إنه الربيع! أنسب الأوقات للخروج من المنزل والاستمتاع بالوقت، ولكن عندما تكون بالخارج ويجب عليك قضاء حاجتك الآن، فهل ذلك الحمام العام هو المكان الأنسب لذلك.
بالطبع نعم، إن الحمامات العامة من الممكن أن تكون مليئة بالجراثيم بعض الشيء ولكنها على الأرجح لا تشكل أي تهديد على حياتك، فمعظم البكتريا التي تكون ضارة للبشر تختفي بسرعة من أسطح الحمامات، بالإضافة إلى أن الجهاز المناعي –بجانب غسيل اليدين– سوف يمنع بقية البكتريا والأضرار.
وقد قال (جاك جيلبرت – Jack Gilbert) وهو عالم في الأحياء الدقيقة في معامل (أرجون الوطنية في إلينويس – Argonne National Labortatory in Illinois): «إن الكائنات التي من الممكن أن تنمو هناك لديها احتمالية شديدة الضعف في أن تصيب الانسان بالعدوى».
النظام البيئي في الحمام العام
قام جيلبرت، المشارك في دراسة عام 2014 في مجلة للأحياء الدقيقة البيئية والتطبيقية، والتي تتبع الباحثون خلالها الأقاليم الميكروبية (أماكن تجمع الميكروبات في بيئة محددة) لحمامات الجامعة لمدة ساعات وأيام.
لقد كانت الدراسة فريدة من نوعها في تتبع البكتريا الساكنة في الحمامات عبر الزمن، وفي بحث سابق تضمن عينات لمرة واحدة، تم العثور على عديد من أشكال الحياة الميكروسكوبية، فعلى سبيل المثال، رصد الباحثون في دراسة في عام 2011 والتي تم نشرها في مجلة «PLOS ONE» المفتوحة، أنهم اكتشفوا 19 نوعًا من البكتيريا في 12 حمامًا في الحرم الجامعي لجامعة (كولورادو – Colorado University).
92% من البكتريا كانت من أربع كائنات حية مرتبطة بالإنسان (المجموعات التصنيفية فوق الطبقات ولكن تحت الممالك):
الشعاويات (توجد بكثرة على البشرة)، الـ«Bacteroidetes»، والـ«Firmicutes»، والـ«Proteobacteria»، وهم موجودون في القناة الهضمية.
ومما لا يثير الدهشة، أن البكتيريا المرتبطة بالبشرة، كانت موجودة في الأماكن التي يتم لمسها باليد: فالأبواب والأكشاك، والحنفيات، وموزعات الصابون، وأيضًا الـ«Firmicutes» والـ«Bacteroidetes» كانت منتشرة بشكل واضح في مقابض المرحاض والمقاعد، وعلى الأرجح تكون منتشرة بسبب التلوث الحادث نتيحة الفضلات من خلال الاتصال المباشر به أو رذاذ المرحاض.
إن البكتريا الملبنة (lactobacillus)، والتي لها علاقة بالبكتريا المهبلية، وكانت أكثر شيوعًا في حمامات النساء.
إن عينات المرة الواحدة توفر لقطة عن ماهية البكتريا التي تتساقط من الناس في البيئة فقط، على الرغم من أن هذه الأنواع من البكتريا لا يمكنها أن تزدهر هناك.
قام جيبلرت وزملاؤه بأخذ عينات من المراحيض على مدار الساعة، وبعد ذلك قام بتعقيم الأماكن ليبدأ العملية في حالة النظافة، وأيضًا سمحوا باستخدام الحمامات لمدة أربع ساعات ومن ثم أغلقوها لبقية اليوم، ليروا كيف يتغير ترتيب وتشكيل البكتريا مع الزمن.
يحمل البشر الكثير من البكتريا إلى الحمامات، كما وجد الباحثون، حيث أنه في خلال ساعة من الاستخدام العادي، كان هناك 500000 خلية بكتيرية لكل بوصة مربعة على أسطح الحمامات في المتوسط.
«إن كمية البكتيريا المتساقطة من البشر في تلك المساحة كان فوق المعتاد» كما صرح جيلبرت لمجلة (Live Science).
ولكن عندما تركت البكتريا دون أي عائق وتشتيت، هلكت العديد من تلك البكتريا، وخاصة بكتريا القناة الهضمية، والتي لا تحتمل البقاء في الأكسجين ودرجات الحرارة المنخفضة ونقص المواد الغذائية، كما قال جيلبرت.
إن الأسطح الباردة والجافة من المراحيض وأرضيات الحمامات والأغراض الموجودة في الحمام هي أبعد ما يكون عن الأمعاء الغليظةالدافئة، والرطبة، والغنية بالمغذيات.
