نقرأ عناوين مخيفة ومثيرة للقلق حول ما إذا كانت أواني الطبخ آمنة للاستخدام اليومي أم لا، مثل: هل الأواني غير اللاصقة سامة؟ هل تسبب تجهيزات المطابخ المصنوعة من الألمنيوم ألزهايمر؟ هل الأواني المخدوشة آمنة للاستخدام؟ لا حاجة للقلق، فإن أواني الطبخ آمنة تمامًا.
تَظهر هذه العناوين في وسائل الإعلام باستمرار، إذ يَستخدم الأشخاص حول العالم أواني الطبخ يوميًا ومن الطبيعي التساؤل ما إذ كانت آمنة، أو تسبب ألزهايمر؟ لكن هل تعد هذه المخاوف مشروعة؟
بُشرى سارة لأولئك الذين يقلقون؛ إذ أُزيلت المادة الكيميائية الخطرة المُستخدمة في صنع أواني الطبخ غير اللاصقة منذ زمن طويل، أما الألمنيوم ليس له أي علاقة بألزهايمر.
عند شراء أدوات جديدة للمطبخ، قد نجد أوانٍ كثيرة مصنوعة من مختلف المواد، مثل الحديد والفولاذ المقاوم للصدأ والنحاس، وأواني الطبخ غير اللاصقة والسيراميك.
يعتمد اختيار أفضل نوع من أواني الطبخ على نوعية الطعام المُراد صنعه باستخدامها، أي لا يوجد نوع مفضل من الناحية الصحية، إذ إن جميعها تعد آمنة للاستخدام.
الأواني غير اللاصقة:
تعد مستويات المواد الكيميائية الداخلة في صنعها آمنة تمامًا.
تحظى الأواني غير اللاصقة بشعبية كبيرة؛ لأن الطعام لا يلتصق على طلائها، ما يعني استخدام كمية أقل من الزيت.
إضافة إلى أنها أسهل في التنظيف من الأواني الحديدية؛ إذ تُطلى معظم الأواني غير اللاصقة بالتفلون؛ هو الاسم التجاري لمتعدد رباعي فلورو الإيثيلين (PTFE)، ويُطلى بعضها الآن بطبقة من التيتانيوم والسيراميك.
عند النظر في المخاطر الصحية لأدوات الطبخ، عادةً ما تظهر الأواني غير اللاصقة في أعلى القائمة.
يعود خطر استخدامها إلى مخاوف احتوائها على المواد الكيميائية التي تبقى إلى الأبد مثل PTFE، لكن استخدام هذه المادة المثيرة للقلق قد توقف منذ مدة طويلة.
المواد الكيميائية التي تبقى إلى الأبد؛ مصطلح غير رسمي يُشير إلى فئة من المواد الكيميائية التي صنعها الإنسان وتعتمد على روابط الكربون والفلور، معروفة باسم المواد المشبعة بالفلورو ألكيل، أو الفاعل بالسطح فلوري (PFAS).
بدأ الخوف من هذه المواد الكيميائية بعد عرض فيلم Dark Waters في عام 2019، الذي يروي قصة مدينة أمريكية ملوثة بحمض البيرفلورو الأوكتانويك الكيميائي (PFOA).
يُعد السبب الرئيس للقلق الذي يساور معظم الناس حول أواني الطبخ غير اللاصقة، هو أنه قبل عام 2013 استُخدم حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) لصنع التفلون؛ المادة الأساسية التي تُطلى بها هذه الأواني.
لقد مضى عقد منذ آخر استخدام لها، علمًا أن استخدامها في صناعة الأواني كان يسبب القليل من المخاطر فقط، كما هو بالنسبة لاستخدام التفلون.
كانت المواد الكيميائية التي تبقى إلى الأبد موجودة منذ أربعينيات القرن الماضي، واستُخدمت في صناعة التفلون، وتغليف المواد الغذائية، والمنسوجات المقاومة للماء، ورغوة مكافحة الحرائق.
يوجد مخاوف حقيقية تتعلق باستخدامها في رغوة مكافحة الحرائق؛ التي تسببت في تلوث بيئي واسع النطاق، لا سيما في قواعد الجيش ومنشآت التدريب على مكافحة الحرائق في أستراليا.
بدأ الأشخاص المتضررون إجراءات قانونية بشأن التلوث؛ خشية تسبب هذه المواد بالسرطان وألزهايمر، وتلف الكبد وانخفاض المناعة لدى الأطفال.
لماذا المواد الكيميائية مثل PTFE آمنة للاستخدام في أواني الطبخ؟
يعود الأمر إلى سببين: الثبات والتركيز.
تُعد مادة التفلون ثابتة في أواني الطهي؛ أي لا تتفاعل مع الطعام المطبوخ، ولكنها تبدأ بالتلف عند تجاوز درجة الحرارة المُستخدمة 260 درجة مئوية، إذ قد تُطلق أبخرة البوليمر.
لا يجب القلق حول هذا؛ لأن معظم الناس لا يرفعون درجة الحرارة إلى هذا الحد في أثناء عملية الطهي.
ليس ذلك فحسب، إذ إن نسبة تركيز هذه المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة أدوات المطبخ وفي البيئة أقل بكثير من أن تسبب آثارًا صحية خطيرة.
يختلف تركيز هذه المواد في المواقع شديدة التلوث بها عن تركيزها في أواني الطبخ المصنوعة بدقة واحترافية.
إذا خُدشت المقلاة غير اللاصقة، قد يكون من الجيد استبدالها. لكن حتى إن لم تُستبدل فلن تسبب ضررًا، ولن يتعرض مستخدموها إلى كمية ضارة من PFAS.
