أن بعض الحمم كانت أكثر سيولة وبعضها أكثر لزوجة، وذلك ضمن نطاق درجات الحرارة من 1165 إلى 1148 درجة.

يقول ويتنغتون: «الشيء الممتع لي هو مدى تنوع الحمم المتدفقة، وأنا أعتقد بوجود الكثير لنتعلمه، ومقياس الحمم البركانية هو نموذج متكامل وممتاز للتحكم عن بعد والتجارب المخبرية التي لدينا حاليًا، إنه لا يُستغنى عن أي منهما لكن سوف يساعدنا في الحصول على الكثير من المعلومات المهمة».

الخطوة التالية لهاريس وفريقه من بافالو هو التشارك مع مراصد البراكين حول العالم مثل المرصد الموجود في جزيرة ريونيون، إضافةً إلى تدريب الباحثين الآخرين على كيفية استخدام مقياس النفاذية.

هذا سيكون نهاية مطاف لتسهيل الدراسات العالمية والبيانات عن لزوجة الحمم البركانية لفهم أفضل لكيفية خروج لزوجتها من سطح الأرض، والطريقة الوحيدة التي يمكن فعلها إذا تمكن مزيد من الناس من استخدام الآلات.

اقرأ أيضًا:

الكشف أخيرًا عن التأثيرات الخفية الناجمة عن انفجار بركان شرس

كيف تعمل مصابيح الحمم البركانية؟ العلم وراء حركة السوائل

ترجمة: ديانا عيسى

تدقيق: تمام طعمة

المصدر