قد يسبب الكحول تأثيرات قصيرة الأمد مثل التصرف دون تفكير وطويلة الأمد مثل ضعف جهاز المناعة، وفي حين أن المرء لا يشعر بتأثيرات الكحول فورًا، فإنها تبدأ بالحدوث منذ الرشفة الأولى.

يفترض غالبية الناس أن شرب كأس واحدة من الجعة أو النبيذ مع الوجبات أو في المناسبات المميزة لا يمثل خطرًا على صحتهم، إلا أن شرب الكحول بأي مقدار قد يؤدي إلى عواقب صحية ضارة. سرعان ما تظهر تأثيرات الكحول في الصحة لدى الأشخاص الذين يفرطون في الشرب، ولكن هذا لا يعني أنه لا يؤثر أيضًا في الأشخاص الذين يشربونه باعتدال.

قد يؤثر الكحول سلبًا في الصحة الجسدية والنفسية لدى أي شخص مع مرور الزمن، وتميل هذه التأثيرات إلى أن تكون أكثر خطورةً ووضوحًا لدى الذين يشربون بانتظام بمعدل يزيد عن كأس أو كأسين في كل مرة.

تأثيرات الكحول قصيرة الأمد:

يترك الكحول تأثيرات مؤقتة يشعر بها المرء في أثناء الشرب أو بعده بفترة وجيزة، وهي تتضمن:

  •  الشعور بالاسترخاء أو الخمول.
  •  الشعور بالنشوة أو الدوار.
  •  تغيرات في المزاج.
  •  السلوك المتهور.
  •  ثقل اللسان والكلام ببطء.
  •  الغثيان والتقيؤ.
  •  الإسهال.
  •  الصداع.
  •  تغيرات سمعية وبصرية وإدراكية.
  •  الترنح.
  •  صعوبة التركيز أو اتخاذ القرارات.
  •  فقدان الوعي أو قصور في الذاكرة.

تظهر بعض هذه التأثيرات بسرعة بعد شرب الكأس الأول مثل استرخاء المزاج والتصرف دون تفكير، في حين تظهر التأثيرات الأخرى مثل فقدان الوعي وتباطؤ الكلام بعد شرب بضعة كؤوس من الكحول، وقد لا تظهر التأثيرات المرتبطة بالجفاف مثل الغثيان والصداع والدوار إلا بعد مرور عدة ساعات، وهي تعتمد أيضًا على نوع المشروب ومقدار الشرب وشرب الماء.

رغم أن تأثيرات الكحول قصيرة الأمد قد لا تستمر طويلًا، فإن هذا لا يعني أنها عديمة الأهمية؛ إذ قد يؤثر التهور والترنح وتغيرات المزاج في السلوك والقدرة على التمييز، ما قد يؤدي إلى عواقب خطيرة مثل الحوادث والإصابات واتخاذ قرارات تسبب الندم لاحقًا.

تأثيرات الكحول طويلة الأمد:

قد يسبب الكحول أيضًا تأثيرات أكثر ديمومة تتجاوز المزاج والصحة الشخصية عند الشرب بكثرة، وهي تتضمن:

  •  تغيرات ثابتة في المزاج، مثل القلق والانفعال.
  •  الأرق واضطرابات أخرى في النوم.
  •  ضعف جهاز المناعة وكثرة التعرض إلى الأمراض.
  •  تغيرات في الرغبة والوظيفة الجنسية.
  •  تغيرات في الشهية والوزن.
  •  مشكلات في الذاكرة والتركيز.
  •  صعوبة التركيز على المهام.
  •  زيادة التوتر والخلافات في العلاقات العاطفية والعائلية.

تأثيرات الكحول في الجسم:

فيما يلي ملخص لتأثيرات الكحول في الأعضاء الداخلية ووظائف الجسم.

 الغدد الهضمية والصماء:

يسبب الإفراط في شرب الكحول مع مرور الوقت التهابًا في البنكرياس، ما يؤدي إلى تسرب إنزيمات البنكرياس الهاضمة وألم في البطن. فضلًا عن ذلك، قد يصبح التهاب البنكرياس مشكلةً دائمة ويسبب عواقب خطيرة.

