لا يدوم أيّ شيء إلى الأبد، بما في ذلك الثقوب السوداء، فهي تتبخر على مدى فترات زمنية هائلة، وينطبق ذلك على الأجسام الهائلة الأخرى في الكون، وهذا بسبب إشعاع هوكينغ الذي سمّي نسبةً لعالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكينغ الذي طوَّر الفكرة في سبعينيات القرن الماضي.

تكمن المشكلة في عدم رصد إشعاع هوكينج بعد بطريقة تؤكد صحّته.

يظن ثلاثة باحثين أوروبيين أنهم قد وجدوا طريقةً لرصد إشعاع هوكينج، ونشروا نتائج بحثهم في ورقة بحثية بعنوان “قياس إشعاع هوكينج من فُتات الثقوب السوداء ضمن عمليات اندماج الثقوب السوداء فلكيًا”.

كان متوقعًا منذ فترة طويلة اندماج الثقوب السوداء، لكنه لم يُرصد مطلقًا، أظهرت النظرية أن عمليات الاندماج هذه يجب أن تؤدي إلى إطلاق أمواج تتميز بجاذبية قوية.

أخيرًا، اكتشف مرصد ليغو LIGO في عام 2015 عملية الدمج الأولى، وإلى الآن قد اكتشف العلماء عدة حالات منها.

في رسالتهم البحثية الموجزة، يقول الباحثون إن عمليات الاندماج هذه هي نافذة على إشعاع هوكينج (HR).

عند اندماج الثقوب السوداء، فقد تُنشِئ ما يسمى بالثقوب السوداء الصغيرة وهي بحجم الكويكبات والأجرام المقذوفة في الفضاء، إذ يجب أن يجعل حجمها الصغير إشعاع هوكينغ الخاص بها قابلًا للكشف.

يُنتج إشعاع هوكينغ القادم من هذه الثقوب السوداء الصغيرة أشعة جاما مع بصمة معينة من الفوتونات عالية الطاقة.

وضّح مؤلفو الورقة البحثية: «نستكشف في هذا البحث الآثار المترتبة على إنتاج عدد كبير من الثقوب السوداء الصغيرة خلال حدث مدمِّر مثل اندماج اثنين من الثقوب السوداء الفلكية».

وتابعوا: «سنبين أيضًا أن إشعاع هوكينج النابع من هذه الثقوب السوداء الصغيرة يؤدي إلى انفجارات أشعة غاما التي لها بصمة مميزة».

عند تبخر فتات الثقوب السوداء، فإنها تُصدر جزيئات ذات نمط كروي متماثل، طالما الثقب الأسود الأكبر المدمج لا يحجب رؤيتها، يجب أن تصل جزيىات الثقب الأسود إلينا.

تتجاوز طاقة الفوتون الناتج عن الانفجارات مقياس تريليلون الكترون فولت (TeV).

يقول الباحثون أنه يمكن اكتشاف قوة انفجارات أشعة جاما القادمة من فتات الثقوب السوداء هذه وتأثيرها بواسطة مراصد تشيرنكوف في الغلاف الجوي، مثل مرصد تشيرنكوف للمياه ذات المنسوب المرتفع وهو مرصد لالتقاط أشعة جاما. يرصد هذا التلسكوب الفوتونات على نطاق بين 100 جيجا الكترون فولت (GeV) إلى 100 تيرا فولت (TeV).

تبقى هناك الكثير من التساؤلات، يقول العلماء إن الثقوب السوداء الصغيرة هذه، بالتزامن مع تبخرها، سيصدر عنها مقدار هائل من الطاقة. لكن عند انبعاثها في بيئة الجذب الشديد والكافي لاندماج الثقوب السوداء، قد يتأثر حينها إشعاع هوكينغ، وينطبق الشيء ذاته إذا انبعثت بسرعات نسبية.

كلا العاملين قد يساهم في تغيير طيفها قبل وصولها إلى أجهزة الرصد لدينا.

هناك نقاط في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، إذ تتعطل الأشياء بسبب فهمنا غير المكتمل لها.
يشير المؤلفون إلى أن بعض الفيزياء الحديثة التي لم تُرصد يمكنها تشويه أطياف من الثقوب السوداء الصغيرة ما يجعلها صعبة الرصد.

يُعد وجود ثقوب سوداء صغيرة بحجم كويكبات مثيرًا للاهتمام لأنه من المحتمل أنها أُنشئت خلال المراحل الأولى للكون عندما كانت الظروف الفيزيائية مختلفة. إذا كان هذا صحيحًا، وإذا لم تكن قد تبخرت حتى الآن، فمن المحتمل أنها شكّلت المادة المظلمة.

كتب معدّوا البحث آنف الذكر: «إنّ رصد إشعاع هوكينغ من أجزاء صغيرة من الثقوب السوداء قد يسلط الضوء على إنتاج تلك الأجزاء، ويزودنا أيضًا بمعلومات حول فيزياء الجسيمات عند طاقات تتجاوز القدرة الحالية والمستقبلية لتجارب المُصادمات، ويحمل بصمات من الفيزياء الحديثة القائمة على التناظر الفائق أو الديناميكيات المركبة أو حتى الأبعاد الإضافية على سبيل المثال لا الحصر».

نُشرت هذه المقالة بالأصل بواسطة موقع Universe Today.

اقرأ أيضًا:

اقتراح جديد لإنشاء ثقوب سوداء صناعية باستخدام الليزر لدراسة إشعاع هوكينج

إعادة إحياء إشعاع هوكينج في المُختبر!

ترجمة: سليمان عبد المنعم

تدقيق: ريم الجردي

مراجعة: باسل حميدي

المصدر