انطلق رواد الفضاء إلى المدار من الولايات المتحدة لأول مرة منذ نحو عقد من الزمان، وأرسلت ثلاث دول مركبات فضائيةً نحو المريخ، وأخذ المستكشفون الآليون عينات من صخور القمر، ونماذج من حصى كويكب ثم عادوا إلى الأرض.
وفر الفضاء لحظات من الأمل والمجد في عام صعب ومرهق، وهو يعد بفعل الشيء نفسه في عام 2021، مع الهبوط في شهر فبراير على المريخ وإطلاق الجيل الجديد من تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي يعد خليفة تلسكوب هابل في الخريف المقبل.
تأمل شركة بوينغ باللحاق بسبيس إكس في قسم إطلاق رواد الفضاء، في حين أن السياحة الفضائية قد تنطلق أخيرًا. قال سكوت هوبارد «قيصر المريخ» السابق في ناسا الذي يدرس الآن في جامعة ستانفورد: «يعد عام 2021 بأن يكون نقطةً مضيئةً في استكشاف الفضاء، وربما تفوق إنجازاته ذلك».
مع أن جائحة فيروس كورونا أدت إلى تعقيد العمليات الفضائية في جميع أنحاء العالم في عام 2020، فإن معظم المهمات ذات الأولوية القصوى بقيت على المسار الصحيح، بقيادة الولايات المتحدة والصين والإمارات العربية المتحدة في تدافع نحو المريخ في يوليو.
ستسافر أول مركبة فضائية بين الكواكب لفحص الغلاف الجوي للمريخ، تعد هذه المركبة الفضائية مركبةً مداريةً تابعةً لدولة الإمارات العربية المتحدة. من المقرر أن تهبط مركبة بريسيرفانس التابعة لوكالة ناسا في 18 فبراير في دلتا نهر قديم وبحيرة حيث قد تكون الحياة المجهرية قد ازدهرت ذات مرة. ستنقب المركبة الجوالة في القشرة الجافة على المريخ، وتجمع العينات لإعادتها إلى الأرض في نهاية المطاف.
سيبحث الثنائي الصيني المتجول المداري Tianwen-1 عن علامات الحياة القديمة.
تخطت وكالات الفضاء الأوروبية والروسية نافذة الإطلاق على كوكب المريخ عام 2020، إذ تأجل إطلاق مركبتهم الفضائية المريخية حتى عام 2022 بسبب مشكلات فنية إلى جانب قيود جائحة كوفيد-19.
وضعت الصين أنظارها على القمر في عام 2020، حيث هبطت ثم انطلقت من سطح القمر في ديسمبر مع أول صخور قمرية جمعتها لإعادتها إلى الأرض منذ سبعينيات القرن الماضي. أعادت اليابان قطعًا من كويكب ريوجو، وتمثل هذه القطع الدفعة الثانية خلال عقد من الزمن، إلا أنها تطمح إلى المزيد من عينات الكويكبات مستقبلًا، إذ أخذت مركبة الفضاء أوزوريس ريكس التابعة لناسا حفنةً من حصى الكويكب بينو في أكتوبر لإعادتها في عام 2023.
في غضون ذلك، كانت شركة سبيس إكس التي يملكها إيلون ماسك تنبض بالحياة في عام 2020. وفي مايو، أصبحت أول شركة خاصة تضع الناس في المدار، وهو إنجاز زعمته سابقًا ثلاث قوًى عظمى عالمية. كان الطياران التجريبيان أول رواد فضاء يعملون مع وكالة ناسا ويقودون مركبةً فضائيةً بعلامة تجارية جديدة منذ نحو 40 عامًا، وأول من ينطلق من فلوريدا منذ انتهاء برنامج المكوك في عام 2011.
في نوفمبر، ركب أربعة رواد فضاء آخرين كبسولة سبيس إكس دراجون إلى محطة الفضاء الدولية. بعد ثلاثة أسابيع، أطلقت سبيس إكس أكبر شحنة لها حتى الآن إلى المحطة الفضائية لناسا. قال رائد الفضاء مارك كيلي -الذي أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي- عن كبسولة التنين ذات الرأس المزدوج: «هذا إنجاز مثير للإعجاب يجب أن يفخر به الأمريكيون». قبل رحلات سبيس إكس، كانت كبسولات سويوز الروسية المكونة من ثلاثة أشخاص هي الطريقة الوحيدة لإيصال رواد الفضاء إلى محطة الفضاء فور إغلاق مكوكات ناسا.
