كشفت دراسة جديدة أن العلاج النفسي قد يكون الحجر الأساس في تدبير آلام الظهر المزمنة.
عادةً ما تتحسن آلام الظهر الحادة (وهي الآلام التي تستمر أقل من 4 أسابيع) في غضون عدة أيام إلى بضعة أشهر. لكن يعاني نحو 33% من الأشخاص آلام ظهر معتدلة بعد عام واحد إذ يعاني 20% منهم عجزًا وظيفيًا خطير.
بينما يعاني نحو 8% من البالغين في الولايات المتحدة آلام الظهر المزمنة أو المستمرة، وما لهذه المشكلة من تكاليف باهظة من ناحية الرعاية الصحية وأيام الإجازات المرضية، ولكن ربما ستحل هذه المشكلة وتصبح العلاجات أكثر فعاليةً بفضل الدراسات الجديدة. وقد عرف الباحثون مصطلح آلام الظهر المزمنة على أنها آلام تستمر مدة تزيد عن 12 أسبوعًا وتترافق في أغلب الحالات مع آثار نفسية كالقلق والاكتئاب التي تؤثر سلبًا على الصحة العقلية، ما يؤدي إلى تدهور الصحة الجسدية للمريض.
تشير دراسة جديدة شملت أكثر من 13000 مريض إلى ضرورة التركيز على الجوانب الجسدية والنفسية لضمان أفضل علاج لآلام الظهر المزمنة بدلًا من التركيز على الجانب الجسدي فقط للعلاج.
وجد الباحثون اعتمادًا على مراجعة منهجية ل 97 تجربة سابقة شملت 17 طريقةً مختلفة في تدبير آلام الظهر المزمنة، أن إضافة العلاجات النفسية -كالعلاج السلوكي وتثقيف المريض عن الألم- إلى العلاجات التقليدية أدى إلى فوائد طويلة الأمد من ناحية تحسن الوظيفة الحركية والتخفيف من شدة الألم.
لقد حددت الدراسة ستة أنواع أساسية من التداخلات النفسية وهي: التداخلات السلوكية والعلاجات السلوكية المعرفية واليقظة والاستنصاح وبرامج تثقيف المريض حول الألم، أما النوع السادس فهو دمج نوعين من التداخلات السابقة.
تقول اختصاصية العلاج الطبيعي إيما هو من جامعة سيدني في أستراليا: «توصي الإرشادات السريرية لتدبير آلام الظهر المزمنة بضرورة الاستمرار بمجموعة من التمارين والعلاجات النفسية الاجتماعية، رغم أننا نعرف القليل عن أنواع العلاجات النفسية المتاحة ومدى فعاليتها».
كان الجمع بين العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الفيزيائي وتثقيف المريض حول الألم أفضل من العلاج الفيزيائي لوحده من ناحية تحسين الوظيفة الجسدية، وقد ثبت دور العلاج السلوكي والعلاج السلوكي المعرفي وتثقيف المريض حول الألم في تخفيف شدة آلام الظهر المزمنة.
لكن تبين وجود تغير في فعالية هذه العلاجات مع مرور الوقت، إذ كان التأثير الأكبر للعلاج السلوكي وتثقيف المريض حول الألم خلال 12-6 شهرًا بعد العلاج.
لم تقتصر فوائد العلاجات الجديدة على تحسن الوظيفة الجسدية وتخفيف شدة الألم، بل شملت تحسين نوعية الحياة والصحة العامة وتجنب الخوف من الألم الذي يعيق الحركة، تثبت العلاجات النفسية تحقيقها لنتائج أفضل.
بينما يعترف بعض الباحثين بوجود ضعف في الدراسة بسبب حاجة الفعالية المديدة لهذه العلاجات (بعد 12 شهرًا) إلى مزيد من التقييم وقد تضمنت بعض التجارب بيانات ضعيفة الجودة.
توضح دراسة أخرى في جامعة كولورادو في بولدر إمكانية تطوير تقنية علاجية جديدة لمشكلة آلام الظهر المزمنة، وهي تقنية إعادة تكوين الألم، يقول الدكتور يوني عشار المؤلف الأساسي لهذه الدراسة: «الكثير من الناس لديهم اعتقاد خاطئ بأن الألم علامة ناجمة عن أذية أنسجة الجسم، وفي كل مرة يشعر فيها المريض بآلام الظهر يعني أن ظهره يتأذى ما يدفعه إلى القلق والخوف بشأن الألم، فيصبح متيقظًا له بشدة محاولًا تفاديه بكل الطرق الممكنة مؤديًا إلى دخوله في حلقة مفرغة بين الخوف والألم».
إعادة تكوين الألم
يمكن بعد استبعاد أسباب آلام الظهر المزمنة القابلة للعلاج استخدام تقنية إعادة تكوين الألم، وذلك عبر تمارين تهدف إلى مساعدة المرضى على فهم أن مصدر الألم ناجم عن تغير أو اضطراب في المسارات الدماغية القابلة للتعديل، وليس بسبب إصابة أو أذية ما.
يأتي دور تمارين التأمل الموجهة التي تساعد المرضى على التعامل مع الألم بنوع من الخفة والفضول بدلًا من محاولة تفاديه أو مقاومته.
يقول أحد أطباء الأعصاب من غير المشاركين في هذه الدراسة: «يعد العلاج بإعادة تكوين الألم غير مناسب لعلاج الألم الثانوي الناجم عن الإصابات أو الالتهابات الحادة، قد تفيد الاستراتيجية العلاجية الجديدة في القضاء على الألم أو تقليله عند نسبة كبيرة من مرضى آلام الظهر المزمنة».
اقرأ أيضًا:
ما العلاقة بين الإكتئاب و آلام الظهر ؟
ما هي أسباب آلام الظهر وما هي سبل علاجها
ترجمة: غدير برهوم
تدقيق: يمام بالوش
مراجعة: لبنى حمزة