وجد باحثون في جامعة نوتنغهام في بحثٍ نُشر في مجلة Nature أن أصول النسخ المتماثل – سلسلة محددة يبدأ منها تنسخ الدنا – في النوع Haloferax volcanii، وهو من عائلة العتائق Archaea (وهي أحد أشكال الحياة الأولية التي تتحمل البيئة القاسية من ضغط وحرارة)، ليست فقط غير ضرورية فيها، بل وتنمو الخليّة 10% أسرع حين تكونهذه الأصول غير موجودة.
يأتي هذا الاكتشاف في نفس عام الإحتفال بالذكرى الـ50 لاكتشاف إحدى نقاط التحوّل في تنسخ الدنا: تقديم نموذج الريبْليكُون عام 1963 من قِبل فرانسوا جاكوب، والذي حصل لاحقًا على جائزة نوبل في الطب. تُوفي فرانسوا جاكوب هذا العام. البحث يقول أن هذا النموذج ليس صحيحًا بالضرورة، كما نرى في هذه العتائق.
حتى تتكاثر، كل أشكال الحياة تنسخ الدنا قبل أن تنقسم الخلية. تحدث عملية التنسخ هذه بداية من مناطق معينة على الكروموسومات، حيث يربط البروتين نفسه فيها ليبدأ النسخ. في حقيقيات النّواة (Eukaryotes) كالبشر، لو تمّ إزالة أصول النسخ هذه، ستُمنع عملية النسخ مما قد يؤدي لأمراض وراثية مثل السّرطان. لو فهمنا الآلية وراء كل هذا جيدًا، فقد يساعدنا هذا في تطوير طريقة لقتل الخلايا السرطانية بدون التعرض للخلايا العادية.
الباكتيريا وحقيقيات النواة (وهي الكائنات متعددة الخلايا، والتي تحتوي الإنسان، والحيوانات الأخرى، والنباتات والفطريات) والعتائق يمثلوا ثلاث أغصان لأشكال الحياة على الأرض. العتائق متواجدة في الظروف القاسية وتستطيع النجاة في درجات الحرارة العالية والمنخفضة جدًا، أو في المياه القلوية أو الحَمضية أو المالحة. على المستوى الجيني، العتائق أقرب لحقيقيات النواة من الباكتيريا، وبالتالي فهي أقرب للإنسان أكثر مما هي أقرب للباكتيريا، رغم أنها تشبه الباكتيريا وتتصرف مثلها، التشابهات مع حقيقيات النواة موجودة في الإنزيمات المتعلقة بالتنسّخ، لهذا اختار الباحثون العمل على العتائق.
بما أنّ هذه الأصول يبدو أنها غير ضرورية في النوع Haloferax volcanii، يعتقد العلماء أن أصول النسخ هذه يمكن أن يكون مثالا على “الجين الأناني” – فهي تفيد نفسها باعطاء الفرصة لنسخ نفسها دائمًا بدون إعطاء أي فائدة حقيقية للكائن نفسه.