يُعرّف اضطراب اللغة التطوري بأنه تغيرات تؤثر في كيفية فهم المرء للّغة واستخدامه لها. تبدأ أعراض اضطراب اللغة خلال فترة الطفولة، وتستمر حتى البلوغ.
اضطراب اللغة التطوري هو اضطراب في اللغة وليس في التعلم. مع ذلك، يترافق اضطراب اللغة التطوري باضطرابات التعلم مثل عسر القراءة، وعسر الكتابة، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. لا تترافق الإصابة باضطراب اللغة التطوري عادةً بفقدان السمع.
يعد كثير من مقدمي الرعاية الصحية اضطراب اللغة التطوري اضطرابًا خفيًا، لعدم وضوح أعراضه في معظم الحالات. قد يتظاهر اضطراب اللغة التطوري بين الأطفال بصورة اضطراب في التعلم أو السلوك.
يواجه مرضى اضطراب اللغة التطوري بعض التحديات التي لا يعلم بها محيطهم، وقد تؤثر هذه التحديات في حيواتهم الأكاديمية والعاطفية والاجتماعية. قد يشعر بعض المرضى بأنهم لا يستطيعون استدعاء الكلمات المناسبة، ويواجه آخرون منهم صعوبات في اتباع التعليمات والاتجاهات، وقد يضيّع بعض منهم أقسام من الحديث في محاولة للتركيز على ما سيقولونه والطريقة التي سيقولونه بها، ما قد يسبب الإحباط والاستياء. قد تساعد الأساليب العلاجية على تعليم المرضى القدرات التي ينبغي عليهم امتلاكها للنجاح في الحياة الاجتماعية والأكاديمية.
ما مدى شيوع اضطراب اللغة التطوري؟
اضطراب اللغة التطوري أحد أكثر الاضطرابات التطورية شيوعًا، إذ يصيب نحو 7% من الأطفال في الولايات المتحدة. أي إنه في قاعة مدرسية تحوي 28 طالبًا، يُحتمل أن اثنين من الطلاب مصابان باضطراب اللغة التطوري. هذه الحالة المرضية أكثر شيوعًا من اضطراب طيف التوحد بنحو خمس أضعاف.
يشيع تشخيص اضطراب اللغة التطوري في سن الخامسة.
ما أعراض اضطراب اللغة التطوري؟
يعاني مرضى اضطراب اللغة التطوري صعوبات في فهم اللغة واستخدامها، يشمل ذلك كلًا من طرق التواصل الكلامي والكتابي.
تتضمن أعراض اضطراب اللغة التطوري بين الأطفال والبالغين صعوبات في كل من:
- الإجابة عن الأسئلة.
- الشعور بالارتياح في التجمعات.
- توضيح أفكارهم وشرحها.
- إيجاد الكلمات المناسبة، إذ يشعر المريض بأن الكلمات موجودة لكنه لا يستطيع استذكارها وقت حاجته إليها.
- اتباع الإرشادات والاتجاهات.
- الحفاظ على تركيزهم.
- تعلم كلمات جديدة.
- التعامل مع محيطهم وأقرانهم.
- سرد القصص بطريقة منظمة ومباشرة.
يعاني المرضى البالغين تحديدًا والمصابون باضطراب اللغة التطوري أيضًا صعوبات في ما يلي:
- استيعاب ما يقرؤونه.
- فهم اللغة الرمزية المجازية.
- استخدام الجمل المعقدة ضمن حديثهم.
إضافةً إلى ما سبق، يُعد مرضى اضطراب اللغة التطوري أكثر عرضةً لمواجهة مشكلات في حل المسائل الرياضية بأربعة أضعاف.
ما أسباب اضطراب اللغة التطوري؟
لا تملك معظم حالات الإصابة باضطراب اللغة التطوري قصة مرضية واضحة. مع ذلك، تساهم بعض عوامل الخطر فيها. يُعرّف عامل الخطر بكونه عاملًا يزيد من احتمالية إصابة الفرد بمرض معين.
تشمل عوامل خطر الإصابة باضطراب اللغة التطوري كلًا من:
الجينات والوراثة: تزيد احتمالية إصابة المرء باضطراب اللغة التطوري إذا جمعته صلة عائلية بفرد آخر مصاب بهذا الاضطراب، مثل أحد الوالدين، أو الأجداد، أو الإخوة، وقد ينتج أيضًا عن تغيرات جينية تلقائية تُعرف باسم الطفرات.
البيئة: يواجه الأطفال الذين يعانون نقصًا في مادة الثيامين ارتفاع خطر إصابتهم باضطراب اللغة التطوري. ويعد الأطفال الخدج أو ذوي الوزن المنخفض عند الولادة أكثر عرضة لتطور صعوبات اللغة لديهم لاحقًا.
عوامل تطورية أخرى: قد تؤثر بعض الاضطرابات، مثل عسر القراءة واضطراب طيف التوحد، في قدرة الطفل على التكلم والتواصل مع الآخرين. ففي بعض الحالات، يصاب البعض باضطراب اللغة التطوري المترافق مع عسر القراءة، أو اضطراب اللغة التطوري المترافق مع اضطراب طيف التوحد.
اضطراب اللغة التطوري وازدواجية اللغة:
لا يسبب تعلم أكثر من لغة الإصابة باضطراب اللغة التطوري، إذ يتشابه منحنى التعلم غالبًا بين الأطفال المصابين باضطراب اللغة التطوري ممن يتحدثون لغة واحدة، مع غيرهم ممن يتحدثون لغتين.
يظن بعض الأهالي ممن يتقنون لغتين مختلفتين أن أطفالهم قد يواجهون صعوبة في ذلك، ما من أدلة تدعم هذه الفكرة بل العكس تمامًا، إذ ينصح مقدمو الرعاية الصحية بذلك.
يعد استخدام أفراد العائلة ممن يجيدون لغتين لكليهما أمام الطفل أمرًا مهمًا، إذ إن تعلم لغة واحدة فقط يقدم فرصًا أقل للطفل في مجال التواصل مع غيره مستقبلًا.
كيف يُشخص اضطراب اللغة التطوري؟
يقيّم مختص أمراض النطق واللغة القدرات اللغوية للطفل. يجري الطبيب خلال الاستشارة كلًا من:
- سؤال الطفل عن بعض التجارب التي مر بها.
- إجراء اختبارات للسمع والرؤية.
- إجراء اختبارات كتابية أو لفظية للطفل.
- التواصل مع أهل الطفل، أو الأوصياء عليه، أو أساتذته.
- مراقبة ردات فعل الطفل ضمن التجمعات والأنشطة الاجتماعية.
كيف يعالج اضطراب اللغة التطوري؟
يشرف عادةً مختص في أمراض النطق واللغة على الطفل المصاب باضطراب اللغة. يعتمد نوع العلاج على الوضع الخاص لكل مريض ونوع التحديات التي يواجهها.
قد تساعد أساليب علاج اضطراب اللغة التطوري الأطفال المصابين به على:
- بناء قدراتهم الاجتماعية وتطويرها.
- فهم اللغات بوضوح.
- تحسين قدراتهم على القراءة والتحدث والكتابة.
- تنظيم المعلومات التي يستقبلونها.
- فهم الإرشادات والتوجيهات واتباعها اتباعًا صحيحًا.
قد يساعد الاختصاصي في أمراض النطق واللغة الطفل المريض باضطراب اللغة التطوري في بعض الحالات على التأهل للحصول على بعض الخدمات المدرسية، مثل:
- خطة دراسية مخصصة له تحديدًا.
- العلاج المدرسي بأنواعه، النطقي أو الجسدي أو الوظيفي أو السلوكي.
- المساعدة والعلاج الشخصي، أي بين مقدم الرعاية الصحية والطفل المريض فقط.
هل تمكن الوقاية من اضطراب اللغة التطوري؟
لا تمكن الوقاية من الإصابة باضطراب اللغة التطوري، لعدم قدرة المرء على تجنب عوامل الخطر التي قد تسببه. ينصح الأهل بالتركيز على تقوية قدرات طفلهم، وتلبية احتياجاته، إضافةً إلى استشارة طبيب اختصاصي في أمراض الأطفال إذا راودتهم بعض الشكوك. قد يحوّل طبيب الأطفال الأهل إلى طبيب مختص في أمراض النطق واللغة ليجري بعض الاختبارات ويصف العلاج الأنسب للطفل.
ماذا يتوقع مرضى اضطراب اللغة التطوري؟
يواجه مرضى اضطراب اللغة التطوري صعوبات كثيرة في حياتهم. مع ذلك، يفيد العلاج في تنمية قدرات تواصل سليمة لديهم وتقويتها. تعد مرحلة الطفولة السن المفضلة لتلقي العلاج، إلا أن التداخل العلاجي في أي مرحلة من مراحل الحياة لا يقدر بثمن.
قد يزيد اضطراب اللغة التطوري حال عدم علاجه من التحديات والعقبات في طريق مرضاه، خاصةً من النواحي المهنية والعاطفية والاجتماعية. قد يرسب بعض التلاميذ المصابين بالاضطراب في صفوفهم الدراسية، في حين قد يواجه البالغون منهم صعوبات في إيجاد وظيفة أو الحفاظ عليها والالتزام بها.
متى يُنصح باستشارة الطبيب؟
عند الشك في إصابة الطفل باضطراب اللغة التطوري، قد يطلب الأهل من مقدم الرعاية الصحية تحويله إلى طبيب اختصاصي في أمراض اللغة والنطق. من المهم التشخيص والتدخل العلاجي المبكر. قد يوضح الاختصاصي للأهل بعض المعالم التطورية للطفل موصيًا بخطة علاجية مخصصة للمريض.
يؤدي العلاج دورًا فعالًا للغاية، بصرف النظر عن عمر البدء به. ينصح البالغون الذين يواجهون صعوبات لغوية ونطقية بالتواصل مع مقدم الرعاية الصحية.
خاتمة:
قد يؤثر اضطراب اللغة التطوري في قدرات الطفل وأدائه المهني، إضافةً إلى صحته العاطفية والنفسية. قد يواجه الأطفال المصابون باضطراب اللغة التطوري بعض الصعوبات عند تعرفهم على أصدقاء جدد مقارنةً بأقرانهم السليمين، إذ إنهم غالبًا ما ينعزلون عن المواقف الاجتماعية بسبب شعورهم بالخجل الشديد أو الإحراج. يُنصح الأهل باستشارة طبيب مختص عند ملاحظة أي مشكلات في علاقات الطفل الاجتماعية أو طريقة نطقه أو لفظه. يعد التشخيص المبكر أفضل خيار، إلا أن العلاج خلال أي مرحلة من مراحل الحياة له آثار إيجابية في حياة المريض.
اقرأ أيضًا:
كيف تغير اللغة الأصلية بنية الدماغ؟
كيف تغير اللغة الأصلية بنية الدماغ؟
ترجمة: رهف وقاف
تدقيق: نور حمود