تقول عالمة الأحياء المجهرية ميشيل سكونس ماسكوي: «اختبرتُ في أحد مشاريع معرض العلوم في الصف الرابع عدة أنواع من الصابون لمعرفة أي منها هو الأكثر فاعلية في الحفاظ على نظافة يدي. الآن، بعد ما يقرب من 20 عامًا وكَوني على وشك نيل درجة الدكتوراه في علم الأحياء المجهرية، لا يمكنني إلا أن أقول: يااااه! لقد كنتُ مجرد عالمة هاوية في الصف الرابع!».
ثم تابعت: «افتقرت تجربتي إلى وجود مجموعاتٍ ضابطة واضحة، بالإضافة إلى أنني طرحت في النهاية السؤال الخاطئ. بدلًا من السؤال عن نوع الصابون الأكثر فاعلية وتصنيف جميع البكتيريا على أنها جراثيم، كان ينبغي علي أن أبحث عن كيفية منع نمو البكتيريا المسببة للأمراض وانتشارها».
لذا كيف نمنع انتشار البكتيريا المسببة للأمراض؟
يصعب الإجابة على هذا السؤال. لا يمكنك بمجرد النظر بالعين المجردة داخل علبة بتري معرفة البكتيريا النافعة من تلك البكتيريا المسببة للأمراض، وبعض الميكروبات المسببة للأمراض، مثل الفيروسات، التي لا يمكن اكتشافها أصلًا داخل علبة بتري.
ومع ذلك، إن السؤال عن كيفية منع انتشار الميكروبات المسببة للأمراض ليس موجهًا لعلماء الأحياء المجهرية الطموحين فقط ولكنه سؤال مهم للجميع.
هل يُمكننا فعلًا الحفاظ على نظافة أيدينا من الجراثيم؟
هناك استراتيجيتان رئيستان:
1. تقليل العدد الكلي للميكروبات، أي تقليل أعداد البكتيريا والفيروسات وأنواع الكائنات الحية الدقيقة الأخرى. كيف هذا؟ نحن نفعل هذا باستخدام الصابون والماء. وتساعد كيميائية الصابون على إزالة الكائنات الحية الدقيقة من أيدينا من خلال زيادة انزلاقية بشرتنا.
أظهرت الدراسات أن الغسل الفعال بالصابون والماء يقلل بشكل كبير أعداد البكتيريا المسببة للإسهال.
2. قتل البكتيريا. ونفعل ذلك عن طريق استخدام منتجات مُضادة للجراثيم مثل الكحول أو الكلور أو البيروكسيدات أو الكلورهيكسيدين أو التريكلوسان.
أظهرت دراسات أكاديمية أن الصابون المحتوي على مضادات للبكتيريا antibacterial soaps أكثر فاعلية في تقليل بعض أنواع البكتيريا على الأيدي المتسخة مقارنة بالصابون وحده.
ومع ذلك، هنالك مشكلة. قد تحوي بعض الخلايا البكتيرية الموجودة على أيدينا جيناتٍ تجعلها مقاومة للعامل المضاد لتلك البكتيريا إما مباشرة في تركيبها الجيني أو بعد حصول طفرات فيها.
هذا يعني أنه بعد أن يقتل العامل المضاد للبكتيريا أعدادًا منها، فإن السلالات المقاومة المتبقية على اليدين يمكنها البقاء حية!
علاوة على ذلك، يمكن أن تنتقل الجينات التي سمحت للبكتيريا بالمقاومة إلى البكتيريا الأخرى، مسببة سلالات أكثر مقاومة ما يجعل مضادات البكتيريا داخل الصابون غير فعالة بالمرة!
مشكلة أخرى في هذه الطريقة، وهي أن الاستخدام طويل الأمد لبعض المنتجات المضادة للبكتيريا قد يضر بصحتك. أثبتت الدراسات التي أجريت على حيوانات أُعطيت العامل المضاد للبكتيريا التريكلوسان ضمن الصابون ومعاجين الأسنان ومزيلات العرق أنها تغير طريقة عمل الهرمونات في الجسم.
حظرت FDA استخدام منتجات غسيل مطهرة تحتوي على التريكلوسان والعديد من المكونات الفعالة المضادة للبكتيريا دون وصفة طبية.
مع وضع كل هذه النقاط في الاعتبار، قد ترغب في التمسك بالصابون القديم العادي مع الماء (الاستراتيجية الأولى).
