ينتج الخرف عن أسباب عديدة، يعتقد بعض العلماء أن أحد أكثر أسبابه شيوعًا قد يكون ناتجًا جزئيًا عن تغيرات في استقلاب الكوليسترول وتدفق الدم في الدماغ. تقلل أدوية الستاتين من الكوليسترول في الدم، صُممت بدايةً لتعالج أمراض القلب وأزماته ثم انتشر استخدامها لعلاج الحالات الطبية المرتبطة بالكوليسترول.
أظهرت دراسة أُجريت في السويد على كبار السن أن تناول الأدوية الحاوية على الستاتينات مرتبط بتحسن الإدراك وذلك على فترة امتدت 3 سنوات، وقد سجلت بعض الستاتينات نتائج أفضل من غيرها.
وفق منظمة الصحة العالمية، توجد 10 ملايين إصابة جديدة بالخرف كل سنة، مع وجود خيارات قليلة للعلاج أو الوقاية.
يعدّ ألزهايمر أكثر أشكال الخرف شيوعًا، يتميز بتراكم لويحات البيتاميلويد- betamyloid وبيبتيدات البروتين تاو- tau في الدماغ.
يعدّ الخرف الوعائي ثاني أكثر أسباب الخرف شيوعًا. ينتج عن انسداد الأوعية الدموية في الدماغ ما يقلل من تدفق الدم إلى تلك المنطقة. قد يظهر الخرف الوعائي بعد السكتة الدماغية، لكن ليس بالضرورة أن يصاب الأفراد بالسكتة الدماغية حتى يصابوا بالخرف الوعائي، إذ قد يكون متوافقًا مع ألزهايمر.
ما دور الكوليسترول في الخرف؟
ترتبط مستويات الكوليسترول المرتفعة مع ألزهايمر والخرف الوعائي خاصةً عند الرجال.
يفترض العلماء أن الخلل في تنظيم الكوليسترول يمنع من هدم الكوليسترول الطبيعي في الجسم ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة الأمر الذي يسبب مشكلات متنوعة مثل تصلب الشرايين التي تزيد خطر الإصابة بالخرف الوعائي، وقد يؤدي خلل تنظيم الكوليسترول إلى خلل في تنظيم امتصاص البروتين تاو ما قد يؤدي إلى تراكمه في الدماغ وهذا من خصائص ألزهايمر.
استُخدمت الستاتينات عبر عقود طويلة لخفض مستوى الكوليسترول في الدم، وذلك في المقام الأول لتقليل الأمراض القلبية والأزمات الصحية الناتجة عنها.
قال الدكتور كليفورد سيجيل طبيب الأعصاب في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي في سانتا مونيكا، كاليفورنيا أن من شأن أي دواء أن يقلل من عوامل الخطر القلبية الوعائية والدماغية مثل الستاتين أن يقلل من خطر إصابة المريض بالخرف الوعائي أو الخرف متعدد الاحتشاءات.
هل تساعد الستاتينات في محاربة أعراض الخرف؟
فحص باحثون من مستشفى جامعة كارولينسكا في ستوكهولم في السويد مؤخرًا السجل السويدي للاضطرابات المعرفية – الخرف (SveDem) لتحديد ما إذا كان استخدام الستاتين يؤثر على الإدراك لدى كبار السن.
أُعلن عن نتائج دراستهم في ورقة بحثية نُشرت في مجلة Alzheimer’s Research and Therapy.
قد درسوا سجلات 15,586 فردًا مصابًا بأشكال مختلفة من الخرف، كان متوسط أعمارهم 79.5 عامًا عند التشخيص وكان 10,869 فردًا منهم يتناولون الستاتينات، جُمعت بياناتهم منذ عام 2007 وتمت متابعة جميع المرضى حتى الوفاة أو الهجرة أو نهاية المتابعة.
