ربما سمعنا من قبل عن أخذ حمام بارد لتخفيف آلام العضلات أو للمساعدة في الاستيقاظ بسرعة، وتوجد أيضًا مناقشات حول دور الحمام البارد في علاج القلق.

يُعد القلق حالةً صحيةً عقليةً تسبب مخاوف وتوترًا مفرطًا، ومع أن القلق يعد جزءًا طبيعيًا من الحياة، فإن اضطرابات القلق قد تعرقل أنشطتنا اليومية، ما يجعل من الصعب أحيانًا المشاركة في العمل والأنشطة الاجتماعية.

يُعالج القلق المزمن بعدة طرق مختلفة من قبل طبيب نفسي، وقد تساعد أحيانًا العلاجات المكملة.

يُعد الاستحمام بالماء البارد من العلاجات المكملة، ويُظن أن جذور هذا العلاج تعود إلى الطب الهندي القديم.

قبل أخذ حمام بارد، يجب أن نفكر فيما إذا كان الماء البارد سيساعد بالفعل في تخفيف أعراض القلق.

يجب أن يتواصل المريض مع طبيبه بشأن الطرق الأخرى التي قد تساعده في التحكم بالقلق على المدى الطويل.

هل تعد هذه الطريقة فعّالة؟

مع أن الاستحمام بالماء البارد قد يساعد نظريًا على تقليل أعراض القلق، فإن الحاجة ماسة لمزيد من الأبحاث لإثبات أن الماء البارد علاج فعّال للقلق.

بحثت بعض الدراسات فيما يتعلق بفاعلية العلاج المائي لعلاج اضطرابات نفسية أخرى، ما قد يشير إلى فوائد مماثلة لعلاج القلق.

أُجريت دراسة عام 2008 حول دور العلاج المائي في علاج الاكتئاب، ولوحظ تحسن في أعراض المشاركين بعد عدة أسابيع من العلاج المائي. كانت تلك العلاجات تتضمن جلسات استحمام بالماء البارد لمدة 2-3 دقائق، بدرجة حرارة 20 درجة مئوية مرةً أو مرتين يوميًا.

غالبًا ما يؤدي القلق إلى زيادة معدل ضربات القلب، وفي حين لاحظت بعض الدراسات أن العلاج المائي البارد قد يزيد معدل ضربات القلب عند الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب، وجد آخرون أن غمر الجسم بالماء البارد قد يقلل معدل ضربات القلب بنسبة تصل إلى 15%.

أثبتت الدراسات أن الاستحمام بالماء البارد بانتظام قد يعزز الجهاز المناعي، إذ ليس بالضرورة أن يكون القلق ناتجًا عن اضطراب مناعي على وجه الخصوص، ولكنه مرتبط بزيادة الالتهاب الذي قد يؤدي إلى حدوث أمراض أكثر تكرارًا.

ما آلية هذا العلاج؟

ثبت أن الاستحمام بالماء البارد يحسن الدورة الدموية، فعندما تنخفض حرارة الجسم، يتحرك الدم استجابةً لهذا الانخفاض.

قد يسبب القلق زيادة في ضغط الدم، والاستحمام بالماء البارد قد يساعد على خفضه نظريًا.

قد يعمل الاستحمام بالماء البارد بطريقة أخرى، وهي زيادة إفراز الأندورفينات، أو هرمونات السعادة في الدماغ. تخفف الأندورفينات من أعراض الاكتئاب والقلق، وقد يقلل الماء البارد أيضًا من إفراز الكورتيزول وهو هرمون التوتر.

من المعروف منذ وقت طويل أن الرياضيين يستخدمون حمامات الثلج للمساعدة في تقليل الالتهابات التي قد تؤدي إلى ألم عضلي بعد جلسة تمارين شديدة.

بالنسبة للقلق، قد يحقق الاستحمام بالماء البارد فوائد مماثلة من ناحية الالتهاب، إذ قد يزيد التوتر المستمر الالتهاب، ما قد يؤدي إلى دورة من القلق الناتج عن الالتهاب.

