أي مما يلي يرفع خطر الإصابة بالسرطان: الكحول، الأطعمة المعدلة وراثيًا، أو الإجهاد ؟
الكحول هو الاجابة الوحيدة الصحيحة، لكن حسب استبيان جديد أُجري في المملكة المتحدة، فإن الناس يخلطون كثيرًا بين العوامل المسببة للسرطان وتلك التي لا تسببه.
الاستبيان تم على عينة عشوائية ضمن المملكة المتحدة مكونة من 1300 شخص، وتم سؤالهم عن أشياء وسلوكيات معينة وفيما إذا كانت تسبب السرطان.
كان من ضمن هذه الأشياء عوامل حقيقية و معروفة بأنها تسبب السرطان كالتدخين، الكحول، العدوى بفيروس الورم الحُليمي البشري، و السمنة الزائدة.
وتتضمن القائمة أيضًا أشياء و تصرفات- يؤمن الناس بأنها تسبب السرطان- لكنها في الواقع لا تسببه، ومنها الإجهاد، الهواتف النقالة و الأطعمة المعدلة وراثيًا.
وحيث أن هذه الدراسة أُجريت في المملكة المتحدة، فمن غير الواضح فيما إذا كانت نتائجها تنطبق على بلدان وثقافات أخرى، كالولايات المتحدة.
وذلك وفقًا لما قاله المشرف على الدراسة د. ليون شهاب lion shahab، أستاذ مساعد بقسم الصحة وعلم النفس بكلية لندن الجامعية University college London.
ويضيف د. ليون : >>طالما أن الناس في الولايات المتحدة و المملكة المتحدة يتشاركون و يتشابهون قليلًا من ناحية تلقي الأخبار و المعلومات، فمن المرجح أن تشمل الدراسة الولايات المتحدة أيضا، و ممكن أن تشمل بلدانًا أخرى.<<
و في رأي إليزا بانديرا Elisa Bandera أستاذة علم الأوبئة في معهد روتجرز للسرطان في نيوجيرسي Rutgers Cancer Institute والتي لم تكن مشاركة في هذه الدراسة، أن هذه النتائج تنطبق أيضا على الولايات المتحدة.
و في حديثها لموقع لايف ساينس Live Science تقول د. إليزا >> أعتقد أن النتائج تشمل الولايات المتحدة أيضًا، حيث أن المعلومات، ومن ضمنها المعلومات المتعلقة بالصحة، تنتشر بسرعة في أيامنا هذه عن طريق الإلكترونيات و وسائل التواصل الاجتماعي، لكن تصديق الناس لمعلومات خاطئة يعتمد غالبًا على عدة عوامل، كمستوى التعليم و العمر<<.
وجدت الدراسة أن بإمكان الناس العاديين تحديد 52% من عوامل الخطر الحقيقية، ولكن الدراسة توصلت أيضًا إلى أن 29% من عوامل الخطر المُبتدعة من قبل الناس قد تسبب السرطان. وأكثر من ذلك، فقد كان الناس غير متأكدين فيما إذا كان أكثر من ثلث العوامل المُبتدعة يزيد بالفعل من خطر السرطان أم لا.
و يضيف د. ليون >> لقد كنا مندهشين كثيرًا بنسبة شيوع هذه الاعتقادات الخاطئة بين الناس<<. على سبيل المثال، كان ثلث الأشخاص الذين خضعوا للاستبيان يعتقدون أن الأطعمة المعدلة وراثيًا تزيد خطر السرطان، وأكثر من 40% منهم يعتقدون أن الإجهاد وإدمان الطعام يرفعان الخطر.
لكن لا يوجد أي دليلٍ علميٍ على أن هذه الأشياء ترفع خطر السرطان، مما يقودنا للسؤال : من أين تأتي هذه الخرافات؟
يقول د. ليون >> في عصرنا الحديث هناك كميةٌ هائلةٌ من المعلومات، و أعتقد أن الناس تواجه صعوبة بالتفريق بين ما هو جديد وما هو قديم، الكثير من الدراسات تصدر في أيامنا هذه، و بعضها يُساءُ فهمها أو تفسيرها، أو قد تقوم وسائل الإعلام بخلقها و نشرها << .
لنأخذ الفجوةَ العمرية بالحسبان:
بعد مقارنة الأشخاص الأصغر عمرًا مع الأشخاص الأكبر الذين خضعوا للدراسة، وجد الباحثون أن الأصغر عمرًا كانوا على درايةٍ ووعيٍ أكبر بما يندرج تحت مفهوم الخرافات.
ويضيف د. ليون ، قد يكون السبب وراء هذه النتيجة أن الأشخاص الأصغر عمرًا يكونون أكثر ذكاءً في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي و يميّزون بشكلٍ أفضل بين ما هو مزيّف وما هو حقيقي، و قد يكون لأسباب ثقافية أكبر، مثل كونهم أكثر نقدًا للمعلومات، لكن قد يميل الأشخاص الأصغر عمرًا لقبول التكنولوجيا بدون أي نقد.
( بعض الخرافات شملت الهواتف النقالة، و الترددات الكهرومغناطيسية، مثل تلك الصادرة من أفران الميكروويف).
وجدت الدراسة أيضًا أن الأشخاص ذوي البشرة البيضاء، الذين يتمتعون بحالة اجتماعية اقتصادية أفضل، والأشخاصُ الأكثر ثقافةً وتعليمًا، كان لديهم فهم وإدراك أكبر للعوامل التي تزيد بالفعل من خطر السرطان.
و مما قاله د. ليون >> نحن نعلم بالاعتماد على علم النفس أن اعتقادات الناس لها تأثير على تصرفاتهم << وبالفعل، فقد وجد الباحثون أنه كلما زاد وعي الناس بالعوامل الحقيقية المسببة للسرطان، كلما زاد استهلاكهم للفواكه والخضروات وإدخالها ضمن غذائهم بالإضافة لامتناعهم عن التدخين.
و يأمل الباحثون أن يزداد عدد الناس الواعين بعوامل الخطر الفعلية وأن يصيغوا سلوكهم وطريقة حياتهم بناءً على ذلك.
و يضيف ليون >> أحدُ النتائج التي توصلت إليها الدراسة قد أثارت اهتمامنا وكانت مُطمئنة نوعًا ما، فقد وجدنا أنه مهما كانت درجة تصديقك لهذه الخرافات المسببة للسرطان كبيرة، فإن ذلك لن يؤثر في سلوكياتك الصحية. بمعنى آخر، فإن الناس الذين يعتقدون أن الميكروويف يسبب السرطان، لم يتوقفوا بالضرورة عن استخدام الميكروويف<<.
وحسب ليون فإن المعلومات حول عوامل الخطر المسببة للسرطان قد تكون مُحيّرة، وفي ذات الوقت الذي نحتاج فيه أن يغير الناس تصرفاتهم وسلوكياتهم التي ترفع من خطر السرطان، فإننا أيضًا لا نريدهم أن يقلقوا حول أشياء ليس لها علاقة به.
لذا عند سماعك إشاعة جديدة عن السرطان في المرة القادمة، ننصحك بالقيام ببحثٍ بسيط في بعض المصادر الموثوقة، لتتجنب القلق حول الكثير من المعلومات الخاطئة.
تم نشر هذه الدراسة في الخامس والعشرين من نيسان في المجلة الأوروبية للسرطان European Journal of Cancer.
و نُشرت بالأصل في موقع لايف ساينس Live Science .
- ترجمة: عمر إسماعيل
- تدقيق: م. قيس شعبية
- تحرير: يمام اليوسف
- المصدر