اكتمل أخيرًا تركيب الملف المغناطيسي الأخير للمفاعل النووي ITER الذي تبلغ تكلفته 28 مليار دولار في فرنسا، ولكن لن يعمل المفاعل النووي على نحو كامل حتى عام 2039 على أقرب تقدير.

أعلن علماء المشروع أنهم انتهوا أخيرًا من تجميع أكبر مفاعل نووي اندماجي في العالم، لكنه لن يعمل إلا بعد 15 عامًا.

كان القرار أن يبدأ مفاعل الاندماج -في المشروع الدولي للطاقة الاندماجية ITER الذي يتكون من 19 ملفًا ضخمًا ملفوفًا في مغناطيسات حلقية متعددة- أول اختبار كامل له في عام 2020.

يُقال الآن إن المفاعل النووي سيعمل في عام 2039 على أقرب تقدير.

يعني هذا أن طاقة الاندماج النووي -التي يُعد توكاماك ITER في طليعتها- من غير المرجح أن تصل في الوقت المناسب لتكون حلًا لأزمة المناخ.

قال بيترو باراباسكي -المدير العام لمشروع ITER- في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء (3 يوليو): «من المؤكد أن تأخير ITER لا يسير في الاتجاه الصحيح، ولا يجب أن ننتظر الاندماج النووي لحل المشكلات المناخية التي تواجهها البشرية الآن».

أنشئ أكبر مفاعل اندماج نووي في العالم نتيجة التعاون بين 35 دولة، ومن ضمنها جميع دول الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، والهند، والولايات المتحدة.

يحتوي ITER على أقوى مغناطيس في العالم، ما يجعله قادرًا على إنتاج مجال مغناطيسي أقوى بـ 280 ألف مرة من الحقل المغناطيسي الذي يحمي الأرض.

إن تكلفة تصميم هذا المفاعل النووي المذهل باهظة جدًا.

كان القرار في البداية أن تبلغ تكلفته نحو 5 مليارات دولار وأن يبدأ تشغيله في عام 2020، لكن عانى المشروع تأخيرات متعددة وتضخمت ميزانيته إلى ما يتجاوز 22 مليار دولار، مع اقتراح مبلغ إضافي قدره 5 مليارات دولار لتغطية التكاليف الإضافية.

تُعد هذه النفقات والتأخيرات غير المتوقعة من الأسباب المساهمة في حدوث التأخير الأخير الذي سيدوم 15 عامًا.

يحاول العلماء تسخير قوة الاندماج النووي -العملية التي تحترق بها النجوم- منذ أكثر من 70 عامًا.

يجري ذلك عبر دمج ذرات الهيدروجين لتكوين الهيليوم تحت ضغوط ودرجات حرارة عالية جدًا، إذ تحوّل نجوم التسلسل الرئيسي المادة إلى ضوء وحرارة، وتولد كميات هائلة من الطاقة دون إنتاج غازات دفيئة أو نفايات مشعة طويلة الأمد، ولكن ليس سهلًا تقليد الظروف الموجودة داخل قلوب النجوم.

يعمل التصميم الأكثر شيوعًا لمفاعلات الاندماج -والمعروف باسم توكاماك- عبر تسخين البلازما (إحدى الحالات الأربع للمادة، وتتكون من أيونات موجبة وإلكترونات حرة سالبة الشحنة) قبل احتجازها داخل غرفة مفاعل على شكل كعكة دونات باستخدام مجالات مغناطيسية قوية.

مع ذلك، كان الحفاظ على ملفات البلازما المضطربة والمسخنة في مكانها فترة كافية لحدوث الاندماج النووي أمرًا صعبًا.

صمم العالم السوفييتي ناتان يافلينسكي أول توكاماك في عام 1958، لكن لم يتمكن أحد منذ ذلك الحين من إنشاء مفاعل نووي قادر على إنتاج طاقة أكثر من معدل الاستهلاك.

تبرز إحدى العقبات الرئيسية في التعامل مع البلازما الساخنة ذات درجة كافية للاندماج.

تتطلب مفاعلات الاندماج درجات حرارة عالية جدًا (أكثر سخونة من الشمس بعدة مرات)؛ لأنها يجب أن تعمل عند ضغوط أقل بكثير من تلك الموجودة داخل قلوب النجوم.

تصل درجة حرارة قلب الشمس الفعلي إلى نحو 27 مليون فهرنهايت (15 مليون درجة مئوية)، لكن الضغط فيه يساوي تقريبًا 340 مليار مرة من ضغط الهواء عند مستوى سطح البحر على الأرض.

يُعد تسخين البلازما إلى درجات الحرارة هذه الجزء السهل نسبيًا، لكن العثور على طريقة لتجميعها دون أن تحترق في المفاعل النووي أو تعرقل تفاعل الاندماج هو الأمر الصعب من الناحية التقنية.

يعمل العلماء على تنفيذ ذلك عادةً إما باستخدام الليزر أو المجالات المغناطيسية.

اقرأ أيضًا:

علماء أمريكيون يكررون الإنجاز: تحقيق اندماج نووي في المختبر مرة أخرى

اندماج نووي كما في قلب الشمس! هل اقتربنا من توليد طاقة غير محدودة؟

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: ميرڤت الضاهر

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر