إنه العبقري الألماني يُوهَان كَارلْ فرِيدْرِيش جاوُسْ، واحد من أهم عُظماء الرياضيّات في التاريخ وأكثرهم تأثيرًا على الإطلاق، ولذلك فقد كان لقبه (أمير الرياضيات).
كان أول إنجازاته في الرياضيات وهو في السابعة من عُمره، فقد كان مُصنّفًا على أنه الطفل الفائِق أو المعجزة وذلك بسبب ابتكاره مفاهيم جديدة في العلم وهو دون العاشِرة من العمر!
وكان معروفًا عنه أنّه يُتقِن عملُه للغاية ويبحث عن الكمال في أي عمل يؤديه، لدرجةٍ رآها البعض تصل إلى حدّ التطرف، وكان يرى دائمًا أنّ التعبير في كلمات قليلة هو أصعب بكثير من التعبير بإسهاب وتفصيل.
تشعبَت إنجازات جاوُسْ في الرياضيّات لتشْمل الجبْر ونظريّة الأعداد والإحصاء والتحليل والتفاضل، وكلها كانت قبل أن يصل للعشرين من عُمره، ثم امتدّت إنجازاته متجاوزةً الرياضيات لتصل إلى الفيزياء والفلك والبصريات.
وُلدَ جاوُسْ في ألمانيا عام 1777 وكان أبواه فقيرين وكانت أُمه أُميّة لم تتعلم ولم تُسجّل تاريخ ميلاده! كانت تتذكر فقط أنه جاء إلى الدنيا يوم الأربعاء قبل ثمانية أيام من عيد الصعود (الخميس العظيم).
إلا أن جاوس حل هذه المسألة فيما بعد واستطاع أن يُحدد تاريخ ميلاده بمنتهى الدقة! ونال درجة الدكتوراه وهو في الثانية والعشرين من عمره ولكنه لم يكن معروفًا وقتها.
كان جاوس يُجيد عدة لغات، وعلّم نفسه اللغة الروسية وهو في الثانية والستين من عمره! وكان معروفا عنه أنه يهوى جمع الكتب.
قال جون جريبين في كتابه (البحث عن حافة الزمن) أن مُذكرات جاوُسْ كانت تتضمن العديد من الاختصارات الغامضة التي لم يتمكن أحد من تفسيرها حتى الآن! وربما كانت اكتشافات رياضية كان هو الوحيد القادر على فهم مغزاها.
ويرى البعض أنها قد تُشير إلى اكتشافه نوعًا من الهندسة غير الإقليدية، وهي الهندسة التي استخدمها آينشتاين فيما بعد في النسبية العامة والتي تستند إلى بديهيات مختلفة وبذلك وصلت إلى نتائج مختلفة، فمجموع زوايا المثلث مثلًا فيها أكثر من 180 درجة.
في 23 فبراير من عام 1855 مات جاوُسْ إثْرَ إصابته بنوبة قلبية، وقام عالم التشريح الألماني (رودولف فاجنر) بالاحتفاظ بدماغ جاوُسْ بغرض دراسته وتشريحه، وتوصل إلى أن كتلته زادت قليلًا عن 1492 جرام ومساحة الدماغ الكلية تساوي 219,588 مليمتر مربع، وقد عُثر على توليفات عصبية معقدة ومتقدمة للغاية بين تلافيف دماغه! وفي القرن العشرين اُقتُرِحَ أن هذه التوليفات المتقدمة هي السبب وراء عبقرية جاوُسْ.
أشهر أقواله:
- “إنها ليست معرفة ولكنه فِعْل التعلُّم، وليس امتلاكًا بل هو فِعل الوصول إلى هناك، ما يمنح أكبر قدر من المتعة”.
- “يقف علماء الرياضيات على أكتاف بعضهم البعض”.
- “إنّ الله يقوم بعِلم الحِساب”
- “أنت تعرف أنني أكتب ببطء، وذلك بشكل رئيسي يعود إلى أنني أكون غير راضٍ أن أقول كل ما أريده في كلمات قليلة، والكتابة باختصار تستغرق وقتًا أطولَ بكثير من الكتابة بإسهاب”.
- “من المعروف أن مشكلة تمييز الأعداد الأولية عن الأعداد المركبة وحل الأعداد المركبة إلى عواملها الأولية هي واحدة من أهم القضايا في الحساب وأكثرها إفادة”.
- “لقد حصلت على نتائجي من فترة طويلة للغاية، لكنني لا أعرف حتى الآن كيف أمكنني الوصول إليها”.
- “قد يكون صحيحًا أن الرجال الذين هم مجرد علماء رياضيات لديهم عيوب محددة، لكن هذا ليس خطأ الرياضيات بالتأكيد، لأنه صحيح بشكل مماثل لأي مهنة أُخرى”.
- “عندما أكون قد أوضحت موضوعًا وقتلته بحثًا، أتركه وابتعد عنه بعد ذلك، لكي يذهب في غياهب الظلام مرة أخرى”.
- “يجب أن نعترف بتواضع أنه في حين أن العدد هو مجرد محض مُنتج لأذهاننا، فإن الفضاء له حقيقة خارجة عن أذهاننا، ولذا فنحن لا نتمكن من وصف خصائصه بالكامل بشكل مُسْبق”.
- “أنا اقتربت أكثر وأكثر من الاقتناع بأنه لا يمكن البرهنة على ضرورة هندستنا، على الأقل لا يمكننا البرهنة بواسطة العقل البشري أو حتى من خلاله”.
- تدقيق: أنس حاج حسن
- تحرير: عيسى هزيم
- المصدر الأول
- المصدر الثاني
- Unveiling The Edge of Time) Book)