المناعة ضد ال HIV: الفروقات الجينية والإنزيمات المضادة للفيروسات تفسر ذلك.
مع بعض الفيروسات، حتى الأنواع المدمرة منها كالـHIV والإيبولا، بعض الأشخاص يتعرضون لها وبشكل متكرر ولكن بطريقة ما لا يتعرضون للإصابة ولا تظهر عليهم عوارض المرض. لطالما تساءل الأطباء عن السبب وراء ذلك، خصوصًا في حالة الـHIV. والآن، استطاع فريق من الباحثين الإجابة عن السؤال. عندما قام الباحثون في جامعة مينيسوتا بدراسة الـHIV-1، اكتشفوا أن بعض الأشخاص يملكون اختلاقًا جينيًا معينًا، APOBEC3H، الذي ينتج بروتينًا مضادًا للفيروسات الارتجاعية ويمنع استنساخ الـHIV.
وبحسب د. روبن هاريس (Dr. Reuben Harris)، بروفيسور في قسم الكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الجزيئية والفيزياء الحيوية: «من ضمن الاختلافات في التعدد السكاني، نملك سبع جينات APOBEC3H». وأضاف: «هناك سبع جينات APOBEC3H مختلفة، إن صنفناها إلى مجموعة تنتج بروتينًا مستقرًا، وأخرى تنتج بروتينًا غير مستقر، سنجد بأن تلك المستقرة تستطيع الصمود أمام بعض أنواع الHIV».
عامل العدوى الفيروسية (viral infectivity factor):
غالبًا ما يتم وصف الفيروسات كطفيليات لا تستطيع التكاثر أو البقاء لوحدها، ولذلك فهي بحاجة لمضيف. وفي حالة فيروس نقص المناعة البشري، فمضيفها الذي اختارته هو خلايا T الليمفاوية الموجودة في الجهاز المناعي. بعد السيطرة على الآلية الجزيئية في خلايا T، يقوم الفيروس بمضاعفة نفسه ومن ثم بتدمير مضيفه. إن ذلك يدمر الجهاز المناعي ولذلك فالأشخاص المصابون بالـHIV يصبحون أكثر عرضة للإصابة بأي مسبب للمرض يحاول غزو جسمهم، ومن بينها أمراض كالسرطان.
على أن هذه الوصف مبسط بطريقة ما. إن خلايا T الليمفاوية تملك آليتها الدفاعية الخاصة المتمثلة بشكل بروتينات مضادة للفيروسات الارتجاعية (antiretroviral protein) التي تنتجها جينات الـAPOBEC3H. وبالمقابل يمتلك فيروس الHIV آلية دفاعية مضادة، وهو بروتين يسمى «عامل العدوى الفيروسية viral infectivity factor) VIF)» والذي يقوم بخداع خلايا T الليمفاوية فتقوم بتدمير إنزيمات الـAPOBEC3H.
في هذه الدراسة، قرر فريق من الباحثين بقيادة هاريس وطالب الدكتوراه إريك ريفسلاند (Eric Refsland) بمعاينة هذه التفاعلات عن قرب. وقاموا بوضع نظرية بأن المستويات المختلفة من العرضة للإصابة بالـHIV قد تكون مرتبطة بالاختلافات في الجين المنتج لهذا البروتين المضاد للفيروسات الارتجاعية.
لاختبار نظريتهم، اكتشف هاريس وزملاؤه أولًا بأن الإصابة بالـHIV-1 تزيد بروتينات ال APOBEC3H، الأمر الذي سيأخذ حجم كبير في هذه النظرية. وبعد ذلك، يقول هاريس: «قمنا بأخذ سلالات من الـHIV، واكتشفنا الأحماض الأمينية اللازمة لمواجهة الـAPOBEC3H». لقد تم ذلك عبر خلق مسبر (probe) معدل لاختبار مدى أهمية البروتين المستقر مقارنة بغير المستقر عند مقاومة الإصابة بالHIV.
وبحب هاريس: «هذا هو المفتاح، إن لم نستطع إنتاج هذه المسبارات المعدلة, سيكون من الصعب تحليل بيانات الخلية».
بعد خلق المسبارات الضرورية، استخدم فريق البحث خلايا من متبرعين، ووجدوا أشخاصًا مختلفين مع اختلافات جينية في الـAPOBEC3H تنتج بروتينًا مضادًّا للفيروسات الارتجاعية أكثر قوة واستقرارًا. وجد الباحثون أن هذه الاختلافات المستقرة نجحت بإعاقة قدرة الـHIV-1 على مضاعفة نفسه في الحالة التي تكون فيها سلالة الـHIV تملك نسخة ضعيفة من الـVIF.
لسوء الحظ، عندما كان الـHIV-1 يملك نسخة قوية من الـVIF، خسرت البروتينات الدفاعية، حتى القوية والمستقرة منها معركتها أمامه.
يأمل هاريس وزملاؤه إيجاد طرق لإيقاف الـVif من إلحاق الضرر بإنزيمات الـAPOBEC3H. وبحسب هاريس: «يستطيع المرء تخيل عقار يمنع الـVif من الارتباط بالـAPOBEC3H»، وبالاعتقاد بكونها طريقة فعالة لقتل الـHIV، يسعى هاريس وزملاؤه لتفعيلها عند الأشخاص المصابين. هذه المقاربة قد تخمد الفيروس إلى أجل غير مسمى وتوقف تضاعفه، وقد ينتج عنها شفاء الـHIV.