عمل العلماء على مدى عقود على تسخير مصدر طاقة النجوم، الإندماج النووى – إندماج نوى الذرات الأخف وزنا لبناء ذرات أثقل منها تحت درجات حرارة عالية وضغط هائل. الإندماج النووي يطلق كميات هائلة من الطاقة، التي يمكن استخدامها يوما ما لإنتاج الكهرباء. لكن نظم الإندماج النووي المختبرية الواعدة، تنتج إشعاعات في شكل نيوترونات تتحرك بسرعة، و هي تشكّل خطرا صحيا يحتاج لدروع ثقيلة للحماية منها، و يفكّك جدران المفاعل نفسه. تمكّن علماء من جامعة Ecole Polytechnique في باليزو، فرنسا من إتمام عملية إندماج نووي بمعدل متسارع، دون توليد النيوترونات الضارة.
الفريق البحثي بقيادة كريستين لابون، مديرة الأبحاث في مختبر CNRS لاستخدام أشعة الليزر المكثفة، إستخدموا نظام ليزر ثنائي لدمج البروتونات مع نواة البورون -11. أنشأ أحد أشعة الليزر بلازما قصيرة الأجل، أو غاز متأيّن للغاية من نوى البورون-11 و ذراته عن طريق تسخين؛ الليزر الآخر ينتج شعاع من البروتونات التي تجتاح نواة البورون، و تندمج معها للإفراج عن جزيئات الهيليوم التي تسير بخطى بطيئة، عوضا عن النيوترونات السريعة الضارة. نشر الباحثون نتائجهم في دورية Nature Communications. التجارب السابقة التي ولّدت انصهار نوى البورون، كان الليزر موجها على نوى البورون لبدء التفاعل. في هذه التجربة، شعاع البروتون المتولد من الليزر، ينتج عنه زيادة عشرة أضعاف في معدّل الانصهار، إذ أن البروتونات و نوى البورون تصطدم معا بشكل مباشر.
كان التوقيت عامل حاسم لنجاح التجربة. بلازما البورون التي تم إنشاؤها بواسطة الليزر تستغرق حوالي واحد من المليار من الثانية، و بالتالي فإن نبض شعاع البروتونات – الذي يستمر واحد من التريليون من الثانية، يجب أن يكون متزامن مع الليزر الآخر ليصطدم بالهدف بدقة. شعاع البروتون يسبقه شعاع من الإلكترونات، يتم إنشاؤه بواسطة الليزر نفسه و يدفع بعيدا الإلكترونات في بلازما البورون، وتعطي للبروتونات فرصة أكبر لتصطدم بنواة البورون و بالتالي، بداية عملية الإندماج. التجربة نفسها يمكن أن تتكرر باستخدام ليزر أسرع، لتوليد تفاعلات اندماج نووي بشكل مستمر. لم يتم تصميم هذه الدراسة لتحقيق اشتعال – نقطة تعادل حيث الطاقة المولّدة من العملية تساوي تلك المدخلة اللازمة لتشغيل الليزر. القفزات التي تحدث في قوة و صغر حجم أجهزة الليزر، تجعل نظام الليزر الثنائي “مخطط عملي” لإستخدام الإندماج النووي كمصدر للطاقة في المستقبل.