قد يساهم أيضًا الاستحمام بالماء البارد في صرف انتباه الشخص عن الأمور التي قد تشعره بالقلق أو الخوف منها. لذلك فإن الدقائق التي يقضيها الشخص مركزًا على الإحساس ببرودة الماء على الجسد بمنزلة يقظة ذهنية، ما يحافظ على وجود الشخص القلق في اللحظة الحالية بدلًا من التركيز على الأحداث المستقبلية الخارجة عن السيطرة.

عند استخدام العلاج المائي للقلق، يجب استخدام الماء البارد فقط لبضع دقائق في كل مرة، يمكن بعد ذلك إنهاء الاستحمام بالماء الفاتر.

نصائح إضافية لتخفيف القلق:

مع أن الاستحمام بالماء البارد قد يساعد في التخفيف من أعراض القلق، فإنه ليس العلاج الوحيد الذي يمكن تجربته في المنزل.

يُنصح بالنظر في العلاجات المنزلية التالية التي تُثبت فاعليتها في تخفيف القلق مع مرور الوقت:

  •  ممارسة التمارين بانتظام: قد تساعد ممارسة الرياضة يوميًا في تحسين المزاج، وزيادة إفراز الأندورفينات، وتقليل التوتر.
  •  التأمل وتقنيات الوعي الذهني الأخرى: ممارسة التأمل، التنفس العميق، والتخيل البصري يوميًا. قد تساعد على تخفيف أعراض القلق، وقد تبدأ الفوائد بالظهور بعد بضع دقائق من التأمل يوميًا.
  •  تناول المزيد من الأطعمة الطبيعية الكاملة: قد تقلل الفواكه والحبوب الكاملة والخضراوات والأسماك الدهنية من الالتهاب في الجسم مع تحسين المزاج العام.
  •  التقليل من تناول الكافيين: إن كوب القهوة الصباحي وحده ليس ضارًا، إلا أن تناول الكافيين بكميات كبيرة خلال اليوم قد يزيد من أعراض القلق ويؤدي إلى الأرق ليلًا. يُنصح بشرب شاي البابونج في فترة ما بعد الظهر والمساء، إذ إنه خالٍ تمامًا من الكافيين، وقد يكون له تأثير مهدئ.
  •  النوم الكافي: يتفاقم القلق بسبب نقص النوم، وقد يسبب الأرق لدى بعض الأشخاص. يجب الذهاب إلى السرير والاستيقاظ في وقت محدد يوميًا.
  •  تخصيص وقت للتواصل الاجتماعي: قد يزيد القلق أحيانًا من خطر الاكتئاب والعزلة الاجتماعية، لذلك فإن تنظيم الأنشطة الاجتماعية مسبقًا قد يساعد على تقليل هذه المخاطر، وقد يعزز التواصل مع الآخرين أيضًا من إفراز الأندورفينات ويخفف من التوتر.

علاجات القلق:

تُعالَج الحالات الشديدة والمزمنة من القلق بوسائل طبية إضافةً إلى العلاجات المنزلية. يجب التواصل مع الطبيب المعالج إذا استمر القلق في التأثير على الحياة اليومية، وقد يوصي بما يلي:

العلاج بالكلام: يتضمن اجتماعات منتظمة مع اختصاصي نفسي للمساعدة في اكتشاف الأسباب الجذرية للقلق وكيفية التغلب عليها.

العلاج السلوكي المعرفي: هو الشكل المستخدم الأكثر شيوعًا في علاج اضطرابات القلق.

الأدوية: تشمل مضادات القلق والمهدئات، أو مضادات الاكتئاب.

قد يحمل كل نوع من هذه الأدوية آثارًا جانبية وتفاعلات مختلفة، لذلك من المهم التحدث مع الطبيب بشأن أي وصفات طبية أخرى، أو فيما يتعلق بالأدوية المباعة بدون وصفة طبية، أو الفيتامينات والأعشاب التي قد يتناولها المريض. ويُوصى عادةً باستخدام أدوية القلق لفترة قصيرة فقط.

اقرأ أيضًا:

القلق عند الرجال: العلامات والأعراض

هل يسبب القلق ارتفاع ضغط الدم؟

ترجمة: حسن السعيد

تدقيق: نور حمود

المصدر