إساءة معاملة الأطفال قد تنجم عن الأذى الجسدي أو اللفظي أو الجنسي. في حين أن إساءة معاملة الطفل غالبًا ما تتخذ شكل أذًى جسدي (العنف)، فهناك أيضًا أمثلة عن الأذى غير الجسدى الذي يسبب الضرر، مثل الإهمال. الأسر التي يعاني فيها أحد الأفراد من تعاطي مواد الإدمان (من المخدرات والكحول) أو من الغضب تُظهر ارتفاعًا في حالات إساءة معاملة الأطفال مقارنةً بغيرها من الأسر. نتائج إساءة معاملة الأطفال يمكن أن تؤدي إلى إصابات قصيرة وطويلة الأجل، أو حتى الوفاة. قد يكون بعض الأطفال غير مدركين أنهم ضحايا إساءة معاملة.
إساءة معاملة الأطفال واسعة الانتشار ويمكن أن تحدث في أي مجموعة ثقافية أو عرقية، وفي أي فئات دخل مادي. يشتمل الإيذاء الجسدي على الإيذاء المتعمد مثل الحرق أو الضرب أو كسرالعظام. وتشمل الإساءة اللفظية إيذاء طفل عبر التقليل من شأنه أو التهديد بالعقاب البدني أو الجنسي مثلًا. الصدمة العاطفية يمكن أن تنجم عن عدة أشكال من سوء المعاملة.
تشير الدراسات إلى أن واحدةً من كل أربع فتيات وواحدًا من كل ثمانية أولاد يتعرضون للإيذاء الجنسي قبل سن 18، وأن حوالي واحدًا من كل 20 طفلًا يتعرضون للإيذاء الجسدي كل عام.
الاعتداء الجنسي على الأطفال هو التعرض المتعمد للطفل القاصر لممارسة الجنس أو الأنشطة الجنسية التي لا يستطيع الطفل فهمها أو الموافقة عليها.
يتضمن هذا السلوك أفعالًا مثل لمس الثدي أو الأعضاء التناسلية للطفل بطريقة غير ملائمة، أو عرض شخص ما لأعضائه التناسلية للطفل، أو المداعبة، أو الجنس الفموي، أو الاتصال الجنسي التناسلي أو الشرجي، فضلًا عن الاستعراء، و استراق النظر، والتعرض للمواد الإباحية.
يحدث إهمال الطفل عندما لا يوفر شخص ما ضرورات الحياة للطفل، سواء عن قصد أو بسبب تجاهل عافية الطفل. يمكن أن يشمل ذلك الإهمال البدني، مثل حجب الطعام أو الملابس أو المأوى أو غيرها من الضروريات. الإهمال العاطفي يشمل حجب الحب أو الراحة أو المودة. يحدث الإهمال الطبي عند حجب الرعاية الطبية.
أصبحت الحرية الدينية نقطة خلاف في بعض حالات إساءة معاملة الأطفال. بعض الدول تسمح بالإهمال الطبي بسبب الاعتراضات الدينية. هناك أيضًا أمثلة على بعض الأعمال الدينية المتطرفة التي تُعتبر إساءة معاملة للأطفال في بعض البلدان، ولكنها مقبولة في دول أخرى.
أعراض إساءة معاملة الطفل
ليس من السهل دائمًا التعرف على حالات إساءة معاملة الطفل. الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء غالبًا لا يشتكون لأنهم يخشون أن يُلقى اللوم عليهم أو ألا يصدقهم أحد. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الشخص الذي أساء إليهم شخصًا يحبه الأطفال كثيرًا ويريدون حمايته. غالبًا ما يكون الآباء غير قادرين على التعرف على أعراض سوء المعاملة لأنهم قد لا يريدون مواجهة هذه الحقيقة.
إذا كان هناك شك في تعرض أحد الأطفال للاعتداء الجنسي، فيجب فحصه في أقرب وقت ممكن من قبل أخصائي رعاية صحية مدرّب. من الضروري أن يحصل أي طفل تُساء معاملته على وصول مباشر إلى الدعم والعلاج الخاصين لذلك، لا يجب تأجيل اختبار الطبيب لأي سبب من الأسباب. العديد من علامات الإصابة المتعلقة بالإيذاء الجنسي مؤقتة.
من الناحية المثالية، يجب أن يحدث الاختبار في غضون 72 ساعة من الحدث أو الاكتشاف. يجب إجراء الفحص البدني الكامل دائمًا حتى يتمكن الفاحص من البحث عن أي علامات على الإيذاء البدني أو الجنسي. يمكن التعايش مع هذين الشكلين من أشكال الإساءة، وغالبًا ما يحدث ذلك، لكن كلما طال وقت الإساءة، قل احتمال تعافي الطفل من الشفاء البدني أو العاطفي الكامل.
يجب على الآباء مراقبة التغييرات غير المبررة في جسم الطفل أو سلوكه. يجب إجراء الفحص الرسمي فقط إذا كان لدى أحد الوالدين سبب للاشتباه في تعرض طفله للإساءة. خلافًا لذلك، قد يصبح الطفل خائفًا. يجب أن يكون أولياء الأمور متيقظين لأي من التغيرات التالية:
علامات الإيذاء البدني:
● أي إصابة (كدمة، حروق، كسر، إصابة في البطن أو الرأس) لا يمكن تفسيرها.
علامات الاعتداء الجنسي:
● سلوك يدل على الخوف (كوابيس، اكتئاب، مخاوف غير عادية، محاولات للهرب).
● وجع البطن.
● التبول اللا إرادي.
● التهاب المسالك البولية.
