نجح جهاز ترانزستور مُطور حديثًا في إظهار مستويات مرونة استثنائية في مختلف الاختبارات، ليقدم أداءً جيّدًا جدًا، إذ رُجح قدرته على إحداث تحول كبير في الإلكترونيات والأجهزة التي تُستخدم يوميًا.

من المعروف أن هذه المفاتيح الصغيرة أساسية في كل جهاز إلكتروني حديث تقريبًا، إذ تشارك في تخزين البيانات ومعالجة المعلومات في حالة ثنائية (تشغيل) أو (إيقاف)، وذلك بالتبديل بينهما عدة مرات في الثانية.

بفضل مزيجه المذهل من السرعة والحجم والمتانة ومقاومة التآكل، يمثل هذا التصميم الجديد قفزةً نوعيةً محتملة للأمام في تطوير الأجهزة الاستهلاكية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، إضافةً إلى مراكز البيانات التي تخزن جميع معلوماتنا في قاعدة سحابية.

وفقًا للفريق الدولي من الباحثين الذين يقفون وراء الدراسة الجديدة، فإن الأجهزة والأنظمة قد تصبح أسرع وأكثر كفاءة إضافةً إلى كونها أكثر متانة، وذلك في حال تمكن الفريق من توسيع نطاق هذه التكنولوجيا لتكون قابلة للتطبيق عمليًا.

يقول الفيزيائي بابلو جاريلو هيريرو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT): «ضمن مختبري، ندرس الفيزياء الأساسية في المقام الأول. إن ذلك من الأمثلة الأولى، أو لربما الأكثر دراماتيكية، على قدرة العلوم التجريدية الأساسية في تقديم شيء قد يكون له تأثيره الكبير على التطبيقات العملية».

إن الترانزستور مُصنّع من مادة كهربائية جديدة فائقة الرقة تحمل شحنات موجبة وسالبة في مستويات مختلفة تعتمد على (نيتريد البورون). فتُستخدم طبقتين من هذه المادة، إذ تتحركان قليلًا عند تطبيق الكهرباء، ما يؤدي إلى تغيير ترتيب ذرات البورون والنيتروجين.

يجعل هذا التصميم الترانزستورات سريعة ورقيقة للغاية، وهما خاصيتان قد تُحدثان فرقًا هائلًا في جعل الإلكترونيات أكثر إحكامًا وكفاءة، إذ يمكن تخيل القدرة على حزم المزيد من التخزين وقوة المعالجة في أجهزة أصغر بكثير وتستهلك طاقة أقل.

علاوةً على ذلك، إن التغير الطفيف في الطبقات يغير خصائص المادة أيضًا، ما يعني وجود تآكل أو تلف ضئيل للغاية. إن الترانزستور قادر على التبديل بين التشغيل والإيقاف ما لا يقل عن 100 مليار مرة دون ظهور أي علامة على التآكل، ما يجعله أكثر دوامًا بكثير من أجهزة تخزين الذاكرة الفلاشية المستخدمة حاليًا.

يقول الفيزيائي ريموند أشوري من MIT: «في كل مرة تكتب فيها أو تمسح ذاكرة فلاش بيانية، يحدث بعض التدهور، وبمرور الوقت، يتآكل الجهاز، ما يضعك أمام الحاجة إلى استخدام طرق متقدمة للغاية لتوزيع أماكن القراءة والكتابة على الشريحة»

يعترف الباحثون وراء هذا الاختراع بأن الطريق ما يزال طويلًا قبل أن يتمكنوا من استخدام هذه الترانزستورات في الأجهزة الفعلية، إذ يظهر إنشاء جهاز واحد في المختبر بمنزلة بداية جيدة، لكن هناك حاجة إلى مليارات ومليارات من الترانزستورات للإلكترونيات الحديثة.

مع ذلك، إن الفريق متحمس وطموح بشأن المستقبل، إذ قد تثبت هذه التقنية أنها مفيدة في استكشاف مجالات أخرى في الفيزياء، مثل استخدام الضوء بدلًا من الكهرباء لتحفيز تغيير الطبقات.

إن الشيء الواضح هو أن الاعتماد الحالي على التكنولوجيا والأجهزة الرقمية يعني أن أي ابتكارات في هذا المجال قد يكون لها تأثيرات واسعة النطاق وفوائد تمس معظم الناس حول العالم.

يقول أشوري: «عندما أفكر في مسيرتي المهنية بأكملها في الفيزياء، أظن أن هذا العمل قد يغير العالم خلال 10 إلى 20 عامًا من الآن»

تم نشر البحث في مجلة Science.

اقرأ أيضًا:

لأول مرة، اختراع ترانزستور كهربائي مصنوع من الخشب!

تاريخ الترانزستور

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: نور حمود

مراجعة: باسل حميدي

المصدر