قد يكون ميل محور دوران الكوكب أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ظهور أنواع الحياة المعقدة وتطورها. ذلك وفقًا لدراسة جديدة أُجريت، بيَّنت أن هذا الإنحناء -كالحاصل في كوكب الأرض- يؤدي إلى زيادة انبعاثات الأكسجين. في حين أن الكواكب ذات الانحناء المنخفض أو المرتفع جدًا لا تُصدر هذا المستوى من الأكسجين الذي يسمح بتطور أنواع الحياة.
تؤكد ستيفاني أولسن، الباحثة في جامعة بيردو، أن الكواكب التي تمتلك هذا الانحناء المعتدل، تمتلك فرصة أعلى لتطور أنواع الحياة عليها، ما سيسهل مهمة إيجادها خارج كوكبنا.
يُحتمل ظهور الحياة تحت ظروف مختلفة، إلا أننا لا نمتلك أدلّة على ذلك، لذا نبحث عن أنواع حياة في ظروف تُشابه الظروف التي ظهرت عليها أول خلية على سطح الأرض.
خلال عملية بحثنا عن حياة داخل مجرتنا، نرصد الكواكب الصغيرة نسبيًا والصخرية كالأرض. ونركز على المنطقة التي يقع فيها الكوكب، حال كان داخل النطاق الصالح للحياة، الذي يسمح بتكون مياه سائلة.
هذه الظروف أساسية للغاية، لكن العديد من الظروف الأخرى قد تسمح بتكون الحياة المُعقدة كما نعرفها، فمثلًا، لوجود الحقل المغناطيسي أهمية قصوى، إذ يحمي الأرض من الرياح النجمية. وأيضًا، تؤثر أنواع الكواكب الموجودة في النظام النجمي في احتمالية تطور الحياة وكيفيته.
بحثت ستيفاني وفريقها عن الكواكب التي تمتلك ظروفًا تسمح بانبعاث الأكسجين بنسب عالية.
مع أن شتى الكائنات الحية على الأرض حاليًا تحتاج إلى الأكسجين للتنفس، لم يكن الكوكب في بداياته يمتلك كميات عالية منه. وفقًا للبيانات، فإن نسبة الأوكسجين ارتفعت في كوكبنا منذ نحو 2.4 مليار عام، في فترة «الأكسجة العظيمة».
سبّب تطور البكتيريا الزرقاء وتكاثرها ازدياد نسبة الأكسجين خلال تلك الفترة، ما ساهم في تطور أنواع الحياة المختلفة.
في محاولة لفهم الظروف التي سمحت بتطور البكتيريا الزرقاء، عملت ستيفاني وفريقها على تصميم يشرح ذلك.
توضح ستيفاني: «يسمح التصميم بالتحكم في شتى الظروف، مثل عدد ساعات اليوم والحرارة وتوزيع الأراضي وغيرها، ما يساهم في فهم الطريقة التي تُصدر فيها البكتيريا الأكسجين. من المؤكد وجود عددٍ من الشروط التي سمحت للمغذيات بالانتقال، ما ساهم في تطور الكائنات المُصدرة للأكسجين مثل البكتيريا الزرقاء».
وجد الفريق أنّ دوران الأرض تباطأ بمرور الزمن، ما أدى إلى ازدياد طول الأيام، وتكوُّن القارات وتغيُّر العديد من الخصائص الجيولوجية، ما ساهم في ازدياد انبعاث الأكسجين
ركز الباحثون على دراسة ميل محور دوران الأرض، إذ وجدوا أن محور الأرض ليس عموديًا خلال دورانها حول الشمس، بل ينحني بمقدار 23.5 درجة.
هذا الانحناء هو المسبب الرئيسي لاختلاف الفصول، إذ تتغير الفصول باختلاف الانحناء، نحو الشمس أو بعيدًا عنها.
يؤثر هذا الاختلاف في المحيطات، إذ يؤدي بطريق غير مباشر إلى وجود المغذيات، التي تساهم في تطور شتى أنواع الخلايا الأولية.
صرحت ميغان بارنيت، الباحثة في جامعة شيكاغو: «ساهم ميل محور الدوران في زيادة نسبة الأكسجين المُنبعث في المحيطات، وفقًا للنموذج».
لكن لمستوى الانحناء حد معين، فمثلًا يتميز كوكب أورانوس بانحناء عال يبلغ 98 درجة، ما يؤدي إلى فصول طقس قاسية للغاية تمنع وجود أي نوع من الحياة.
وعلى العكس، لا يسمح الانحناء البسيط للغاية بتطور وجود المغذيات، ما يقف عائقًا في وجه تطور أنواع الحياة.
توصل العلماء إلى مستوى مُحدد من الانحناء -انحناء متوسط- يسمح بتطور الحياة.
يؤكد تيموثي ليونس، الباحث في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، أن تصميم الفريق والبيانات التي توصل إليها، ستساعدنا في محاولتنا لإيجاد أنواع الحياة المعتمدة في تطورها على الأكسجين.
اقرأ أيضًا:
لماذا تتأرجح الأرض أثناء دورانها؟ ناسا تطرح بياناتها
كيف تؤثر المحيطات الجوفية على قابلية العوالم الخارجية لاستضافة حياة؟
ترجمة: محمد علي مسلماني
تدقيق: روان أحمد أبو زيد