أهلًا بعصر الأنتروبوسين: الإعلان عن مطلع عصر بشري جديد قريبًا
شكراً لكل تلوثنا البلاستيكي واختباراتنا النووية، فكما قال الخبراء إن البشرية قد قطعت 11700 عامًا من العصر الجيولوجي القديم الذي يعرف بعصر «هوليسين – Holocene،» وبدأت بحقبة جيولوجية جديدة تدعى «أنتروبوسين – Antropocene.»
وكان فريق عالمي من الباحثين أوصى المؤتمر الجيولوجي العالمي في كيب تاون، جنوب أفريقيا الذي عقد نهاية الشهر الماضي أن عصر الأنتروبوسين قد بدأ، وأن ذلك يجب أن يكون في العام 1950 حين أنشأت الأبحاث النووية طبقة جديدة على سطح الأرض.
ويعرف الفريق المكون من 35 خبيرًا بأنه مجموعة العمل على عصر الأنتروبوسين الجيولوجي، وكان قد أجرى تصويتًا لمعرفة إذا كان يجب إنهاء عصر الهولوسين رسميًا والإعلان عن عصر جيولوجي جديد، فكانت النتيجة ثلاثين صوتًا لصالح الإعلان عن العصر الجديد، وعارضت الإعلان ثلاثة أصوات، وغاب صوتان عن الحضور.
وقال رئيس فريق العمل «جان زالازيفيتش -Jan Zalasiewicz » عالم الجيولوجيا من جامعة «ليسيستر-Leicester » في المملكة المتحدة، لوسائل الإعلام «إن المغزى الأهم من عصر الأنتروبوسين أن يضع مسارًا مختلفًا لنظام عمل الأرض، والذي نحن البشر جزء منه طبعًا، فإذا تمّت الموافقة على توصياتنا، فإنّ عصر الأنتروبوسين كان يجب أن يبدأ قبل ولادتي بفترة قصيرة. لقد عشنا معظم حياتنا ضمن عصر الأنتروبوسين ونحن ندرك مدى اتساع وديمومة هذا التغيّر.»
إذا أردت تعريف حقبة جيولوجية جديدة للبشر، فليس ذلك مجرد وضع قائمة بجميع الطرائق التي غيّر فيها الإنسان تجربة الحياة على سطح الأرض.
ولا ريب أننا نسبب بصورة مباشرة انقراض بعض الأنواع، بالإضافة إلى ارتفاع حرارة الكوكب، ولذلك نجد أن القارة القطبية الجنوبية تتقلص، ولا ننسى كيف تنبأ العلماء أنه بحلول العام 2050، سيكون لدينا بلاستيك في المحيط أكثر من الأسماك.
لكن كي نعلن عن عصر جيولوجي جديد، يجب أن نحدث تأثيرًا جيولوجيًا كبيرًا. وأوضح «داميان كارينغتون – Damian Carrington» لصحفية الغارديان أن التأثير الجيولوجي يجب أن يكون عالميًا، وأن يكون ذو أهمية كافية حتى يُعرّف بشكل واضح مستقبلًا في التاريخ الجيولوجي.
فمثلًا، ربما تفترض أن النهاية لحقبة العصر الطباشيري التي امتدّت 66 مليون عامًا امتازت بانقراض الديناصورات، لكنها عُرفت بالفعل بأنها حقبة «القفزة الذهبية» لمعدن الإيريديوم الذي تلاحظ رواسبه في طبقات الأرض لذلك العصر. فعندما اصطدم النيزك بالأرض لتبدأ الديناصورات بالزوال، غطّت كميات كبيرة من رواسب معدن الإيريديوم كامل الكرة الأرضية، فأحدثت علامة جيولوجية فارقة غيرت العالم إلى الأبد.
إذا تقدمنا في التاريخ سريعًا لنصل إلى تجارب الأسلحة النووية من 70 عامًا مضت، سنرى كمية من الرواسب المشعة في طبقة جديدة من التاريخ الجيولوجي. وقال زالازيفيتش «تبدو الذرات المشعة العلامة الأكثر حدة، ولها شكل ضربة مدوية، لكن لدينا خيارات وافرة أخرى عن بدء عصر جديد،» فجزيئات البلاستيك الصغيرة من الرواسب الموجودة في جميع أنحاء العالم سواء كانت على اليابسة أو في المحيطات.
ويدعم هذا الإعلان الأبحاث السابقة لفريق من الجيولوجيين من جامعة لندن في المملكة المتحدة والذي نشر العام الماضي ورقة بحثية تحاجج بأن عصر الأنتروبوسين قد بدأ، وما علينا سوى إعلانه رسميًا.
وقالت «فيونا ماكدونالد – Fiona MacDonald» أن الخبراء يناقشون أن بداية عصر الأنتروبوسين تمتد لفترة طويلة من الزمن أبعد من العام 1950، فبعد دراسة التأثير البيئي للبشر من خمسين ألف سنة مضت، أكّد الباحثون على وجود هذه الحقبة، وأشاروا أنها بدأت بالظهور في العام 1610، عندما بدأ الأوربيون باستعمار الأمريكيتين.
وبغض النظر متى سيتفق الخبراء بأنه بداية عصر الأنتروبوسين، فإن يوجد اتجاه مؤكد نحو إعلان عصر الأنتروبوسين رسميًا. كيف هذا؟
حسنًا، صوتت المجموعة لصالح الإعلان الرسمي عن عصر الأنتروبوسين، وسيبدؤون في التحقيق للتأكد من بداية هذه الحقبة وإن كانت صحيحة علميًا. وسيمتد هذا ثلاثة أعوام من أخذ العينات والتحليل للتعرف إلى العمر القياسي العالمي GSSA)) لبداية الحقبة، فمثلًا سيقدم العام 1950 أو1610 في طلب رسمي إلى اللجنة العالمية المعنية بطبقات الصخور ICS)).
فإذا وافقت اللجنة على الطلب، فإن التصديق على ذلك يجب أن يتم من قبل اللجنة التنفيذية التابعة للاتحاد العالمي لعلم الجيولوجياIUGS) ) كي يصبح بدء العصر الجديد رسميًا. ولهذا فإن مجموعة العمل ستكون مشغولة خلال الأعوام المقبلة لكنها واثقة مما سيحصل كنتيجة نهائية.
وقال زالازيفيتش لصحيفة الغارديان أيضًا «زملاؤنا المتخصصون في علم طبقات الأرض محافظون جدًا بشأن مقياس الزمن الجيولوجي، فهم ينظرون إليه على أنه العمود الفقري للجيولوجيا ولا يعدلونه بسهولة، لكنني أعتقد أننا نستطيع إعداد دفاع جيد جدًا عن هذه القضية.»
ترجمة: ناجية الأحمد
تدقيق: أحمد شهم شريف
المصدر