يبلغ عمر الكون -الذي بدأ مع الانفجار العظيم- نحو 13.7 مليار سنة، وعندما ننظر بعيدًا جدًا في الكون، لا يمكننا أن نرى الانفجار العظيم لأن الكون كان شديد الحرارة والكثافة لدرجة أن الضوء لم يكن يستطيع الحركة، وأبعد ما يمكننا النظر إليه عندما كان الكون لا يقل عمره عن 400000 عام، ولكن يبدو أن قطر الكون المرئي يزيد كثيرًا عن 13.7 مليار سنة ضوئية وهذا أمر محير للغاية، وسبب ذلك هو أن الكون يتمدد باستمرار.

إن السنة الضوئية وحدة قياس رائعة للغاية، لأنها تجعل المسافات النجمية والمجرية فجأة تبدو في غاية السهولة. ومع احتوائها على كلمة سنة، فهي وحدة قياس مسافة. إذ تعبر السنة الضوئية عن المسافة التي يقطعها الضوء في زمن قدره سنة أرضية. ويبلغ هذا نحو 9 تريليون كيلومتر أو 6 تريليون ميل تقريبًا. ولذلك عندما نتكلم عن المسافات النجمية، فإن هذه المسافة تساوي النظر إلى الماضي.

لننظر إلى نجم منكب الجوزاء على سبيل المثال، هذا العملاق الأحمر هو الكتف الأيمن التابع لمجموعة الجوزاء النجمية. ويبعد موقعه عنا نحو 550 سنة ضوئية، وهذه القيمة في الواقع لسنا متيقنين منها تمامًا، ليس كما النجوم الأخرى، ولكن لنأخذها على محمل اليقين في هذا المثال. ربما نتذكر الخفوت الهائل الذي شَهده هذا النجم قبل أربع سنوات، لكن في الحقيقة، إن هذا الخفوت حدث بالفعل منذ 554 عامًا.

يصبح الأمر أكثر تعقيدًا عندما نضع في الاعتبار المسافات المجرية. لأن اتساع الكون يحدث في كل مكان ولكنه لا يظهر بوضوح إلا في المسافات الشاسعة بين المجرات. أما في النطاقات الضيقة بين الأجسام الكونية، فإن قوة الجاذبية تظل مُسيطرة، ففي المجرات القريبة بما يكفي منا، فإن مسافة بُعدها عنا تساوي تقريبًا نفس المدة الزمنية التي استغرقها الضوء للوصول إلينا. على سبيل المثال، يصل الضوء القادم إلينا من مجرة أندروميدا بعد أن سافر 2.5 مليون سنة، وتبعد مجرة أندروميدا الحلزونية عنا 2.5 مليون سنة ضوئية تمامًا.

لكن إذا انتقلنا إلى مقياس أكبر، فسرعان ما تبدأ الأمور في الاختلاف، وبالنظر إلى المجموعة المجرية SMACS 0723 على سبيل المثال، التي رصدها تلسكوب جيمس ويب الفضائي، وظهرت في مركز أول صورة للمجال العميق، فإن الضوء القادم منها انبعث منذ 4.6 مليار سنة. ولكن نظرًا لتوسع الكون مع مرور الزمن، فإن مسافة بعدها عنا تزيد في الواقع بمقدار مليار سنة ضوئية تقريبًا.

وعلى هذا المنوال، إذا انبعث إلينا ضوء من جسم في الفضاء بعد 10 مليار سنة فإن الموقع الفعلي لهذا الجسم قد ابتعد عنا بسبب اتساع الكون بمقدار أكبر من ابتعاد المجموعة المجرية SMACS 0723، على سبيل المثال. إن أقواس الضوء حول المجموعة المجرية SMACS 0723 عبارة عن عدسات جاذبية لمجرات انبعث منها الضوء بعد الانفجار العظيم بنحو 600 مليون سنة فقط. ومع ذلك فهي لا تبعد عنا 13.1 مليار سنة ضوئية -نظرًا لاقتراب انبعاث الضوء منها من وقت نشأة الكون- بل تبعد عنا 30 مليار سنة ضوئية.

إن أبعد نقطة يمكن أن ننظر لها في الفضاء تبعد عنا نحو 46.5 مليار سنة ضوئية، ما يجعل قطر الكون المرئي بأكمله 93 مليار سنة ضوئية. وقد يحتاج هذا الرقم إلى مراجعة أو لا يحتاج، ويجري جدال بين علماء الكون حول قيمة معدل توسع الكون تحديدًا. لذلك قد لا يكون قطر الكون 93 مليار سنة ضوئية، ولكنه بالتأكيد أكبر من 13.7 مليار سنة ضوئية بكثير.

اقرأ أيضًا:

الكون المرئي – شرح موجز لماهية الكون

هل كان الزمن أبطأ عند نشأة الكون؟

ترجمة: محمد إسماعيل

تدقيق: تمام طعمة

مراجعة: باسل حميدي

المصدر