تسعى شركة بوينغ، التي تعد شركةً أخرى لنقل رواد فضاء مستأجرةً تابعةً لناسا، إلى إعادة تشغيل كبسولتها ستارلاينر بعد رحلة تجريبية أثبتت عطلًا بالبرمجيات في ديسمبر 2019. وتستأنف الرحلة مرةً أخرى مع عدم وجود أحد على متنها في الربيع. إذا نجحت الإصلاحات ووصلت الكبسولة أخيرًا إلى المحطة الفضائية، فقد يسافر رواد الفضاء الأوائل من ستارلاينر بحلول الصيف.
توج ماسك العام 2020 برحلة تجريبية لطائرة ستارشيب، المركبة الصاروخية التي صنعها لنقل الناس إلى القمر والمريخ. أدت المركبة العرض التجريبي في 9 ديسمبر بأفضل طريقة ممكنة حتى حصل انفجار ناري عند الهبوط. ومع ذلك كان ماسك متفائلًا. في الوقت نفسه، تعمل سبيس إكس على توسيع نطاق الرواد الذين سيركبون المركبة «دراجون». في أواخر العام المقبل، تتوقع سبيس إكس إطلاق أول رحلة دراجون ممولة من القطاع الخاص في صفقة رتبتها شركة أكسيوم سبيس ومقرها هيوستن.
سيرافق مايكل لوبيز أليجريا من شركة أكسيوم -وهو رائد فضاء سابق في ناسا، والرئيس السابق لاتحاد رحلات الفضاء التجارية- رجل الأعمال الإسرائيلي إيتان ستيب واثنين من العملاء الآخرين الذين يدفعون رسومًا إلى المحطة الفضائية. كان ستيب -وهو طيار مقاتل سابق- صديقًا مقربًا لرائد الفضاء الإسرائيلي الأول، إيلان رامون، الذي توفي على متن مكوك الفضاء كولومبيا في عام 2003.
هل سينضم إليهم توم كروز؟ أجرى الممثل محادثات مع وكالة ناسا هذا العام حول تصوير فيلم في محطة الفضاء.
قال لوبيز أليجريا في رسالة بالبريد الإلكتروني: «هذه هي البداية الحقيقية لرحلات الفضاء الخاصة، وستؤدي هذه الرحلات عدة مهام خاصةً في مدار الأرض سنويًا. لقد كنت أقول على مدى عقد من الزمان أن رحلات الفضاء البشرية التجارية هي القفزة العملاقة التالية».
ما تزال شركتا السفر إلى الفضاء -بلو اوريجين التابعة لجيف بيزوس وفيرجين غلاكتيك التابعة لريتشارد برانسون- تجريان رحلات تجريبية، ولم تحددا بعد المواعيد الثابتة لإطلاق العملاء في رحلات قصيرة إلى حافة الفضاء والعودة.
ما تزال ناسا تستهدف الإطلاق الأول في نوفمبر لصاروخها القمري الجديد الذي يعد نظام إطلاق فضائي بكبسولة أوريون التي ستنطلق من دون طاقم. حددت إدارة ترامب 2024 موعدًا نهائيًا لأول هبوط على سطح القمر منذ برنامج أبولو التابع لناسا قبل نصف قرن. في هذا الشهر فقط، قدمت ناسا 18 رائد فضاء سيتدربون على برنامج القمر المسمى أرتميس، المطابق للبرنامج الأسطوري أبولو.
سنرى الكيفية التي قد يغير بها الرئيس المنتخب جو بايدن برنامج الهبوط على سطح القمر.
أشار جون لوجسدون، الأستاذ الفخري في معهد سياسة الفضاء بجامعة جورج واشنطن: «أيًا كان ما يمكن قوله عن السنوات الأربع لإدارة ترامب، فقد كانت إيجابيةً لبرنامج الفضاء المدني الأمريكي. لم تلغ أي برامج رئيسية سابقة، وأعطي توجيه واضح لبرنامج الاستكشاف البشري، وازداد التمويل للبرامج الحالية، هذا إرث يمكن لإدارة بايدن البناء عليه، فقد توجد سلسلة مستمرة من النجاحات في السنوات المقبلة».
اقرأ أيضًا:
10 أسباب تجعل استكشاف الفضاء مهمًا لك شخصيًا
الوقت الأمثل لاستكشاف الكون هو الآن، لهذا السبب
ترجمة: أمين المومني
تدقيق: راما الهريسي