أول ضوء حر يتحرك عبر الكون هو ما نسميه الآن إشعاع الخلفية الكونية الميكروي الذي انبعث بعد 380 ألف سنة من الانفجار الكبير. أما قبل ذلك، فقد كانت الفوتونات تتفاعل باستمرار مع المادة، لذلك لا يمكننا استخدام الضوء لمعرفة ما حدث في ذلك الوقت.
لكن موجات الجاذبية كانت تتحرك بحرية بالفعل، لذلك افترض علماء الفيزياء أننا قد نستخدمها يومًا ما لدراسة هذه الفترة الزمنية الغامضة. والآن أصبح لدى الفريق الأدوات الرياضية اللازمة لاستخدام موجات الجاذبية في هذا المسعى بالضبط.
نقطة البداية لهذا العمل هي محاولة فهم كيفية تفاعل موجات الجاذبية مع المادة. إذ تمر هذه الموجات عبر كل شيء بما في ذلك نحن، لكنها تؤثر فينا بمقدار جزء صغير من حجم الذرة. لهذا السبب نحتاج إلى أجهزة كشف حساسة للغاية لقياسها. لكنها حتى الآن ما تزال تتفاعل مع المادة، ويمكن دراسة ما إذا كانت هذه التفاعلات قابلة للقياس وكيفية قياسها.
يقول المؤلف الرئيسي دبن جارج في بيان له من مختبر فيزياء البلازما في برينستون: «لدينا بعض الصيغ الآن، لكن الحصول على نتائج ذات معنى سيتطلب المزيد من العمل. لا يمكن رؤية الكون المبكر مباشرةً، ولكن ربما نتمكن من رؤيته بطريقة غير مباشرة إذا نظرنا إلى كيفية تأثير موجات الجاذبية من ذلك الوقت على المادة والإشعاع الذي يمكننا ملاحظته اليوم».
إن نقطة البداية في هذا العمل لا تتعلق بموجات الجاذبية على الإطلاق بل تتعلق بفيزياء البلازما في مفاعلات الاندماج النووي. إذ إن الاندماج النووي هو ما يزود النجوم بالطاقة، وقد يزودنا يومًا ما بكهرباء خالية من الكربون. فقد تبين أن بعض المعادلات التي تحكم إحداهما يمكن تعديلها لتفسير الأخرى.
يقول جارج: «لقد وضعنا في الأساس آلات موجات البلازما للعمل على مشكلة موجات الجاذبية».
موجات الجاذبية عبارة عن تغيرات في الزمكان لا يمكن لأي شيء امتصاصها؛ أي لا يوجد شيء في الكون يُلقي بظلاله على هذه الموجات. لكن، يُشير الباحثون إلى أن الأجرام المختلفة في الكون، من الثقوب السوداء إلى اصطدامات النجوم النيوترونية وحتى الكواكب والنجوم، ستؤثر على هذه الموجات.
بدراسة موجات الجاذبية، يمكن إلقاء نظرة ثاقبة على سلوك تلك الأجرام السماوية والأحداث التي لم يكن في استطاعتنا رصدها لولا ذلك. وليكن في الحسبان، لم يبدأ الباحثون هذا المشروع بأية خطة كبيرة.
يضيف المؤلف المشارك إيليا دودين: «اعتقدت أن هذا المشروع سيكون مشروعًا صغيرًا مدته 6 أشهر لطالب دراسات عليا، يتضمن حل شيء بسيط. لكن بمجرد أن بدأنا التعمق في الموضوع، أدركنا أننا لم نفهم سوى القليل جدًا عن المشكلة، ويمكننا القيام ببعض الأعمال النظرية الأساسية هنا».
نُشر هذا البحث في مجلة علم الكونيات وفيزياء الجسيمات الفلكية.
اقرأ أيضًا:
هل الجاذبية حقيقة؟ جسيم متناهي الصغر قد يغير فهمنا لأسرار الكون
ما هي طرق تحديد موجات الجاذبية؟
ترجمة: محمد فواز السيد
تدقيق: منال توفيق الضللي