يستخدم علماء الفلك المحاكاة لاختبار النموذج القياسي لعلم الكونيات. تمكن ثاني أسرع حاسوب فائق في العالم من إنشاء أعقد محاكاة حاسوبية للكون حتى الآن. الهدف من هذه المحاكاة هو اختبار ما يصفه الباحثون بالمحاكاة الهيدروديناميكية للكون.

يُعرف الحاسوب العملاق باسم فرونتير، ويوجد في مختبر أوك ريدج الوطني. صُمم ليكون أول حاسوب فائق من فئة إكساسكيل.

استخدم فريق من مختبر أرجون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية في إلينوي، بقيادة مدير قسم علوم الحوسبة في أرجون، سلمان حبيب، نظام HACC الخاص بهم على فرونتر. طُوّر HACC لأول مرة منذ 15 عامًا، وهو يصور تطور الكون، كُتبت شفرته بحيث يمكن تكييفها مع أي جهاز كمبيوتر فائق السرعة في أي وقت.

أظهرت نتائج عمليات المحاكاة أنه عندما تتغير الطاقة المظلمة فإنها قد تؤدي إلى تجمع أقوى للمجرات في الكون المبكر، وهو شيء يمكن لعلماء الفلك البحث عنه في مسوحات المجرات ذات الانزياح الأحمر العالي، أي مسوحات المجرات التي تبحث في جيوب الكون البعيد للغاية. من نواح كثيرة، فإن عمليات المحاكاة الناتجة كبيرة ومفصلة، مثل المسح الفلكي العميق الرئيسي، ومثل مسح سلون الرقمي للسماء، أو المسوحات القادمة التي سيجريها مرصد فيرا سي روبين.

مع ذلك، كانت عمليات المحاكاة هي عمليات محاكاة للجاذبية فقط، أي أنها لم تكن قوية بما يكفي لتشمل قوى أو تأثيرات أخرى. قال حبيب في بيان: إذا كنا سنحاكي جزءًا كبيرًا من الكون يمسحه أحد التلسكوبات الكبيرة مثل مرصد روبين في تشيلي، فأنت تتحدث عن النظر إلى أجزاء ضخمة من الزمن، مليارات السنين من التوسع. حتى وقت قريب، لم نكن نستطيع تخيل إجراء مثل هذه المحاكاة الضخمة إلا بالتقريب، بواسطة الجاذبية فقط.

ظهرت الحاجة إلى محاكاة أقوى تشمل قوى وتأثيرات أخرى إلى جانب الجاذبية، هنا يأتي دور فرونتيير، بدعم من مشروع وزارة الطاقة بقيمة 1.8 مليار دولار لتمويل الحوسبة.

في النموذج القياسي لعلم الكونيات، يهيمن عنصران: المادة المظلمة والطاقة المظلمة. الأشياء الملموسة، ما يسمى المادة الباريونية، يمثل أقل من 5% من المادة والطاقة في الكون.

لذا، إذا أردنا أن نعرف ما يحدث في الكون، فنحن بحاجة إلى محاكاة المادة المظلمة والطاقة المظلمة. أما الجاذبية وكذلك جميع المكونات الفيزيائية الأخرى متضمنة الغاز الساخن، وتكوين النجوم والثقوب السوداء والمجرات، يطلق على ذلك «حوض المطبخ الفيزيائي الفلكي»، إذا جاز التعبير. أو ما يسمى محاكاة الهيدروديناميكية الكونية.

ينسب برونسون ميسر، مدير العلوم في منشأة أوك ريدج للقيادة الحاسوبية، الفضل إلى HACC في إضافة الواقعية الفيزيائية المتمثلة في تضمين الباريونات وجميع الفيزياء الديناميكية الأخرى التي تزيد من قوة المحاكاة. ستسمح المحاكاة، التي ستكون متاحة للمجتمع الفلكي، للباحثين باستكشاف نماذجهم الكونية، وطرح أسئلة حول طبيعة المادة المظلمة، والطاقة المظلمة، ومتابعة نماذج بديلة للجاذبية مثل ديناميكيات نيوتن المعدلة (MOND). ومن الممكن بعد ذلك مقارنة المحاكاة بما توصلت إليه المسوحات الفلكية الحقيقية، لتحديد النموذج الأفضل ملاءمة للملاحظات.

كل هذا يثير تساؤلًا مهمًا: إذا استمرت قوة الحوسبة في الزيادة، فسوف تصبح عمليات المحاكاة التي نجريها للكون أكثر تفصيلًا ودقة، ولكن إلى أي مدى؟ اقترح بعض المفكرين أننا ربما نعيش نحن أنفسنا في محاكاة، ربما نتيجة محاولة شخص آخر لنمذجة الواقع. فهل ننشئ عمليات محاكاة في أثناء وجودنا داخل محاكاة؟

اقرأ أيضًا:

إنشاء محاكاة للنجوم والثقوب السوداء البدائية التي تواجدت في بداية الكون

يمكن لمحاكاة ثلاثية الأبعاد لسديم عين القط كشف أسرار هذا الجرم الكوني الرائع

ترجمة: شهد حسن

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر