أتاحت البلورات السائلة Liquid Crystals المجال لوجود تقنيات جديدة، مثل شاشات LCD، من طريق قدرتها على عكس موجات لونية محددة.
طوّر باحثون من كلية بريتزكر للهندسة الجزيئية في جامعة شيكاغو ومن مختبر أرجون الوطني طريقةً مبتكرة لنحت البلورات السائلة أسموها بلورة داخل بلورة crystal within a crystal. يمكن استخدام النوع الجديد من البلورات في الجيل التالي من الشاشات وفي المستشعرات (الحساسات) التي تستهلك القليل من الطاقة.
يستطيع النوع الجديد من البلورات أن يعكس أشعة الضوء ضمن موجات محددة، وبذلك يمكن استعمالها لتحسين تقنية الشاشات. ويمكن أيضًا معالجة هذا النوع الجديد من البلورات بالحرارة أو بالجهد الكهربي أو بإضافة مواد كيميائية، وهو ما يجعلها ذات قيمة مهمة لتطبيقات الاستشعار، إذ سيؤدي تغيير الحرارة مثلًا إلى تغيير اللون. إن التغيرات الحادثة في النوع الجديد من البلورات تتطلب فقط تغييرًا طفيفًا في درجة الحرارة أو الجهد الكهربي، ما سيساعد على توفير استهلاك الطاقة.
التطبيقات التقنية
إن الترتيب الجزيئي للبلورات السائلة يجعلها مفيدةً لتقنية شاشات العرض. إذ تُشكل بلورات زرقاء سائلة Blue phase crystals، تترتب فيها الجزيئات في أشكال عالية التنظيم تعكس الضوء المرئي.
تشبه البلورات الزرقاء السائلة السوائل والبلورات في مرونتها وقدرتها على الانسياب، وتتميز عنها في اتخاذها أشكالًا عالية التنظيم، تنقل الضوء المرئي أو تعكسه. ما يجعلها أفضل من البلورات السائلة التقليدية في امتلاك خواص بصرية (ضوئية) أفضل، واستجابة أسرع، ما يجعلها مرشحًا ممتازًا للتقنيات البصرية.
إضافةً إلى ذلك، فإن الأشكال الموجودة داخل البلورات السائلة الزرقاء المسؤولة عن انعكاس الضوء تكون منفصلةً عن بعضها بمسافات كبيرة نسبيًّا مقارنةً بالبلورات التقليدية مثل الكوارتز Quartz. إن إنشاء فواصل بين الأشكال كبيرة الحجم يكون أسهل، لكنه شديد الصعوبة في مجال المواد البلورية التقليدية. هذه الفواصل مهمة لأنها توفر المجال لحدوث التفاعلات الكيميائية والتحوّلات الميكانيكية، وتُعطل انتقال الصوت والطاقة والضوء.
إنشاء حدود فاصلة بين البلورات
لإنشاء حدود فاصلة بين البلورات السائلة الزرقاء، طور العلماء تقنيةً تعتمد على تعديل الأسطح (التي ستترسب البلورات السائلة عليها) كيميائيًّا، تُغير هذه العملية من الترتيب الجزيئي للبلورات السائلة الزرقاء، ويتضخم هذا التوجيه عبر البلورات السائلة نفسها، ما سيؤدي إلى وجود بلورة داخل بلورة.
نتجت هذه العملية عن توقعات نظرية تطلبت إجراء العديد من التجارب للتوصل إلى التصميم المناسب، وسمحت للفريق بإنشاء الأشكال البلورية المطلوبة داخل البلورات السائلة، وهو ما يُعَد تقدمًا باهرًا جديدًا.
تؤدي معالجة هذه البلورات المنحوتة الجديدة بالحرارة والتيارالكهربي معًا إلى تبديل حالتها الزرقاء blue phase إلى حالة زرقاء من نوع آخر، ما يؤدي إلى تغير لونها.
يقول جوان دي بابلو Juan De Pablo، المؤلف المساعد للورقة البحثية، الباحث في مختبر أرجون الوطني: «هذا يعني أن المادة تستطيع أن تُغيّر خواصها الضوئية بدقة بالغة، وبهذا فقد حصلنا على مادة تتجاوب مع محفز خارجي وتعكس الضوء ضمن موجات محددة».
ويقول بول نيلي Paul Nealey المؤلف المشارك في الدراسة: «ستسمح إمكانية معالجة البلورات على مقياس صغير للباحثين باستعمالها لتصنيع بُنى مماثلة على المقياس النانوي، وقد بدأنا التحارب بالفعل على بعض المواد الأخرى والأجهزة الضوئية، ونتطلع للمضى قُدمًا في استعمال هذه الطريقة لإنشاء نُظم أكثر تعقيدًا».
اقرأ أيضًا:
البلورات السائلة – حالة المادة الغريبة
ترجمة: غنوة عجرم
تدقيق: حسام التهامي
مراجعة: أكرم محيي الدين