 تغيرات التهابية في الكبد:

تكمن وظيفة الكبد الرئيسية في تكسير السموم والتخلص من المواد الضارة مثل الكحول. قد يتداخل الإكثار من شرب الكحول مع وظائف الكبد ويزيد خطر الإصابة بأمراض الكبد المرتبطة بالكحول والتهاب الكبد المزمن.

تعد أمراض الكبد المرتبطة بالكحول حالةً تهدد الحياة وتؤدي إلى تراكم السموم ونواتج الأيض في الجسم، ويسبب التهاب الكبد المزمن عادةً تليف الكبد؛ ما يسبب بدوره ضررًا دائمًا في الكبد.

 مستويات السكر:

يستجيب البنكرياس إلى الغلوكوز ويساعد على ضبط استخدام الإنسولين في الجسم،، لكن عند الإصابة بالتهاب البنكرياس أو أمراض الكبد، قد تتدهور وظيفتهما وينخفض مستوى سكر الدم.

علاوةً على ذلك، تحول أضرار البنكرياس دون قدرة الجسم على إنتاج قدر كافٍ من هرمون الإنسولين لضبط سكر الدم، ما قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع مستوى سكر الدم.

في حال عدم قدرة الجسم على ضبط مستويات سكر الدم، قد تحدث عواقب أكبر وتأثيرات جانبية مرتبطة بالسكري، وينصح الخبراء المصابين بالسكري أو انخفاض سكر الدم بتجنب الإفراط في شرب الكحول.

 الجهاز العصبي المركزي:

تتمثل أبرز المشكلات المتعلقة بالكحول في تأثيره على الجهاز العصبي المركزي.

يعد ثقل اللسان العلامة الرئيسية على الثمالة، وهو يحدث بسبب اختلال التواصل بين الدماغ وأجزاء الجسم بسبب الكحول؛ ما يجعل الكلام وتنسيق الحركة أكثر صعوبة، ويعد السبب الرئيسي لضرورة تجنب القيادة بعد شرب الكحول.

قد يسبب الكحول مع مرور الزمن ضررًا في الجهاز العصبي المركزي، ويسبب الشعور بالتنميل والخدر في اليدين والقدمين.

قد يؤثر الكحول أيضًا في القدرة على تكوين الذكريات طويلة المدى، والتفكير بوضوح، واتخاذ قرارات عقلانية، وضبط المشاعر.

إضافةً إلى أنه قد يسبب ضررًا في الفص الجبهي المسؤول عن وظائف الدماغ التنفيذية، مثل التفكير التجريدي واتخاذ القرارات والسلوك الاجتماعي والأداء.

يؤدي شرب الكحول المزمن أيضًا إلى أضرار دائمة في الدماغ، مثل متلازمة متلازمة فيرنيك-كورساكوف التي تؤثر في الذاكرة.

 الجهاز الهضمي:

قد لا تبدو العلاقة بين شرب الكحول والجهاز الهضمي واضحةً في بادئ الأمر، ولا تظهر التأثيرات عادةً إلا بعد حدوث الضرر بالفعل، وهي تتفاقم مع الاستمرار في الشرب.

قد يؤذي الكحول أنسجة الجهاز الهضمي، ما يمنع الأمعاء الدقيقة من هضم الطعام وامتصاص المغذيات والفيتامينات كما ينبغي، ويؤدي في نهاية المطاف إلى سوء التغذية.

يسبب الإفراط في شرب الكحول أيضًا الغازات والانتفاخ والشعور بالامتلاء في البطن والإسهال أو ألم التبرز والتقرحات أو البواسير نتيجة الجفاف والإمساك.

تسبب التقرحات أحيانًا نزيفًا داخليًا خطيرًا، ما قد يؤدي بدوره إلى الموت في حال عدم تشخيصه وعلاجه بسرعة.

 الجهاز الدوري:

يؤثر شرب الكحول المزمن في القلب والرئتين، ما يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب، وتتضمن المشكلات الناجمة عن شرب الكحول في الجهاز الدوري ارتفاع ضغط الدم، وعدم انتظام نبضات القلب، وصعوبة ضخ الدم في أنحاء الجسم، والسكتة الدماغية، والنوبة القلبية، وقصور القلب.

