تزيد عرضة النساء إلى الإصابة بالاكتئاب والقلق مقارنةً بالرجال، وتشير دراسة جديدة إلى أنه قد يكون هناك سبب بيولوجي وراء هذا الفارق بين الجنسين.

يقول باحثو الدراسة: «أجرينا دراستنا على الجرذان، واكتشفنا أن الإناث أكثر حساسية للمستويات المنخفضة من هرمون مهم في التوتر وأقل قدرةً على التكيف مع مستوياته المرتفعة مقارنةً بالذكور. وبما أن الجهاز العصبي لدى الجرذان يتشابه مع نظيره لدى الإنسان، فإن هذه الدراسة قد تأتي بانعكاسات للبشر، رغم أن القلق لديهم أكثر تعقيدًا منه لدى الجرذان».

تقول باحثة الدراسة الحديثة وعالمة الأعصاب السلوكية ريتا فالنتينو: «أدرك العلم منذ وقت طويل أن معدل الإصابة بالاكتئاب وتوتر ما بعد الصدمة واضطرابات القلق الأخرى أكثر ارتفاعًا لدى النساء، بيد أن العلماء لم يكتشفوا الآليات البيولوجية الكامنة وراء الاختلاف بين الجنسين».

تمحورت دراسة فالنتينو حول هرمون يُفرز في الدماغ عند الاستجابة للتوتر لدى البشر والجرذان يسمى العامل المطلق لموجهة القشرة (CRF)، وهو ناقل عصبي يساعد على تبادل الإشارات بين خلايا الدماغ، إذ ترسل بعض الخلايا العصبية العامل المطلق لموجهة القشرة، في حين يحتوي البعض الآخر على مستقبلات مخصصة لاستقباله.

حلل فريق الدراسة أدمغة الجرذان في أثناء استجابتها للتوتر الناجم عن اختبار سباحة مصمم لتحفيز إفراز هرمون العامل المطلق لموجهة القشرة.

لاحظ الباحثون أن مستقبلات الهرمون في الخلايا العصبية لدى الإناث ارتبطت به بقوة أكبر مقارنةً بمستقبلات الذكور، ما جعلها أكثر استجابةً للهرمون.

فضلًا عن ذلك، أظهر الذكور استجابةً تكيفية في أدمغتهم تسمى “الاستبطان” بعد تعرضهم إلى القلق، إذ قللت خلاياهم عدد مستقبلات العامل المطلق لموجهة القشرة ثم أصبحت أقل استجابةً له، في حين أن هذه الظاهرة لم تحدث لدى الإناث.

تقول فالنتينو: «أجريت هذه الدراسة على الحيوانات، فلا نستطيع أن نقول إن هذه الآلية البيولوجية تحدث أيضًا لدى البشر، لا سيما بوجود آليات أخرى تساهم في استجابة البشر للتوتر مع تأثير هرمونات أخرى، بيد أن الباحثين يعلمون بالفعل أن نظام العامل المطلق لموجهة القشرة يتعرض إلى اختلال في الاضطرابات النفسية المرتبطة بالقلق، لذا فقد تكون نتائج هذه الدراسة قريبة من الآلية البيولوجية الكامنة لدى البشر».

في هذا الصدد، لم تستخدم معظم البحوث السابقة عن اضطرابات القلق في النماذج الحيوانية سوى جرذان ذكور، ما يعني أن الباحثين لم يكتشفوا على الأرجح الفروق المهمة بين الجنسين.

قالت فالنتينو: «ينبغي على علماء الأدوية الذين يبحثون عن مضادات للعامل المطلق لموجهة القشرة بغرض استخدامه علاجًا للاكتئاب، وضع الفروق الجنسية على المستوى الجزيئي في عين الاعتبار».

نُشرت نتائج الدراسة مؤخرًا في Molecular Psychiatry.

اقرأ أيضًا:

القلق مقابل الاكتئاب: هل أعاني من أحدِهما أو كليهما؟

ما الفرق بين نوبة الهلع ونوبة القلق؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر