أشارت دراستان جديدتان مؤخرًا إلى عوامل خطر قد تُتَّهم بتطوير إصابة مزمنة بفيروس كورونا مثل السكري وأمراض المناعة الذاتية، إذ يعاني المصابون بفيروس كورونا طويل الأمد التعبَ وصعوبة التنفس وأعراضًا أخرى منهكة تستمر عدّة أسابيع أو أشهر بعد العدوى بفيروس سارس-كوف-2 (SARS-COV-2).
وفقًا لأحد التوقعات، ستستمر الأعراض ستة أشهر لدى ما يقارب 60% من المصابين بكوفيد-19، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم حتى في الإصابات التنفسية الخفيفة وما يزال السبب غامضًا.
حدد الباحثون في دراسة نشرت في مجلة سل Cell في 24 يناير -شملت 200 مريض تُوبعوا لمدة شهرين أو ثلاثة- أربعةَ عوامل بيولوجية مرتبطة بتطوير إصابة مزمنة بفيروس كورونا، ويمكن بمعرفتها الباكرة علاج الإصابة والحد من إزمانها ومن عواقب المرحلة الحادة.
العامل الأول هو مستوى الحمض النووي الريبوزي RNA في الدم حالَ التشخيص الذي يرتبط بحسب الباحثين بشدة الإصابة، والعامل الثاني هو الأضداد الذاتية التي تهاجم جسد المريض ذاته.
العامل الثالث هو إعادة تفعيل فيروس إبشتاين بار (EBV)، وهو فيروس شائع غير مؤذٍ نسبيًا أصيب به معظم البشر في مرحلة باكرة من حياتهم، أما العامل الأخير فهو النمط الثاني من الداء السكري.
بعض نتائج الدراسات المجراة بهذا الخصوص:
صرّح جيم هيث أخصائي في الأمراض المعدية ورئيس معهد البيولوجيا في سياتل لصحيفة نيويورك تايمز: «تؤكد الأبحاث أهمية إجراء الاختبارات باكرًا لمعرفة كيفية العلاج حتى في غياب الاستفادة الكاملة من النتائج. شملت الدراسة عشرين عرضًا من أعراض الإصابة المزمنة بفيروس كورونا بما فيها التعب وغياب الوعي والقصور التنفسي، وقد تبين أن الأضداد الذاتية هي العامل الأكثر تأثيرًا لدى 95% من المرضى ذوي ثلاثة أعراض أو أكثر».
وجد الباحثون في دراسة أخرى نُشرت في مجلة نيتشر جسمًا مضادًا يرتبط بأعراض الإصابة المزمنة بكوفيد-19.
درس البحث بدايةً عينات دموية لدى 175 مُصابًا بفيروس سارس-كوف-2 و40 شخصًا غير مصاب.
حلل الباحثون مستويات الأضداد خلال فترة الإصابة وتابعوا 134 مصابًا لسنةٍ لاحقة مع جمع عيناتٍ دموية إضافية كل ستة أشهر إلى سنة إضافًة إلى توثيق الأعراض، ولاحظ الباحثون وجود ضدين جوالين في الدم بعد الإصابة هما IgM وIgG، إذ ترتفع مستويات IgM سريعًا ما يساعد في مقاومة فيروس كورونا بينما ترتفع مستويات IgG لاحقًا ما يساهم في المناعة طويلة الأمد.
كذلك وجد الباحثون -لدى مقارنة الأضداد في عينات دم المرضى المزمنين- مستوياتٍ منخفضة من IgM ومستوياتٍ أخفض من IgG3 تستمر مدة 6-12 شهرًا، بالمقارنة مع الأشخاص المتعافين تمامًا.
يمكن لمستويات الأضداد ولعواملَ أخرى كالربو والعمر أن تساعد في معرفة ما إذا كان عامل خطورة الإصابة المزمنة منخفضًا أو معتدلًا أو مرتفعًا.
وقد تبينت صحة ذلك عبر دراسة حشدية شملت 395 مصابًا مشخصًا بسارس-كوف-2 توبعوا لمدة ستة أشهر بعد التشخيص وكانت النتائج مساعدة.
قال أونور بويمان الأستاذ المساعد وبروفيسور علم المناعة في مستشفى زيورخ الجامعي لصحيفة الغارديان: «عمومًا، ستساعد نتائج هذه الدراسة ومعرفة الغلوبولين المناعي المسؤول على تحديد المرضى ذوي الخطر المتزايد للإصابة بفيروس كورونا طويل الأمد، وسيسهّل ذلك البحثَ والفهم والعلاج».
رغم ذلك، لا يمكن لاختبار الأضداد أن يتنبّأ بخطر الإصابة طويلة الأمد قبل حدوث الإصابة ذاتها، لكنّ المصابين بالربو مع مستويات منخفضة من الأضداد IgM و IgG3 في خطر متزايد للإصابة المزمنة.
يمكن الحد من إزمان الإصابة بتحسين العناية بالمصابين بفيروس كورونا، إضافةً إلى تشجيع المجموعات عالية الخطورة مثل مرضى الربو على تلقي اللقاح.
يبيّن الباحثون في مجلة سل Cell أن المستويات المرتفعة من الأضداد الذاتية قد ترتبط بمستويات منخفضة من الأضداد اللازمة لمقاومة العدوى ما يجعل المصابين بأمراض المناعة الذاتية أكثر عرضة للنكس.
وتقترح دراستان إضافيتان انخفاض خطر الإصابة المزمنة بفيروس كورونا بعد اللقاحات، فقد شملت الدراسة الأولى نحو ثلاثة آلاف شخص، وبينت أن خطر الإصابة طويلة الأمد قد انخفض بشكلٍ ملحوظ لدى متلقّي اللقاح بالكامل قبل الإصابة بفيروس سارس-كوف-2، بينما أجرى مكتب الإحصائيات الوطني في المملكة المتحدة الدراسةَ الثانية وشملت ستة آلاف شخص مفادها انخفاض احتمالية الإصابة المزمنة بنسبة 41% بعد التلقيح.
اقرأ أيضًا:
كوفيد-19 مستمر إلا أن نهاية الجائحة باتت قريبة
هل يؤثر لقاح كوفيد-19 في الدورة الشهرية للنساء؟
ترجمة: ليال يوسف
تدقيق: هاجر التُّهامي