أفضل ممارسة هي …
توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بما يلي:
- اغسل يديك بالماء النظيف.
- ضع صابونًا وافرك كل زاوية وركن من يديك لمدة تتراوح بين 20 و 30 ثانية.
- اشطف يديك جيدًا بالماء الجاري النظيف.
- جفف اليدين بمنشفة ورقية نظيفة أو بالهواء.
لقد صُدمت من قراءة دراسة أشارت إلى أن 93.2 بالمئة من المشاركين فيها والبالغ عددهم 2800 شخصًا لم يغسلوا أيديهم بعد السعال أو العطس.
أيضًا، أظهرت إحدى الدراسات وبعد تتبع 3749 شخصًا داخل إحدى الكليات، كان متوسط وقت غسل اليدين ست ثوانٍ تقريبًا!
إذا لم يكن الصابون والماء متوفرين، يوصي مركز السيطرة على الأمراض باستخدام معقم لليدين يحتوي على الكحول (حوالي 60 في المئة على الأقل إيثانول). تمتلك مادة الكحول خاصية مضادة للميكروبات، وهي أقل عرضةً لمقاومة البكتيريا مقارنة بالمواد الكيميائية الأخرى.
ومع ذلك، قد لا تقضي المطهرات التي تعتمد الكحول على جميع أصناف الجراثيم.
ليست كل الميكروبات جراثيم.
يُعد وجود بعض أنواع البكتيريا أمر مفيدًا للجسم، ولا يعني وجودها بالضرورة أنه أمر سيئ.
«في المختبر الذي أتابع فيه أطروحتي، ينصب تركيزنا على فهم التفاعلات المعقدة بين الحيوانات والبكتيريا التي تعيش داخلها. سأبخس البكتيريا حقها إذا لم أذكر أن تلك التي تعيش بداخلنا ضرورية لنا كمضيفين، خاصة بالنظر إلى دورها في حمايتنا من مسببات الأمراض».
نحن نعيش في عالم الميكروبات: إذ تستعمر بشرتنا وأمعاءنا وأفواهنا تريليونات من البكتيريا والخميرة والفيروسات. وتشير مجموعة كبيرة من الأبحاث إلى أن ارتباطات العوائل الحيوانية بميكروباتها ليست شيئًا نادرًا واتفاقيًا بل في الواقع هي مهمة بشكل أساسي لبيولوجيا المضيف.
تستطيع الأحياء المجهرية داخل جسمنا أن تحمينا من الجراثيم عن طريق تدريب نظامنا المناعي ومقاومة المستعمرات: وهي خاصية الكائنات الحية المجهرية المعوية Intestinal microbiota لمنع استعمار مسببات الأمراض.
على الرغم من ضرورة إجراء المزيد من البحوث لفهم التفاعلات المعقدة بين المجموعات الميكروبية مع الخلايا المضيفة، إلا أن الأمر اليقين هو أن وجود عدد متنوع ومتوازن من هذه الميكروبات مهم لصحتنا.
يمكن لسوء التغذية وقلة النوم والإجهاد واستخدام المضادات الحيوية أن تزعج مجتمعات الأحياء المجهرية لدينا، الأمر الذي قد يعرضنا بدوره لخطر الإصابة بالأمراض.
إذن، ما الرسالة التي أرادت هذه المقالة إيصالها؟
- ليس هناك شك في أن غسل أيدينا بالصابون السائل والماء فعال في الحد من انتشار الكائنات الحية المجهرية المعدية، بما في ذلك تلك المقاومة للعوامل المضادة للميكروبات.
- عندما لا تتاح لك الفرصة لغسل يديك بعد لمس الأسطح المشكوك فيها، استخدم معقم اليدين المعتمد على الكحول.
- قلل من وضع يديك على فمك وأنفك وعينيك.
علاوة على ذلك:
- حافظ على جسدك من الإجهاد واحصل على قسطٍ كافٍ من النوم للحفاظ على سلامة عمل ميكروبات الأمعاء لديك.
اقرأ أيضًا:
تقرير مهم يقول إن الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية قتلت عددًا أكبر مما كنا نخشاه
عليك الحذر أثناء الاستحمام من رأس الدُّش!!!
ترجمة: جعفر قيس
تدقيق: عبد الله كريم
مراجعة: رزان حميدة