سؤال لربما سيجيب عنه هذا المقال ويكشف ما إذا كان هناك رابط بين هذين الأمرين..
ففي استعراض لأحد البحوث حول تأثير أنماط التغذية المتبعة على صحة الإنسان، تشير الدراسات القليلة المتاحة إلى أن تناول الطعام بشكل غير منتظم يسبب ارتفاع خطر الإصابة بالأمراض الاستقلابية (ضغط الدم، والسمنة، والسكري من النمط الثاني).
حيث أن نمط حياتنا الحالي أصبح أكثر تطلبًا وعشوائية، وأنماط استهلاك الغذاء تغيرت كثيرًا خلال العقود الماضية، فالعديد من وجبات الطعام يتم تخطيها ويتم تناول الطعام خارج المنزل (بشكل سريع كما يقال) وبشكل غير منتظم، وذلك في وقت لاحق من نفس اليوم.
فتناول الطعام بطريقة غير متجانسة قد يؤثر على الساعة البيولوجية للجسم أو إيقاعها التي تتبع دورة على مدار اليوم كله.
فالعديد من الأمور التغذوية المتصلة بعمليات التمثيل الغذائي في الجسم تتبع نمطًا إيقاعيًا معينًا مثل الشهية، والهضم، والتمثيل الغذائي للدهون والكوليسترول والسكر.
فالطعام المتناول يمكن أن يوثر على الساعة البيولوجية بشكل كامل وفي أعضاء معينة بشكل أساسي كالكبد والأمعاء، في حين أن الساعة المركزية لدينا منظمة أيضًا حسب تتابع الليل والنهار؛ الأمر الذي يمكن أن يؤثر بدوره على استهلاكنا للطعام.
حيث أن عددًا من الدراسات أظهرت أن الأشخاص الذين يعملون في مناوبات عرضة أكبر للإصابة بالعديد من الأمراض بما فيها السرطان، وأمراض القلب والشرايين، وأمراض التمثيل الغذائي.
بالنسبة لمناوبات العمل، فإن الأمر الذي يجب الانتباه إليه هو التغير في نمط التغذية عند دراسة تأثيره على الصحة.
حيث أن اختلاف التوقيت الاجتماعي يوثر على أكثر من 80% من سكان وسط أوروبا، وبشكل خاص الذين يعيشون في مناطق متطورة.
هذا التناقض بين ساعة الجسم الداخلية وبين الساعة الاجتماعية قد تم ربطه مع ارتفاع احتمال الإصابة ببعض الأمراض مثل السمنة وغيرها من أمراض التمثيل الغذائي، في حين أن قلة النوم قد ارتبطت مع ارتفاع في الوزن فقط.
فاستهلاك وجبات صغيرة ومتكررة لتنظيم الشهية والوزن هو مفهوم شاع استخدامه في الحميات الغذائية المبتكرة، ولكن بعض الدراسات أظهرت أن زيادة عدد الوجبات يوميًا مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالسمنة، لذلك يمكن القول أنه يجب أن نستهلك وجبات أقل يوميًا، ومع ذلك فإن تخفيض عدد الوجبات دون تخفيض كمية السعرات الحرارية لن يكون له فوائد صحية كبيرة.
إضافة إلى ذلك، فإنه عند دراسة أنماط الوجبات غير المنتظمة فإنه من المهم النظر إلى ماذا يأكل الناس.
فبعض الدراسات وجدت علاقة بين انتظام تناول الناس لطعامهم وبين ما يأكلونه، فالخيارات الغذائية الأكثر سوءًا كانت لدى من يتجاهل وجبة الإفطار.
وإلى جانب دراسة ماذا نأكل ومتى نأكل، يجب الانتباه إلى نقطة أخرى هي مع من نأكل؛ حيث أن الوجبات العائلية المنتظمة تساهم في تكوين عادات غذائية صحية لدى الأطفال والمراهقين.
وعلى الصعيد العالمي، فإن أنماط الغذاء تختلف بشكل واسع، فكون الغداء هو أهم وجبة في اليوم هو من الصفات المميزة لفرنسا ومنطقة حوض البحر المتوسط، حيث أن هذا الأمر يعكس أهمية تناول الطعام بشكل اجتماعي وممتع.
ونتيجة لذلك يميل الفرنسيون لتناول وجبات طعامهم بشكل منتظم في المنزل واتباع نمط غذائي ثابت من ثلاث وجبات في اليوم.
وعلى العكس من ذلك، ففي وسط انكلترا يفضلون تناول الطعام بشكل فردي ومريح، الأمر الذي يترجم لزيادة تناول الوجبات الجاهزة وتخطي العديد من مواعيد تناول الطعام، وزيادة تناول الوجبات الغنية بالسعرات الحرارية مثل رقائق البطاطا.
في الولايات المتحدة وبريطانيا فإن نسبة استهلاك الوجبات الغنية بالطاقة تزداد بشكل تدريجي خلال اليوم، فالإفطار يحتوي على أٌقل كمية طاقة والعشاء على الأكثر.
وفي العقود الأخيرة تم في فرنسا التحول لتناول المزيد من الطاقة في وجبة العشاء نتيجة لتغير أنماط العمل، وعلى الرغم من ذلك فإن أنماط الغذاء في فرنسا ليست على قدم المساواة مع تلك التي في بريطانيا.
وأظهرت الدراسات السريرية مؤخرًا خسارة ملحوظة في الوزن، وتحسنًا في نسبة السكر في الدم لدى النساء البدينات اللاتي تناولن قدرًا أكبر من السعرات الحرارية في الصباح منها في المساء.
ترجمة: أمين السيد
تدقيق: دانه أبو فرحة
تحرير: ناجية الأحمد
المصدر
رابط الدراسة