يمتلك الكحول تأثيرًا أكبر في الخلايا الدماغية مقارنةً بالماريجوانا، خاصّةً عند المراهقين، وفقًا لدراسة جديدة. وجد باحثون أن استهلاك الكحول المزمن يرتبط بنقص المادة الرمادية في الدماغ، المكوّنة من أجسام الخلايا العصبية والتشابكات العصبية، عند البالغين والمراهقين على حد سواء. يؤثر تناول الكحول عند البالغين في سلامة المادة البيضاء في الدماغ، المكونة من ألياف عصبية طويلة تنقل السيالات العصبية عبر الجهاز العصبي. لم يترافق استخدام نبات القنب -الحشيش- مع تدهور سلامة المادة البيضاء أو الرمادية في الدماغ.
يقول المؤلف الرئيس للدراسة كينت هاتشيسون، بروفيسور علم النفس والأعصاب في جامعة كولورادو بولدر: «الفرق بين الكحول والقنب مثير جدًا».
الماريجوانا والدماغ
يجب ألّا نأخذ البحث بوصفه تفسيرًا شاملًا ونهائيًا للنقاش الكبير حول كون القنب مُضرًّا بالخلايا الدماغية أم لا. يجب الأخذ في الحسبان أن هذه الدراسة تشمل استهلاك القنب مدة شهر واحد فقط، وأن المشاركين قد تناولوا كميات قليلة من المادة على مدار الشهر. إضافةً إلى ذلك، أخبرنا كينت أنه قد توجد تبدلات دماغية لا تلاحظها الوسائل المستخدمة في الدراسة.
جاءت الدراسة بنتائج مختلطة فيما يخص تأثير الماريجوانا في الدماغ. يقول كينت هاتشيسون: «تشير بعض الدراسات على الحيوانات إلى أن الكانابينويد، المادة الفعالة في نبات القنب، يمكنه حماية الجهاز العصبي». من ناحية أخرى، توصلت الدراسات على البشر إلى نتائج متنوعة، والعديد منها كان أقل شأنًا من أن يُتضمن في استنتاج نهائي. لم ترصد دراسة كبيرة نُشرت سنة 2016 تبدلات في المادة الرمادية للدماغ بعد تناول الماريجوانا، لكنها بالمقابل وجدت ارتباطًا بتدهور سلامة المادة البيضاء، أو جودة الاتصالات بين الخلايا الدماغية، خاصةً لدى الأشخاص الذين بدؤوا التعاطي في سن مبكرة.
يقول هاتشيسون: «جزء من المشكلة هو التحدي المتمثل بتفريق تعاطي الماريجوانا عن تعاطي المواد الأخرى، خاصةً الكحول». المشكلة الأخرى هي تحديد كون الماريجوانا مسؤولةً فعلًا عن التبدلات الدماغية المُشاهدة. وجدت دراسة كبيرة على التوائم في 2015 أن الاختلافات بين دماغ مستخدمي الحشيش وغير المستخدمين له، قد سبقت تعاطي الماريجوانا أكثر من كونها ناجمة عنها. خَلَص الباحثون إلى أنه ربما يوجد لدى مستخدمي القنب عوامل بيئية ووراثية تجعلهم مؤهبين لتعاطي الحشيش.
تتميز الدراسة الجديدة بأنها تتضمن عينة كبيرة الحجم. درس الباحثون المسوحات الدماغية الخاصة بـ 850 شخصًا بالغًا تتراوح أعمارهم بين 18 و55، إضافةً إلى 440 مراهق بين 14 و19، جميعهم مستهلكون لمستويات مختلفة من الكحول والحشيش. كان عدد الأشخاص الذين يفضلون الكحول أكبر، إذ إن 487 بالغًا (57%) و113 مراهقًا (26%) تناولوا الكحول فقط خلال الأشهر الست الماضية، و5 بالغين (0.6%) و35 مراهقًا (8%) تناولوا الحشيش خلال تلك المدة. هناك من استهلك الكحول والحشيش معًا.
الكحول ضد الحشيش
تمكن هاتشيسون وفريقه من التحكم في استهلاك الكحول إحصائيًا في أثناء بحثهم عن آثار القنب. لم يكن ما وجدوه مفاجئًا عند مستهلكي الكحول، إذ يُعَد الخمر سُمًا عصبيًّا معروفًا، يقول هاتشيسون: «أدى استهلاك الكحول بكميات كبيرة إلى تدهور المادة الرمادية في الدماغ، إضافةً إلى انخفاض جودة الاتصالات العصبية في المادة البيضاء».
«بالمقابل لم نر في الإحصائيات آثارًا مهمة لاستهلاك القنب في المادة الرمادية أو البيضاء».
«لهذه النتائج تداعيات على مستوى الصحة العامة. إن تمويل هذا النوع من الدراسات محدود، للحد من التأثير الذي سيطال رفاهية الأشخاص المستهلكين لهذه المواد، على هذا سيكون من المنطقي التركيز على المادة التي تسبب القدر الأكبر من الأذى».
كتب الباحثون: «ما زلنا بحاجة إلى إجابة العديد من الأسئلة، وقد تجد الدراسات القادمة الآثار بعيدة المدى لاستهلاك الماريجوانا، بتتبع نفس الأشخاص مع الزمن».
«نحتاج إلى المزيد من الدراسات حول تداخل الكحول مع القنب والتأثيرات الناجمة عنه، خاصةً أن الأشخاص الذين يستهلكون هاتين المادتين يميلون إلى استهلاكهما معًا».
اقرأ أيضًا:
ترجمة: محمد عيسى
تدقيق: مازن النفوري
مراجعة: أكرم محيي الدين