● ألم تناسلي أو نزيف.
● الأمراض المنقولة جنسيًا.
● السلوك الجنسي المفرط الذي يبدو غير مناسب لسن الطفل.
علامات الإساءة العاطفية:
● التغيير المفاجئ في الثقة بالنفس.
● الصداع أو آلام المعدة دون سبب طبي.
● مخاوف غير طبيعية، زيادة كوابيس، أو محاولات للهرب.
علامات الإهمال العاطفي:
● عدم زيادة الوزن (خاصة عند الرضع).
● يائس السلوك.
● تناول الكثير في جلسة واحدة، أو سرقة الطعام.
أسباب إساءة معاملة الطفل
يسهم مزيج من العوامل الفردية والعلائقية والاجتماعية والمجتمعية في خطر إساءة معاملة الأطفال ومعاملتهم بقسوة. لا يتحمل الأطفال أبدًا المسؤولية عن الضرر الذي يلحق بهم، ولكن عُثر على خصائص فردية معينة تزيد من خطر تعرض الطفل لسوء المعاملة. عوامل الخطر هي العوامل المساهمة وليست الأسباب المباشرة.
أمثلة لعوامل الخطر:
● الإعاقات أو التخلف العقلي عند الأطفال ما قد يزيد من أعباء مقدمي الرعاية.
● العزلة الاجتماعية للأسر.
● عدم فهم الآباء لاحتياجات الأطفال ونموهم.
● تاريخ الآباء والأمهات من العنف الأسري.
● الفقر وغيرها من العيوب الاجتماعية والاقتصادية، مثل البطالة.
● اضطراب الأسرة وتفككها والعنف، بما في ذلك عنف الشريك الحميم.
● عدم الترابط الأسري.
● تعاطي المخدرات في الأسرة.
● الوالدين الصغار، الأسرة ذات العائل الواحد، أو أحد الوالدين غير البيولوجي.
● سوء العلاقات بين الوالدين والطفل والتفاعلات السلبية.
● الأفكار الأبوية والعواطف التي تدعم سلوكيات سوء المعاملة.
● إجهاد ومعاناة الوالدين، بما في ذلك الاكتئاب أو غيرها من حالات الصحة العقلية.
● العنف المجتمعي.
علاج إساءة معاملة الطفل
إذا اشتبه شخص ما في تعرض طفل لسوء المعاملة، فيجب عليه الاتصال بطبيب أطفال أو وكالة محلية لحماية الطفل للحصول على المساعدة. الأطباء ملزمون قانونًا بالإبلاغ عن جميع حالات سوء المعاملة أو الإهمال المشتبه بها لدى السلطات.
يمكنهم أيضًا التوصية بمعالج وتقديم المعلومات اللازمة للمحققين. قد يشهد الأطباء أيضًا في المحكمة للحصول على حماية قانونية للطفل أو للمساعدة في مقاضاة شخص يُشتبه في تورطه في الاعتداء الجنسي على الأطفال.
مهما كانت طبيعة الإساءة، يجب اتخاذ خطوات على الفور للإبلاغ عن الإساءة والحصول على المساعدة. يؤدي تأخير التقرير إلى تقليل فرص الطفل في الشفاء التام.
إذا تعرض الطفل للإساءة، فسيستفيد الطفل من خدمات أخصائي صحة نفسية مؤهل. قد يُنصح الآباء وأفراد الأسرة الآخرين بطلب المشورة حتى يتمكنوا من تقديم الدعم والراحة اللذين يحتاجهما الطفل. إذا كان شخص ما في الأسرة مسؤولًا عن الإيذاء، فقد يتمكن أخصائي الصحة العقلية من علاج هذا الشخص بنجاح.
إذا أسيئت معاملة أحد الأطفال، فقد يكون أحد الوالدين هو الشخص الوحيد الذي يمكنه مساعدته. لا تؤخر الإبلاغ عن شكوك من سوء المعاملة، فإنكار المشكلة لن يؤدي إلا لتفاقم الوضع.
في أي حالة من حالات إساءة معاملة الأطفال، فإن سلامة الطفل الذي أسيئت معاملته تمثل الشاغل الرئيسي، إذ يجب أن يكون في بيئة آمنة خالية من احتمالية استمرار إساءة المعاملة.
في معظم الحالات، يعاني الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء أو الإهمال من ضرر عاطفي أكبر من الأضرار الجسدية. قد يتعرض الطفل الذي عانى من إساءة معاملة أو من سوء معاملة شديدة للاكتئاب أو إلى حدوث سلوك انتحاري أو الانطواء أو العنف.
قد يستخدم الطفل الأكبر سنًا المخدرات أو الكحول، أو يحاول الهرب، أو يسيء معاملة الآخرين. كلما كان عمر الطفل أصغر، وكلما كان أقرب علاقةً من المعتدي، كان الضرر العاطفي أكثر خطورةً. قد يعاني البالغون من صعوبات في الحياة الزوجية والجنسية أو اكتئاب أو سلوك انتحاري. مع التدخل المبكر والعلاج، يمكن تجنب هذه النتائج.
اقرأ أيضًا:
- أداة تعديل وضعية نوم الطفل يمكن أن تشكل خطرًا على حياته
- كيف يتأثر نوم الطفل بنوم والدته؟
- متلازمة الطفل الأوسط ، هل يؤثر ترتيب ولادتك بين اخوتك على صفاتك؟
- ما هي البيدوفيليا من منظور العلم؟
- متلازمة عدم الحساسية للأندروجينات
ترجمة : ماريانا عادل
تدقيق: محمد وائل القسنطيني