هل هناك أي دليل على أن الفضاء يتوسع أسرع من سرعة الضوء، مثل الاختفاء المفاجئ للنجوم أو المجرات؟
إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، ألا يجب أن يكون هناك بعض النجوم والمجرات القريبة من الأفق الكوني التي تختفي من ملاحظاتنا؟
في الوقت الحالي، نحن على يقين من أننا نعيش في عالم يتمدد بمعدل متزايد.
أثناء قراءتك للمقال، يتوسع الكون حوالي 70 كيلومترا في الثانية لكل مليون فرسخ فلكي*.
وهذا يعني أن مجرة يفصلها عنا 1 مليون فرسخ فلكي تبتعد بمعدل حوالي 70 كم / ثانية، ومجرة أخرى يفصلها عنا 2 مليون فرسخ فلكي تبتعد بمعدل حوالي 140 كم / ثانية، وهلم جرا، وهو مايسمى بقانون هابل.
باتباع نفس المنطق، يمكن للمرء معرفة كيفية حساب بعد مجرة تتحرك مبتعدة بسرعة الضوء.
تبين أن المجرات التى تبعد عنا بمقدار 4300 مليون فرسخ فلكي تبتعد بسرعة أكبر من سرعة الضوء.
وتعرف هذه المسافة ب”مجال هابل”، وهو مجال تخيلي يتمحور حولنا، حيث يبتعد خارجه كل شيء بسرعة أكبر من سرعة الضوء.
ونلاحظ أنه مع توسع الكون بمعدل متسارع، فإن مجال هابل يُزيد من نصف قطره بمرور الزمن.
هل يمكننا رؤية الضوء القادم من المجرات خارج مجال هابل؟
تَلَقِّي الضوء من مصدر يتحرك أسرع من الضوء قد يبدو غريبا، ولكنه في الواقع ممكن.
تخيل مجرة خارج مجال هابل، تبعث نبضة من الضوء نحو الأرض.
نبضة تحاول أن تشق طريقها إلينا، ولكنها تُجر بعيدا عن الأرض من قبل منطقة في الفضاء تبتعد بسرعة أسرع من الضوء.
يبدو أننا لن نتلقى هذه النبضة أبدا – ولكن انتظر لحظة! مع توسع الكون، يصبح مجال هابل أكبر أيضا.
فإذا كان معدل توسع مجال هابل أكبر من السرعة المتجهة الكلية التي يبتعد بها الفوتون عنّا، فإن النبض يمر في نهاية المطاف من منطقة تتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء إلى منطقة تتحرك مبتعدة عنا بسرعة أقل من سرعة الضوء.
وبطبيعة الحال، طالما تسافر النبضة فى منطقة تتحرك مبتعدة عنا بسرعة أقل من سرعة الضوء، فإنها سوف تصل في نهاية المطاف لنا.
الاستنتاج هو أننا لازال بإمكاننا مراقبة المجرات التى تبتعد أسرع من الضوء، وبطريقة أخرى، يمكن القول أن مجال هابل ليس نهاية كوننا المنظور.
كيف يمكن أن نقول أن الكون يتمدد بسرعة أكبر من سرعة الضوء في المقام الأول؟
يتسع الطول الموجي لنبضة الضوء المسافرة في الكون مع تمدد الفضاء، لذلك فإن الضوء يصبح أكثر إحمرارًا، (وهو ما يعني أن طول الموجة يزداد.)
وتقاس ما يطلق عليه الإزاحة الكونية نحو الأحمر بواسطة علماء الفلك، بحيث توصف المجرات البعيدة بمقدار إزاحتها نحو الأحمر.
كلما ارتفع مقدار الإزاحة نحو الأحمر لمجرة، كلما كانت تسرع مبتعدة عنا.
لأي نموذج معقول لكوننا المتمدد، توجد علاقة بسيطة نسبيا لترجمة الإزاحة نحو الأحمر إلى سرعة الابتعاد المتجهة.
ليس من المستغرب الآن أن بعض المجرات التي رصدناها تكشف عن إزاحات نحو الأحمر تؤول إلى سرعات ابتعاد متجهة أكبر من سرعة الضوء!
وأخيرا، ينبغي على المرء أن يلاحظ، عمليًا، أنه قد تختفي مجرة عن مجال رؤيتنا بسبب الإزاحة الكونية نحو الأحمر.
الضوء القادم من المجرة يزداد إحمرارًا حتى يترك نطاق القدرة على الكشف لأدواتنا (أعيننا أو حتى تلسكوب لاسلكي).
وبالإضافة إلى ذلك، يزداد الوقت بين النبضات المتعاقبة كثيرا فتتلاشى المجرة حتى تختفي.
*الفرسخ الفلكي: هو وحدة لقياس المسافات بين المجرية ويساوي 30 ترليون كيلومتر.
استمتع بالفيديو التالي ولا تنسى أن تفعل الترجمة من لوحة الإعدادات بالزاوية اليمنى للمشغل
- ترجمة: ساره جمال
- تدقيق: إبراهيم صيام
- تحرير: يمام اليوسف
- المصدر الأول
- المصدر الثاني
- المصدر الثالث