هل تسبب أواني الألمنيوم ألزهايمر؟
لا يوجد دليل قوي يدعم المخاوف التي تدّعي أن التعرض للألمنيوم قد يسبب أي نوع من الخرف، بما في ذلك مرض ألزهايمر.
من أين أتت هذه الادعاءات؟
في عام 1965، اكتشف العلماء أن إدخال كمية كبيرة من الألمنيوم إلى غذاء الأرانب أحدثت تغيرات في أدمغتهم تشبه التغيرات التي يحدثها مرض ألزهايمر، لكن ثَبُت فيما بعد أن هذا غير صحيح.
كانت هناك أيضًا تقارير حول أن أدمغة بعض الأشخاص المصابين بالخرف تحتوي على مستويات عالية من المعادن مثل الألمنيوم، لكن لم يعثر أي أحد على رابط بينهما، وقد تكون هذه التقارير هي مصدر ادعاءات فقط.
مع أنه لا يوجد أي دليل علمي موثوق يدعم هذه التقارير، فإن بعض الأشخاص تجنبوا استخدام أواني الطبخ وعلب المشروبات المصنوعة من الألمنيوم خوفًا من الإصابة بالأمراض، بما في ذلك ألزهايمر.
بالتأكيد هذا خاطئ، إذ إن أواني الطبخ المصنوعة من الألمنيوم لها مزايا إيجابية عديدة؛ فهي تُسخن الطعام بسرعة كبيرة، وخفيفة الوزن، ورخيصة.
سابقًا، كانت هناك مشكلات تتعلق في تفاعل الألمنيوم العادي مع الأطعمة الحمضية والقلوية، أو التوائها عند درجات الحرارة المرتفعة، لكن يمكن تجنب هذه المزايا السلبية والتأكد من عدم التعرض لأي مخاوف صحية عبر اختيار أواني الطبخ المصنوعة من الألمنيوم المؤكسد.
هل أواني الطبخ النحاسية آمنة؟
يشتهر النحاس بأنه رائع. يحب الجميع رؤية أواني الطبخ النحاسية المصقولة تتلألأ على الرف، لكن الأمر ليس مقتصرًا على الشكل فقط، إذ إن النحاس موصل ممتاز للحرارة ويوزعها في أنحاء القدر بطريقة متساوية.
يفيد هذا في طهو الأطعمة التي تتطلب تحكمًا دقيقًا في درجة الحرارة. لهذا السبب، نرى الكثير من الطهاة المحترفين يستخدمون الأواني النحاسية.
ماذا عن تأثيرها في الصحة؟
عند تناول طعام يحتوي على مستويات عالية من النحاس، قد يسبب ذلك الغثيان والقيء وحتى تلف الكبد، لكن هذه الأعراض لن تظهر من استخدام الأواني أو المقالي النحاسية، إذ إنه في أسوأ الأحوال سيحصل الجسم على كميات صغيرة من النحاس التي تعد مغذٍ أساسي للجسم.
تحتوي معظم أواني الطبخ النحاسية على طبقة تمنع تفاعل النحاس مع الطعام، مثل الفولاذ المقاوم للصدأ أو القصدير.
ماذا عن تجهيزات المطابخ المصنوعة من الحديد أو الفولاذ المقاوم للصدأ أو السيراميك؟
تُعد أواني الطبخ المصنوعة من الحديد والفولاذ المقاوم للصدأ والسيراميك خيارات جيدة؛ لأنها عادةً ما تكون متينة وغير قابلة للتفاعل مع الطعام وسهلة التنظيف.
ما سلبيات استخدام الحديد أو الفولاذ المقاوم للصدأ أو السيراميك؟
تعد أواني الحديد ثقيلة ولا توزّع الحرارة بالتساوي.
مع أن معظم أصناف السيراميك الحديثة قوية جدًا، فإن بعضها قد يتلف بسهولة تامة.
عند استخدام الأواني الرخيصة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، قد يتفاعل النيكل والمعادن الأخرى مع الطعام، لكن هذا الأمر نادر، إذ يحدث فقط عندما تستخدم الشركة المصنعة الفولاذ المقاوم للصدأ منخفض الجودة.
عمومًا، تعد الخيارات الثلاثة المذكورة سابقًا خيارات جيدة عند الحصول على الأواني من الشركات المصنعة المعروفة أنها ذات جودة عالية.
لماذا نشعر بالقلق حيال المواد الكيميائية والمعادن في أواني الطبخ؟
غالبًا ما يُخطئ الأشخاص بتقييم المخاطر، إذ كلما سمعنا أكثر عن خطر مزعوم، قلقنا بشأنه أكثر، مع أن المخاطر الحقيقية قد لا تكون موجودة أساسًا.
يعد رهاب المواد الكيميائية الذي يُعرف باسم الكيموفوبيا شائعًا، لكن العديد من هذه المخاوف غير ضرورية ومبالغ فيها، إذ يخاف الأشخاص المواد الكيميائية ويتجاهلون أن المسكنات المُتناولة للتخلص من ألم الرأس هي عبارة عن مواد كيميائية، والوقود المُستخدم في السيارات هو أيضًا مادة كيميائية.
باختصار، يمكن الاستمتاع في أثناء تناول وجبة الطعام بهدوء؛ فإن أواني الطبخ آمنة تمامًا وليس لها علاقة بالإصابة بمرض ألزهايمر.
اقرأ أيضًا:
أصغر مصاب بمرض ألزهايمر، مراهق يبلغ من العمر 19 عامًا في الصين!
واسم بيولوجي ينذر بمرض ألزهايمر قبل ظهور الأعراض بعشر سنوات
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: فاطمة جابر
مراجعة: عبد المنعم الحسين