أستراليا تسيطر على مرض الإيدز، وليس على فيروس (HIV)
أصدر فريقٌ من الباحثين وخبراء المجتمع تصريحًا جديدًا مؤخّرًا، قالوا فيه بأنَّ مرض نقص المناعة المكتسبة المعروف بـ«الإيدز-AIDS»، قد انتهى في أستراليا، وأنَّ الدّولة قد تتمكّن فعليًّا من التّخلُّص من عدوى فيروس «العوز المناعيّ البشريّ-HIV»*(1) بحلول عام 2020. ومن الجدير بالذّكر بأنَّ هذا التّصريح، صدر قُبيل عقد المؤتمر الدّوليّ الحادي والعشرين، المتعلّق بمرض الإيدز، والمُقرَّر عقده في الفترة المقبلة في مدينة «دوربان في دولة جنوب أفريقيا-Durban, South Africa».
وقد علَّق «أندرو غروليك-Andrew Grulich»، وهو عالِم الأوبئة الطّبيَّة، ورئيس قسم الأوبئة وبرنامج الوقاية لفيروس «HIV» في «معهد كيربي-Kirby Institute» قائلًا: «إنَّ مرضَ الإيدز قد تحوَّل من خطرٍ يُهدِّد الصّحّة العامّة، إلى تَحدٍّ لمنع العدوى بفيروس العوز المناعيّ البشريّ-HIV».
ويُضيف غروليك أيضًا: «إنّ أستراليا باتت تُضاهي عددًا من البلدان (كالدّنمارك مثلًا)، في اضطلاعها بالسّيطرة على عدوى فيروس HIV، والحدِّ من وَفَيَات مرضى الإيدز بشكل فعَّال. ففي مقالة صدرت سابقًا في مجلّة «لانسيت الطبيَّة للأمراض المُعدية-The Lancet Infectious Diseases»، ذُكِرَ فيها بأنَّ نسبة العدوى بفيروس HIV بين الرّجال الدّنماركيّين مثليّي الجنس، كانت فقط 0.14% في السّنة، أيْ ما يُقارب شخصًا واحدًا لكُل 700 شخص، ومقارنةً بالنّسبة الّتي وضعتها منظّمة الصّحّة العالميَّة كبداية للقضاء على وباء فيروس HIV الّتي كانت قُرابة شخصٍ واحدٍ لكُلّ 1000 شخص، فإنَّ النّسبة في الدّنمارك، كانت قريبة جدًّا من النّسبة المُحدَّدة.
ورغم أنَّ هناك 1000 مواطنٍ أستراليّ يُشَخَّصون سنويًّا بالإصابة بفيروسHIV، فإنَّ فعَالية العلاجات المُقدَّمة وسهولة الحصول عليها، تجعل عدد المرضى الّذين يتطوّر لديهم مرض الإيدز أقلّ، وفقًا لتصريحات غروليك وزملائه من مختلف المُؤسّسات والمعاهد المعنيّة بالأمر.
غير أنَّ الباحثين يُحذِّرون من أنَّ هناك عددًا لا بأس به من الأشخاص المُصابين بفيروس HIV، وأنَّ تَشخيصهم يتمّ بشكلٍ متأخّر، أيْ بعد بدء الفيروس بعمله، مُسبِّـبًا بذلك الإصابة بالمرض. ونتيجةً لذلك، سيخضع هؤلاء الأشخاص لاستراتيجيَّة طويلة الأمد؛ بهدف منع انتشار الفيروس، إضافةً إلى ضرورة استهداف تلك الاستراتيجيَّة للجماعات المُعرَّضة للعدوى بشكل كبير، بمن فيها من النساء، والرّجال المثليّين وغير النّاطقين بالإنجليزيَّة.
وفي سياقٍ آخر، ورغم التّرحيب بانتهاء وباء الإيدز، تُحذِّر «سوزان كيباكس-Susan Kippax»، خبيرة السّياسة الاجتماعيَّة في «جامعة نيوساوث ويلز-University of New South Wales» من أنَّ وباء فيروس HIV لم ينته، مُضيفةً بأنَّ تشخيص الإصابة بالفيروس قد ازداد بما نسبته 13% خلال العقد الماضي، وأنَّ هناك ضرورة للتّفريق بين المصطلحات الطّبّيّة المختلفة، حيث إنَّ العديد من الأشخاص لا يُميّزون بين فيروس HIV، ومرض الإيدز AIDS، ممّا يدفعهم للاعتقاد بأنَّ الوقاية ليست بتلك الأهميَّة.
كما أنَّ كيباكس تُوافق غروليك من ناحية تشخيص حالات الإصابة بالإيدز، والّتي قد قاربت الصّفر، وأنَّ هذه النّتائج هي حصيلة 33 سنة من استجابة بدأت منذ وصول فيروس HIV إلى أستراليا، وامتدّت من العلوم، والطّبّ، إلى توعية المجتمع. وأنَّ الفضل الأكبر في انخفاض معدّل مرض الإيدز، يعود إلى نظام الرعاية الصّحيَّة الشّاملة في البلاد، والّذي ساهم بتزويد العلاج للمصابين بفيروس HIV بشكلٍ فعَّال ومُيسَّر ومقبول.
درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج
ختامًا، فإنَّ الوقاية خيرٌ من العلاج، فكما يقول الطّبيب المختصّ بالأمراض المُعدية «شارونلوين- Sharon Lewin»، مدير معهد «Peter Doherty»: «إنَّ تناول الأدوية قبل الإصابة بالفيروس منعًا للإصابة به، أيْ ما يُعرف بـ«Pre-exposure prophylaxis /PrEP» هو أمرٌ هامّ، وإنَّ هذه الأدوية ثبت استخدامها في أستراليا مع توفرها في كُلٍّ من سيدني وملبورن وبريسبان. كما ويجري النّظر حاليًّا بتمويل هذه الأدوية ضمن مُخطَّط فوائد الأدوية الأستراليّ، الّذي يدعم الأدوية المُقدَّمة لعامّة النّاس.
*(1)«فيروس العوز المناعيّ البشريّ المُكتسب-Human Immunodeficiency Virus»: هو فيروس يُهاجم جهاز المناعة بالجسم، ويُعطِّل عمله، ويؤدّي إلى الإصابة بالإيدز، ممّا يجعل الإنسان ضعيفًا وبدون أيّ قوّة دفاعية ضد أي مرض؛ لأنّه فقد حماية جهاز مناعة جسمه له، وهنا يُعرّض الجسم للإصابة بأنواع كثيرة وخطيرة من الأمراض والسّرطانات الّتي تسمى بالأمراض الانتهازية؛ لأنّها انتهزت فرصة عدم قدرة جسم الإنسان على الدفاع عن نفسه فهاجمته.
إعداد: سيرين خضر
تدقيق: هبة فارس
المصدر