تجري حاليًا إحدى الشركات في المملكة المتحدة تجارب سريرية لما يمكن أنّ يكون أول لقاح شامل للإنفلونزا في العالم، وهو هدف صعب المنال من الممكن ان يكون له فائدة كبيرة للصحة العامة العالمية وسيقضي على حاجتنا للحقن السنوية.
في الوقت الراهن يواجه كوكبنا أحد أكثر مواسم الإنفلونزا قوّةً منذ سنين، مصحوبة بلقاحات موسمية أثبتت عدم فعاليتها.
السبب الذي يجعلنا نحتاج لحقنة جديدة كل سنة هو أنّ هذا الفايروس يستمر بالتحول، مع وجود العديد من السلالات تطفوا في البيئة في آن واحد.
يسمح التنسيق العالمي للباحثين في علم الأوبئة أنّ يستقروا على بعض السلالات الأكثر انتشارًا كل عام، وإنتاج لقاح ضد هذه السلالات.
هذه الطريقة لديها مستويات مختلفة من النجاح بالاعتماد على مقدار تحول الفايروس خلال فترة صنع اللقاح، والتي قد تستغرق عدة أشهر.
بطبيعة الحال، ستكون حياتنا أبسط بكثير اذا إستطعنا الحصول على لقاح واحد شامل يحمينا من أغلب السلالات لمدة أطول، في الوقت الراهن يبدو أن شركة (Vaccitech) -وهي شركة خاصة منبثقة من جامعة أوكسفورد في المملكة المتحدة- تقترب أكثر وأكثر من هذا الهدف.
أعلنت الشركة والتي قد حصلت على 26.7 مليون دولار أمريكي من مستثمرين مثل شركة (Alphabet Inc.’s venture capital arm GV)، أنّها قد بدأت المرحلة الثانية من التجارب السريريّة للّقاح الشامل للإنفلونزا والذي سيستمر لسنتين.
اللقاح (MVA-NP+M1) الحاصل على براءة إختراع لشركة (Vaccitech) قد اجتاز اختبارات السلامة بنجاح على 145 شخص، وبالتالي فان الخطوة القادمة هي معرفة ما إذا كان اللقاح فعال في حماية البشر من الإنفلونزا.
ربما تتسائل لماذا يصعب علينا صنع لقاح شامل للإنفلونزا؟ اذا نظرت الى الفايروس المتحول بإستمرار بواسطة المجهر الإلكرتروني فسيبدو ببساطة مثل فقاعة شائكة، هذه الأشواك تحتوي على نوعين من البروتينات، هما (haemagglutinin) و(neuraminidase)، ترافق الفايروس خلال خلايانا، مسببة العدوى.
إنّ هذه البروتينات سريعة التحول هي التي تبقي العلماء على أصابع أقدامهم، يصنعون لقاحات جديدة تستهدف أحدث السلالات إلى الأبد.
اللقاح (MVA-NP+M1) من المفترض أن يعمل بصورة مختلفة عن اللقاحات العاديّة للإنفلونزا، إنها تهدف إلى تعزيز الخلايا التائيّة (T-cells) -وهي نوع من الخلايا المناعية- التي تكون مألوفة مع فايروس الإنفلونزا، وتستخدم المادة اللبيّة المستقرّة للفايروس في التغلّب عليه.
في الإنفلونزا نوع A -المصدر الاكثر شيوعًا للعدوى لدينا- هذه البروتينات اللبيّة بالكاد تتغيّر، مما يجعلها هدفًا عظيمًا للّقاحات، على العكس من البروتينات الموجودة على السطح التي تتغير بإستمرار.
أوّل تجربة على مستوى العالم تفحص حاليًا فعالية اللقاح على 862 شخص أعمارهم 65 فما فوق، ويُقَدر الباحثون أن تنتهي هذه التجربة في شهر أكتوبر 2019.
خلال التجربة، كل المشاركين سيحصلون على لقاح الإنفلونزا الطبيعي بالإضافة إلى إما اللقاح الشامل الجديد أو لقاح وهمي، يفترض الباحثون أن لقاحهم الجديد سيزيد من قوة دفاعات المتطوعين ضد الإنفلونزا مقارنة بهؤلاء الذين يأخذون الحقنة السنوية فقط، وفي حالة إثبات اللقاح فعاليته، سينتقل إلى المرحلة الثالثة والأخيرة.
يقول توم إيفانس المدير التنفيذي لشركة (Vaccitech) في حديثه مع وكالة رويترز: «إذا حصلنا على نتائج إيجابية ووجدنا أنّ هذه النتائج من الممكن أن تؤثر على نسب المرض والعلاج في المستشفيات لحالات الإنفلونزا، إذًا بدون أي شك سنحصل على شريك يقوم بإنتاج اللقاح»، وقال أيضًا: «هذا من الممكن أن يصنع الفرق في سوق متنافس جدًا».
اللقاح (MVA-NP+M1) ليس اللقاح الشامل الوحيد للإنفلونزا في طور البحث، على الرغم من أنه بالتاكيد التكنولوجيا الوحيدة التي وصلت إلى مرحلة متقدمة من حيث أنها تمّ اختبارها على الناس، ويقول إيفانس: «إذا جرت كل الأمور بصورة جيدة، من الممكن أن يتم إطلاقه للأسواق بعد 5 إلى 7 سنوات».
- ترجمة: سنان حربة
- تدقيق: صهيب الأغبري
- المصدر