إن البكتيريا الموجوة على البشرة رصدت تحملًا أفضل من غيرها، فالبعض من البكتريا كان لديها القدرة والطاقة لتصبح مسببة للأمراض، كما قال جيلبرت، ولكنه من الصعب جدًا أن تصاب بالمرض، إن البكتريا المسببة للأمراض الجلدية (Staphylococcus aureus bacteria) على سبيل المثال قاومت لفترة طويلة على أسطح الحمامات، ولكن (S.aureus) توجد في شخص واحد من كل خمسة أشخاص، وبشكل عام تسبب مشاكل فقط عندما تكون مصابًا أو منقوص المناعة.
«يوجد هناك كائنات حية، فدعنا نقول أنه إذا قمت بفتح ذراعك وفركته بأرضية الحمام، فمن الممكن أن تحتل البكتريا ذلك الجرح وتسبب العدوى» هذا ما قاله جيلبرت.
المساحات الآمنة
إن النظافة الشخصية، والصحة العامة، والتطعيم جعلوا من الأمر صعبًا أن تصاب بالكائنات الممرضة في فترة نشاطهم، حتى في الحمامات العامة.
نظريًا، إن الفيروسات مثل فيرس الالتهاب الكبدي أ من الممكن أن ينتقل عن طريق الفضلات في الحمام، إذا قام الأشخاص بلمس مقبض المرحاض وفيهم بيكتريا دون غسل يديهم، ولكن معظم الأشخاص في الولايات المتحدة تلقوا التطعيم ضد الالتهاب الكبدي أ في السنة الأولى من حياتهم.
إن الحكايات التي رواها الأشخاص المصابون بعدوى من شيء في الحمامات العامة قليلة وبعيدة، ففي دراسة تمت في 2003 في مجلة (BMJ)تم رصد قصة لطفلة تبلغ ثمان سنوات أصيبت بالسيلان من حمام عام، فقد استنتج الأطباء أنها على الأرجح قامت بسمح مرحاض طائرة متسخ بورق التواليت، مما أدى إلى اتساخ يدها ومن ثم استخدمت نفس اليد المتسخة.
وفي 1989، وفي دراسة في مجلة «The Lance» تم استنتاج أن الحمامات العامة من الممكن أن تكون مصدرًا لنقل الأمراض في السفن السياحية خلال تفشي «norovirus»، وهو مرض معوي ينتقل باللمس.
(إنه مرض ينتشر بسهولة شديدة في الأماكن الضيقة لإن القيء من الممكن أن يجعل الجسميات الفيروسية تنتشر جوًا، وأيضًا قد وجدت الدراسة أن الانتقال المباشر للعدوى –عندما يلمس الناس جسميات فيروسية على الأسطح– كان على الأرجح يوضح كيف ينتشر الفيرس في حمامات السفن السياحية).
وقد اقترحت الدراسات التجريبية أن غسل مرحاض بلا غطاء من الممكن أن يخلق رذاذًا من الهباء الجوي المحمل بالبكتريا المعدية، ولكنه لا يوجد أي أمثلة مثبتة من أمراض تم انتقالها بهذه الطريقة.
في خلال تفشي مرض السارس 2003 في مبنى سكني في هونج كونج كان سببه إصابة الفلاتر الملوثة بالاسهال في نظام السباكة في المنزل، ولكن في هذه الحالة لم يكن تنظيف المرحاض هو السبب في انتشار الفيرس ولكن بسبب المراوح في الحمامات التي كانت تسحب الهواء الملوث إلى الحمامات الأخرى في المبنى، وفقًا لاستعراض عام 2013 في المجلة الأمريكية لمكافحة العدوى.
وفي النهاية، كما قال جيلبرت: «إن الأماكن الوحيدة التي نرى فيها انتقالًا كبيرًا للأمراض المعدية بانتظام، هي بيئات الصحة العامة، لأن الناس في هذه البيئة تكون مناعتهم ضعيفة، وللأشخاص الأصحاء، فهناك القليل من التخوف لهم في الحمامات العامة»
«وعلى مر السنين، فدائمًا ما تم تحذيرنا أن الكثير من البكتريا سيء وضار لنا وهو الآن ليس صحيحًا، فليس هناك أي دليل يدعم هذا الاستنتاج على الإطلاق.
هوسنا بالتعقيم والنظافة، جنوننا بالشك، هذا ليس مفيدًا على الإطلاق»
- ترجمة: أحمد عبد القادر
- تدقيق: يحيى أحمد
- تحرير: طارق الشعر
- المصدر