هذا الاختراع هو جهاز مدمج بألواح الطاقة الشمسية، ويستفيد من الحرارة المُهدرة من قبل الألواح الشمسية في تنقية المياه، ويمكنه أن يغير حياة مئات الملايين من الناس حول العالم. يدور موضوع هذه التقنية الجديدة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية حول تخفيف الضغط المتزايد على الماء والكهرباء الذي يهدد مستقبلنا. الاكتفاء من هذه الموارد يأخذه الكثير منا على أنه أمر مفروغ منه، لكن أكثر من 780 مليون شخص حول العالم يفتقرون للمياه النظيفة فمن الصعب عليهم الحصول عليها، حتى أن الكثير من الناس لا تتوفر لديهم الكهرباء بسهولة.
الافتقار إلى الماء والكهرباء لا يضع التجمعات البشرية في مواجهه مباشرة مع خطر الإصابة بالأمراض الناتجة عن التلوث فقط، لكنه يجعل زراعة المحاصيل أكثر صعوبة بكثير. وكذلك بالنسبة إلى تربية الماشية والاحتفاظ بمخزونات الماء والغذاء والدواء. والأهم من ذلك العلاقة بين المياه النظيفة والكهرباء هي علاقة مستحيلة نادرًا ما نفكر فيها.
الوصول المحدود إلى الماء العذب يجعل الحصول على البخار اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية أمرًا مستحيلًا، ودون وجود مصدر مناسب للطاقة الكهربائية ستكون عملية تنقية المياه أكثر صعوبة، هذا إن وصلت المياه بالأصل.
يمكن أن توفر حقول الألواح الشمسية الكهرباء للناس الذين يسكنون في المناطق النائية والجافة، لكن يجب أن ترش بالماء لإزالة الغبار عنها، وهو أمر صعب القيام به في هذه المناطق.
أدرك الباحثون في هذا المشروع الأخير أنه باستطاعتهم حل المشكلتين بتوليد الطاقة الكهربائية وتقطير المياه عن طريق إنشاء خلية ضوئية تستخدم الأشعة الشمسية في ذلك.
ربط الخلايا الكهروضوئية بعملية تقطير المياه ليس بالأمر الجديد؛ فعلى سبيل المثال تستخدم شركة زيرو ماس واتر (شركة ناشئة مقرها الولايات المتحدة الأمريكية) الطاقة الشمسية لتكثيف المياه السائلة الممتصة مباشرة من الجو، للاستفادة من هذه الأجهزة يجب أن تكون هذه الأجهزة صغيرة الحجم وبأسعار معقولة تاركة مساحة كبيرة للتحسين.
صمم مهندسو هذا الجهاز الأخير خليتهم مع الأخذ بعين الاعتبار الكفاءة بطي مكونات التقطير تحت الخلية الكهروضوئية المصنعة من السيليكون والتي لا تؤثر على نتاج الطاقة في الخلية.
تجمع الخلايا الضوئية حوالي 10% فقط من الأشعة الشمسية في يومٍ صافٍ، وهي تكنولوجيا ليست متقدمة كثيرًا عن تكنولوجيا الطاقة الشمسية التقليدية.
يتحول جزء من الإشعاع الشمسي المتبقي والذي عادةً يكون مُهدرًا إلى طاقة حرارية، تُمتص الحرارة بواسطة أغشية تشبه الفطيرة مكونة من عدة مواد مختارة للمساعدة في التبخر والتكثيف.
تُحول الحرارة الماء إلى بخار كما في الطاقة الشمسية، لكن أثناء التكثيف تُنقل الطاقة الحرارية إلى أغشية أخرى لتكرار العملية ما يؤدي إلى درجة أعلى من التقطير. وجد الباحثون من خلال تكديس الأغشية أنه يمكن تحسين امتصاص الأشعة الشمسية وكذلك إنتاج حوالي خمسة أضعاف كمية الماء النظيف مقارنة بالطريقة التقليدية.
يمكن لجهاز التقطير الغشائي تقطير متر مربع واحد فقط؛ أي أكثر من 1.6 لتر من مياه البحر خلال ساعة واحدة دون المساس بكمية الكهرباء المنتجة من الخلية الضوئية في الأعلى. في العام الماضي ولدت الطاقة الشمسية أكثر من 500 جيجا واط من الكهرباء حول العالم. بحلول عام 2025، يعتقد الباحثون أننا قد نقترب من مضاعفة هذا الرقم.
هذه أخبار جيدة، لكن لتحقيق ذلك سنحتاج إلى حوالي 4 مليارات متر مربع من الأرض. يمكن نظريًا تنظيف ما يعادل 10٪ من مياه الشرب لعام واحد عن طريق مضاعفة أغشية التقطير. إنها فكرة مثيرة إذا كانت قابلة للتوسع والانتشار. تتمثل الخطوة التالية لفريق البحث في البحث عن طرق كسر الحدود التي تحكم كفاءة الجهاز وتكلفته.
إن العلاقة المتبادلة بين الطاقة والمياه ستُكلف كثيرًا للحصول على التقنيات التي يمكن أن تحل مشاكل المجتمعات المحتاجة. على سبيل المثال، يُمكن لتحلية المياه خدمة أعداد كبيرة من السكان، بشرط توفر الطاقة.
في عام 2016، ساهمت مياه البحر بنسبة 3% من المياه العذبة في دول الشرق الأوسط، لكن ذلك تطلب 5% من الكهرباء لجعلها مستساغة. علاوة على ذلك، فإن الطاقة اللازمة لفصل الملح تتطلب جزءًا صغيرًا من المياه العذبة للغاية التي تنتجها.
في الوقت الذي تراقب الولايات المتحدة النقص الكبير في المياه المُتوقع في العقود المقبلة، فإن العلاقة بين الطاقة والمياه ستنتشر أكثر لكنا لا زلنا بعيدين عن هذا النوع من التكنولوجيا.
اقرأ أيضًا:
كيف تولد أبراج الطاقة الشمسية الكهرباء أثناء الليل ؟
هل نحن أمام ثورة ستضاعفة قدرة تخزين الطاقة الشمسية لآلاف المرات؟
ترجمة: مصطفى الزعبي
تدقيق: بدر الفراك
مراجعة: براءة ذويب