استخدم الباحثون فحص الحالة العقلية المصغر (MMSE) لتقييم الإدراك وسجلوا تلك البيانات، ثم حللوا الدرجات المسجلة في البداية وفي أثناء المتابعات. صُنفت البيانات إلى أنواع مختلفة وفق الستاتينات التي يتناولها المشاركون، وعُدلت النتائج وفق الخصائص الديموغرافية والأمراض المصاحبة والأدوية المتناولة غير الستاتينات.
وجد الباحثون أن مستخدمي الستاتينات الذين يتناولون جرعة يومية محددة من الستاتينات حصلوا في المتوسط على 0.63 نقطة في فحص الحالة مقارنةً مع الذين لا يتناولون الستاتينات بعد ثلاث سنوات من المتابعة.
ارتبط دواء سيمفاستاتين- Simvastatin أكثر أدوية الستاتين الموصوفة في السويد في ذلك الوقت- بنقاط إضافية في فحص الحالة بلغت 1.01 نقطة بعد 3 سنوات مقارنةً بمتناولي دواء أتورفاستاتين- Atorvastatin.
عندما شُخّص المشاركون الذين كانت تقل أعمارهم عن 79.5 عامًا والذين تناولوا سيمفاستاتين حصلوا على 0.80 نقطة إضافية مقارنةً بمستخدمي أتورفاستاتين الأصغر سناً بعد 3 سنوات، بينما حصل متناولو سيمفاستاتين على 1.03 نقطة مقارنةً بمستخدمي روسوفاستاتين- Rosuvastatin.
الستاتينات آمنة للتناول في الخرف:
أكدت الدراسة أنه على الرغم من المخاوف السابقة من أن الستاتينات قد تسبب الارتباك، فإنها في الواقع كانت آمنةً لتلك المجموعة من مرضى كبار السن المصابين بالخرف ولم تساهم في التدهور المعرفي، كما قال الدكتور سيجيل.
قالت الدكتورة جارسيا بتاسيك أنهم يفترضون حاليا أن التغيرات الحادة في نسبة الكوليسترول في الدماغ عند بدء تناول الستاتينات قد تسبب ارتباكًا لدى الأفراد الحساسين بينما من الممكن أن تكون التأثيرات طويلة المدى وقائية، لكنها على أية حال مجرد فرضية تحتاج إلى تأكيد في الدراسات المستقبلية.
وأوضحت وجوب إجراء مزيد من الأبحاث لتحديد الآلية التي قد تكمن خلف تلك النتائج مضيفةً أنهم بحاجة إلى دراسة كيفية تأثير الستاتينات على الكوليسترول ثم الكوليسترول في الدماغ واتصالات الدماغ وكيف تتغير التأثيرات مع العلاج القصير أو الطويل الأمد، ويجب فهم المرضى الذين يُحتمل أن يستفيدوا من الستاتينات -هذا إن استفادوا منها على الإطلاق- ذلك بهدف تصميم تجربة سريرية مستهدفة. تجب معرفة كيف تعدل الأنماط الجينية المختلفة تلك الاستجابة.
قال الدكتور سيجيل وهو غير مشارك في هذا البحث أنه يريد رؤية المزيد من البيانات التي تقارن بين الأنواع المختلفة من الستاتين، إذ إن هذه الدراسة بحثت في ثلاثة أدوية عامة مختلفة من الستاتينات التي تخفض الكولسترول وهي روسوفاستاتين وسيمفاستاتين وأتورفاستاتين. وهو مهتم برؤية متابعة طويلة الأمد للمرضى الذين تلقوا تلك الأدوية الثلاثة لمعرفة ما إذا كانت البيانات تدعم أطباء الأعصاب مثله الذين يستخدمون أحد هذه الأدوية بدلاً من غيرها، نظرًا للبيانات التي تشير إلى أن أحد أدوية الستاتين أفضل في منع فقدان الذاكرة.
اقرأ أيضًا:
هل يستطيع عقار إنقاص الوزن الجديد معالجة الخرف أيضًا؟
العلماء يشهدون لأول مرة نقطة بداية التحول لمرض ألزهايمر في المختبر
ترجمة: ميس مرقبي
تدقيق: فاطمة جابر