إلى جانب أن اضطراب امتصاص الفيتامينات والمعادن في الجهاز الهضمي قد يسبب فقر الدم والإرهاق.

 الصحة التناسلية والجنسية:

يحث الكحول على التصرف دون تفكير، من ثم قد يفترض بعض الأشخاص أنه يزيد المتعة في ممارسة العلاقة الحميمة، ولكنه في الواقع قد يمنع إنتاج الهرمونات الجنسية، ويقلل الرغبة الجنسية، ويسبب مشكلات في الانتصاب وصعوبةً في الوصول إلى النشوة.

إلى جانب أن الإفراط في شرب الكحول قد يؤثر في الدورة الشهرية ويزيد خطر الإصابة بالعقم.

 الجهاز العضلي الهيكلي:

يضعف شرب الكحول المزمن كثافة العظم، ما يسبب هشاشة العظام ويزيد عرضة الإصابة بالكسور عند الوقوع ويبطئ التئام العظام المكسورة. يؤدي الكحول أيضًا إلى ضعف العضلات والشد العضلي ويسبب في نهاية المطاف ضمور العضلات.

 الجهاز المناعي:

يضعف الكحول جهاز المناعة ويزيد عرضة الإصابة بالأمراض المعدية، وقد لوحظ أن الذين يفرطون في الشرب على مدى فترة طويلة من الزمن يواجهون خطرًا أكبر للإصابة بالتهاب الرئة والسل مقارنةً بعامة الناس، إذ تنسب وكالة الصحة العالمية 8.1% من حالات السل عبر العالم إلى شرب الكحول.

علاوةً على ذلك، يزيد الكحول خطر الإصابة بالسرطان، ولا سيما سرطانات الفم والحنجرة والثدي والمريء والقولون والكبد، ويتضاعف خطر الإصابة بسرطانات الفم والحنجرة عند شرب الكحول مع التدخين.

 التأثيرات النفسية:

قد تؤثر التغيرات الدماغية الناجمة عن الكحول في الذاكرة والتركيز، والتحكم في الغرائز، إلى جانب المشاعر والمزاج والشخصية.

يؤثر شرب الكحول أيضًا في الصحة النفسية عمومًا، وذلك غالبًا لأنه يفاقم أعراض بعض الاضطرابات النفسية، مثل القلق والاكتئاب واضطراب ثنائي القطب.

 الاضطرابات النفسية المرتبطة بالكحول:

يسبب الكحول ظهور أعراض نفسية تحاكي أعراض الاضطرابات النفسية، وهو قد يؤدي إلى الإصابة باضطراب ثنائي القطب، والذهان، واضطرابات النوم، والاكتئاب، والقلق. بيد أنه لا تُلاحظ هذه الاضطرابات سوى في أثناء الثمالة أو الانسحاب الكحولي، وسرعان ما تتحسن الأعراض عند التوقف عن الشرب.

نصائح لشرب الكحول بأمان:

لا توجد طريقة لشرب الكحول بأمان تام، لكن تساعد بعض الأساليب على تقليل مخاطر الكحول، ومن ضمنها:

  •  تناول الطعام قبل الشرب لإبطاء الثمالة.
  •  شرب الكثير من الماء بمعدل كأس واحد مقابل كل كأس من الكحول.
  •  الإبطاء في الشرب لإتاحة الوقت للجسم كي يستوعب الكحول، إذ لا يستطيع الكبد معالجة الكحول بمعدل أعلى من 29 ملليلتر تقريبًا كل ساعة.
  •  تجنب خلط الكحول مع الأدوية والمواد الأخرى مثل الكافيين، إذ يخفي الكافيين تأثيرات الكحول المثبطة، ما يزيد الرغبة في شرب كمية أكبر من المعتادة.
  •  الامتناع عن قيادة السيارة تحت تأثير الكحول بصرف النظر عن الشعور باليقظة، إذ قد لا يزال هناك كحول في الجسم يؤثر في سرعة الاستجابة.

اقرأ أيضًا:

إدمان الكحول (الكحولية): الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

أعراض الانسحاب: ما الآثار الجسدية والعقلية بعد توقف الشخص عن استخدام مادة ما؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق:بدور مارديني

المصدر