في كلِّ مرّة تتخذ قراراً ما، لعلك تتسبب في سلسلة من الأحداث عبر الأكوان المتعددة، يقوم بها العديد منك في الأكوان الأخرى –بعضهم يعيش حياة مختلفة تماماً–.
ذلك يؤدي إلى عددٍ لا نهائيٍ من الألغاز الافتراضية، بداية بما ندينه للأخرين منا، وحتى موت الأمل.
قد يبدو ذلك لنا الآن وكأنّه نوعٌ من الفلسفة الخيالية.
لكن، يعتقد كثير من علماء الفيزياء أنّ الأكوان المتعددة هي حقيقة.
وهناك أدلة كثيرة تؤيدها.
وهنا أربع دلائل مختلفة على الكون المتعدد والتي تظهر نفسها في عالمنا اليوم.
1- الدالة الموجية:
الدوال الرياضية تصف خصائص أي نظام كمي.
هذه الخصائص -كإتجاه دوران الذرة، مثلاً- يمكن أن تأخذ عدة قيم في وقت واحد، فيما يُعرف بالتراكب الكمي.
ولكن عندما نقيس خاصية مثل دوران الذرة، فنحن نحصل على قيمة واحدة فقط، إما للأعلى أو للأسفل.
من خلال تفسير كوبنهاجن التقليدي للميكانيكا الكمية، فالدالة الموجية “تنهار” عند أخذ القياسات، ولكن ليس جلياً ما يسبب ذلك.
(قطة شرودينجر المشهورة، والتي هي ليست حية أو ميتة حتى ينظر أحدهم إلي الصندوق، توضّح ذلك).
في الكون المتعدد، لا تنهار الدالة الموجية إطلاقاً و عوضًا عن ذلك، فهي تصف الخصائص عبر الأكوان المتعددة.
ففي أحد العوالم اتجاه الدوران للأعلى، وفي آخر اتجاه الدوران للأسفل.
2- ازدواجية الجسيمات الموجيّة:
في تجربة تاريخية، تمّ إرسال فوتونات خلال زوجين من الفتحات، مع شاشات فسفورية تقع خلف هذه الفتحات.
عند أخذ القياسات من كلّ فتحة، تمّ تسجيل أشباه جسميات فوتونية تمر بها ولكنها تختفي خلال الفتحة التالية تاركةً شكلاً تداخلياً على الشاشة، كأنّ كلّ فوتونٍ يمرُّ خلال كلّ فتحة بانتظام ويتشتت بعد ذلك، مثل الموجات الكلاسيكية.
هذه الخاصية المزدوجة وُصفت كـ”مركز الغموض” في عالم ميكانيكا الكم.
أشار تفسير كوبنهاجن، إلى أنّها ترتبط بانهيار الدالة الموجية.
وذلك بتأثير أجهزة القياس، فالفوتونات تعبر الفتحتين على التوالي، ولكن تجبر أجهزة القياس الفوتونات على اختيار حالة واحدة من التأثير المزدوج للموجة.
إحدى التفسيرات المطروحة لشرح هذا الشكل التداخلي هي من خلال تأثير العوالم المتعددة، فعلى النقيض، كل فوتون يمر خلال فتحة واحدة.
والشكل التداخلي يأتي من تفاعل الفوتون مع مثيله في كون موازيِ آخر.
3- الحوسبة الكمومية:
برغم أنّ الكومبيوترات الكمية في مراحلها الأولية، فهي نظرياً بالغة القوة.
قادرة على حلّ العديد من المشاكل المعقدة أسرع بكثير من أي جهاز عادي.
فحسب تفسير كوبنهاجن، ذلك لأن المتشابكة “المُكدَّسة” التي يمكنها أن تتواجد في العديد من الحالات الثنائية المتاحة للـ”بِت” (أصغر وحدة ميكانيكية في الحاسب الآلي”bit”) والتي تُستخدم في الحواسب التقليدية.
وحسب تفسير نظرية الأكوان المتعددة، فهي تُجري العديد من الحسابات اللازمة في العديد من الأكوان في وقت واحد.
4- لعبة الروليت الروسية الكميّة:
لكي تستطيع لعب دور قطة شرودينجر، عليك أن تستعمل مسدسًا تتحكم به الخصائص الكمية، مثل دوران الذرة، والتي تمتلك حالتين ممكنتين عند القياس.
فلو كان تفسير كوبنهاجن صحيحًا، فسوف تحصل على نسبة 50/50 التقليدية للنجاة.
كلّما لعبت أكثر، كلّما قلت فرصتك في النجاة.
ولو كانت نظرية الأكوان المتعددة صحيحة، فعلى النقيض، فسوف يوجد دائمًا كون تكون فيه حياً، دون اعتبار لعدد المرات التي لعبتها.
وعلاوة على ذلك، فإنّك ستموت في كلّ مرة تلعبها أيضاً.
بفضل المكانة العظيمة التي يشغلها المراقب في الميكانيكا الكمية.
أنت سوف تسمع فقط سلسلة من الطقطقات “صوت الطلقة الفارغة” متتالية وسريعة في كل مرة تفشل الطلقة وتدرك إنّك غير فاني.
ولكن احذّر: حتى لو حصلت على هذا المسدس، فمازال الفيزيائيون يتجادلون بشأن احتمالية صحة هذه الفرضية.
- تحرير: جورج موسى
- المصدر