حدث للتو أقوى انفجار شمسي منذ سبع سنوات مقداره X8.7 على حسب مقياس قوة الانفجارات الشمسية.

نشأ الانفجار الشمسي في المنطقة المسماة AR 3664، وهي منطقة البقع الشمسية المسؤولة عن العواصف الشمسية التي حدثت مؤخرًا وأثارت معها ظاهرة الشفق القطبي ذات الألوان الزاهية.

يُعد هذا الانفجار الشمسي الأقوى في الدورة الحالية، وهو أيضًا الأقوى على الإطلاق منذ عام 2017، وواحد من ضمن أكبر 20 انفجارًا شمسيًا قاسه العلماء على الإطلاق، ومن الجدير بالذكر أن انفجارات الفئة X تعد أقوى الانفجارات التي قد تسببها شمسنا.

عندما اتخذت المنطقة AR 3664 طريقها نحو حافة قرص الشمس في 14 مايو من عام 2024 وتسببت في انفجار شمسي قوته X8.7 لم يكن وحده الذي انفجر من حافة الشمس، فتبعه انفجار آخر قوته X3.4 في 15 مايو، ما يشير إلى أن منطقة البقع الشمسية العملاقة ستواصل انفجاراتها على الجانب البعيد من الشمس، وبعيدًا عن أنظارنا هنا على الأرض.

بسبب موقع كلا الانفجارين، من غير المحتمل حدوث المزيد من العواصف الشمسية من المنطقة AR 3664، لكن هناك منطقة بقع شمسية تقع مباشرة في الجانب الآخر البعيد للشمس على وشك الظهور، وأطلقت انفجارًا شمسيًا أيضًا في 15 مايو قوته X2.9، ما يعني أننا قد نواجه في الأيام المقبلة أوقاتًا أكثر إثارة للاهتمام لنا على الأرض.

سجل أحدث انفجار شمسي أقوى من X8.7 -السابق ذكره- في 10 سبتمبر من عام 2017، وسجل قوة مقدارها X11.88، ومع ذلك، عُدلت قوته وسُجلت في هذا الوقت على أنه بقوة X8.2، بعد عدم اعتماد القياس الذي طبقه مركز التنبؤ بالطقس الفضائي SWPC التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA، وهذا يعني أن نوعية البيانات العلمية للانفجار الشمسي الأخير قد تكشف عن قوة أكبر من التقرير الأولي لمركز التنبؤ بالطقس الفضائي.

قد يشير هذا الارتفاع في النشاط الشمسي أننا وصلنا أخيرًا إلى الحد الأقصى لدورة النشاط الشمسي، أي أنها ذروة الدورة التي تبلغ 11 عامًا، لأنها تظهر أكبر قدر من نشاط البقع الشمسية، وما يرتبط بها من انفجارات شمسية وانبعثات الكتلة الإكليلية للشمس.

نعلم أن الدورة الشمسية تنشأ بسبب المجال المغناطيسي الشمسي، لكنها ليست مفهومة جيدًا. تتبدّل أماكن أقطاب الشمس المغناطيسية خلال الذروة الشمسية، بالتزامن مع ذروة في نشاط شمسي آخر.

تُعرَّف البقع الشمسية على أنها مناطق على سطح الشمس يكون فيها المجال المغناطيسي للشمس أقوى مؤقتًا من المناطق المحيطة به.

أما عندما تتشابك خطوط المجال المغناطيسي للبقع الشمسية، وتنقطع، ثم تعيد الارتباط، فتطلق بعدها دفقةً قويةً من الطاقة فيحدث انفجار شمسي، وإذا صاحَب ذلك -في بعض الأحيان- قذف كتل ضخمة من الجزيئات الشمسية المتشابكة مع المجالات المغناطيسية، فهذا ما يسمى بانبعاث الكتلة الإكليلية، وبينما تصل هذه الجزيئات إلى الغلاف المغناطيسي للأرض، يؤدي التفاعل الناتج بينه وبين تلك الجزيئات إلى حدوث الشفق القطبي وبعض التأثيرات الأخرى، مثل التدفق المفاجئ في التيار الكهربائي في شبكات الكهرباء، وانقطاع الاتصالات.

قد تختلف الدورات الشمسية في الطول، لذلك من الصعب التنبؤ بموعد حدوث ذروتها، وبالتالي لا يمكن التأكد والإعلان عن ذروة الدورة الشمسية إلا بعد حدوثها، وبعد تمكن العلماء من جمع البيانات لتحديد حد أقصى وقمة مميزة في النشاط، ومن ثم بداية الهبوط إلى الحد الأدنى للنشاط الشمسي. من ناحية أخرى، من المتوقع أن تبلغ ذروة النشاط الشمسي الحالي بحلول شهر يوليو من عام 2025 المقبل، لذلك قد نكون الآن في مخاض هذه الذروة.

لقد كانت هذه الدورة الشمسية أكثر نشاطًا بكثير من التوقعات الرسمية المبدئية، وهو ما يمثل أخبارًا رائعة للعلماء المختصين بدراسة النشاط الشمسي، وكذلك للراغبين في رؤية الشفق القطبي. إنها تمنحنا الكثير من البيانات لمحاولة فهم سبب تصرف الدورات الشمسية بهذه الطريقة، وهذا بدوره قد يساعدنا على التنبؤ بشكل أفضل بتوقيت الحد الأقصى والحد الأدنى للنشاط الشمسي، وكذلك قوة الدورات الشمسية المستقبلية.

قد يؤثر الطقس على سطح الشمس فينا هنا على الأرض، ومن ثم فإن القدرة على التنبؤ به بدقة أكبر ستمنحنا أداة ممتازة للاستعداد لأي انفجار شمسي قادم، مثل حماية شبكات الكهرباء ضد التدفقات المفاجئة للتيار الناشئة عن التيارات الكهربائية في الغلاف الجوي، وكذلك التأهب للانقطاع في الاتصالات وفي الترددات اللاسلكية.

يشتبه في أن منطقة البقع الشمسية الجديدة التي على وشك الظهور على قرص الشمس هي AR 3655، التي رأيناها تدور بعيدًا عن الأنظار في الرابع من مايو 2024، وعند عودتها مرة أخرى ستُمنح رقمًا جديدًا، تماشيًا مع نظام ترقيم مناطق البقع الشمسية، ونأمل أن يكون لدينا المزيد من مشاهدات العواصف الشمسية، لكن دون حدوث أي انفجار شمسي كبير، أو اضطرابات كبرى.

اقرأ أيضًا:

إجراء قياسات على المولد الرئيسي الذي يمد الانفجارات الشمسية بالطاقة لأول مرة

ناسا تطور نظامًا لتوقع العواصف الشمسية قبل أن تضرب الأرض بنصف ساعة!

ترجمة: عمرو أحمد

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر